نصف قرن مر على المجزرة الفرنسية المرتكبة بوحشية بالغة ضد الجزائريين بقلب باريس في 17 أكتوبر 61، ولازال الوضع يراوح مكانه دون اعتراف واعتذار.. استمر الوضع على حالته، رغم الاصوات المرتفعة هنا وهناك بما فيها في فرنسا، تؤكد بالملموس ان ما حدث في هذا الظرف الحاسم من تاريخ الجزائر التحرري، جريمة دولة تعاقب عليها التشريعات في مشارق الأرض ومغاربها، ولا تتركها حدثا معزولا، يسقط بالتقادم. نبه لهذا الوضع مؤرخون كثيرون أصحاب مؤلفات شرحت الجريمة الشنعاء المنفذة بوحشية ضد جزائريين انتفضوا على الخوف، وخرجوا لتكسير الجدار والحصار من أجل الحرية والكرامة. نبه لهذا الوضع ساسة فرنسيون صارخين بملء الفم أن مجزرة 17 أكتوبر أكبر من أن تخلد على الدوام بكلمات وخطب تذكر الملأ بما حدث في هذا الظرف الحاسم المتغير. وهي لن تذكر بالتجمع أمام اللوحة التذكارية للمجازر المنصبة على جسر سان ميشال على ضفة السين الشاهد الحي على الجريمة والابادة، هي لن تذكر بتبادل الذكريات الحارقة، والشهادات عن تصرف البوليس الفرنسي الوحشي والشهادات عن تصرف البوليس الوحشي بأمر من موريس بابون السفاح، ضد الجزائريين المسالمين المنتفضين من أجل كسر حظر التجول بباريس، والتحرك بارادة دون املاءات فرنسا الاستعمارية التي تعيش الهزائم على يد جيش وجبهة التحرير الجزائرية هي لن تذكر بهذه الممارسة التقليدية المنتهية بمجرد مرور الحدث، في انتظار تخليده العام المقبل بنفس الديكور والصورة، لكن تذكر بمزيد من الضغط على فرنسا الرسمية التي ترفض مبدأ الانسياق وراء الاعتراف بجرائمها في الجزائر على مدار سنين الاحتلال ومجزرة 17 أكتوبر إحدى واجهاتها السوداء. وما دامت فرنسا تسبح عكس التيار، وتخالف ما أقدمت عليه دول استعمارية أخرى في الاعتراف بالجرائم والاعتذار، يبقى هذا المطلب مرفوعا لدى الجزائريين الذين هم مقتنعون حتى الثمالة، بأن هذه الممارسات الابادية المحمولة في الذاكرة الجماعية والضمير الحي لن تسقط بالتقادم إلى أن يبعث الله الأرض ومن عليها!