يأتون إلى البطولة الجزائرية باعتبارها البوابة الرئيسية التي ينفذون منها إلى البطولات الأوروبية وتحقيق حلم الاحتراف الذي راودهم لسنين طويلة في أدغال إفريقيا التي يتعلمون فيها أبجديات الكرة. ورغم هذا، فمنهم العديد القليل الذي نجح وبرز في البطولة الوطنية وظفر بعقد احترافي في بعض النوادي الأروبية، التي تنشط في القسم الثاني وهؤلاء لا يكادون يعدون على أصابع اليد الواحدة. ممادو ديالو القدوة .. لو سألت أبسط مناصر تابع البطولة الوطنية خلال السنوات العشر الأخيرة عن أفضل لاعب إفريقي نشط بها سيجيب بكل بساطة بأنه المالي ممادو ديالو، اللاعب السابق لاتحاد العاصمة الذي تألّق بشكل لافت وتمكّن من خطف أنظار أحد أعرق الأندية الفرنسية وهو نادي نانت الذي كان ينشط آنذاك في الليغ 1، وواصل هناك تقديم عروضه الممتازة إلى أن أصبح قطعة أساسية في تعداد منتخبه الوطني وكذلك في ناديه الذي حمل فيه شارة القيادة في سنواته الأخيرة به. ولهذا كان ديالو بمثابة قدوة أي لاعب يأتي من إفريقيا بغية الإحتراف في الجزائر، وكل واحد يعبر بمجرد إمضاء عقده على حلمه في الاحتراف. وهناك لاعبين أفارقة أمثال ديالو تمكنوا من ترك بصماتهم في النوادي الجزائرية على غرار الكاميروني بينيا الذي كان يلعب لمولودية وهران وتمكّن من الاحتراف في النادي البرتغالي العريق بنفيكا، وحجز مكانة مع رفقاء ايتو مع منتخب الأسود غير المروضة . كما تمكّن لاعب الوفاق السابق المالي سليمان كايتا من الالتحاق بنادي اجاكسيو الفرنسي بعد تألقه في الموسم الذي حاز فيه أبناء الفوارة على كأس العرب في طبعتها الجديدة، ونفس الشيء مع اديكو ريمي الذي تنقّل إلى مصر ولعب لنادي الزمالك، دون نسيان الهداف السابق للبطولة الوطنية مع شبيبة القبائل شيخ عمر دابو الذي ترك أثرا خالدا في تاريخ هدافي الدوري المحلي، باعتباره الأجنبي الوحيد الذي نال هذا اللقب والتحق فيما بعد بالقسم الثاني الفرنسي. وهناك آخرين تمكنوا ترك سمعة طيبة لدى الأنصار الجزائريين لكن الحظ لم يحالفهم في إكمال بقية المشوار في النوادي التي تنشط في الجهة المقابلة للبحر الأبيض المتوسط. لاعبون لا تذكر أسماؤهم.. وفي مقابل هؤلاء المتألقون، مرّ على البطولة الجزائرية أفارقة من لا تذكر حتى النوادي التي تعاقدت معهم أسماءهم، ونفس الشيء بالنسبة للأنصار نظرا لكون هؤلاء لم يقدموا مستوى يسمح لهم بالبروز، ناهيك عن المئات الذين يفشلون في الاختبارات التجريبية. بالإضافة إلى الذين نالوا الكثير من الإشادة والثناء قبل التحاقهم، لكن بمجرد مرور المبارتين يتضحون أنهم لا يستحقون تقمص ألوان النادي، دون الحديث عن الأموال التي تذهب هباء والكل يتذكر سقطات اتحاد العاصمة مع أمثال هؤلاء، نذكر منهم ابوتا المهاجم الذي كلّف النادي مبلغ مالي كبير دون أن يقدم شيئا للنادي وتكرّر نفس الشيء هذا الموسم، حيث فشلت صفقة اللاعبين الماليين مايقا وديامونتيني. النوادي بدأت تصرف النظر عنهم .. ما لوحظ على النوادي الجزائرية في الأعوام الأخيرة، أن اهتمامها باللاعبين الأفارقة قلّ مقارنة بما كان عليه الأمر في السابق، وهذا تزامن مع القانون الجديد للفاف الذي حدد لاعبين لكل نادي، كما كان هذا التراجع نتيجة بروز المواهب الجزائرية وتألقها، كما أن الأفارقة لا يقدمون المستوى الراقي أو المتوقع منهم وما دام الاعتماد على واحد فقط أساسي، فالأفضل الاستثمار في اللاعبين المحليين أفضل بكثير، وما زاد من فلول نجم الأفارقة في الدوري الجزائري، هو عدم احترافهم في الخارج منذ سنوات، ماعدا الكاميروني نجونغ الذي انتقل إلى الترجي التونسي من شبيبة بجاية بداية هذا الموسم. الفرق الكبيرة مفتاح النجاح.. الأكيد أن نجاح اللاعبين الذين ذكرناهم في أعلى المقال لم يكون ليحترفوا أو ينجحوا لو لم يلتحقوا بأقوى النوادي الجزائرية على غرار الاتحاد والمولودية والوفاق السطايفي وشبيبة القبائل، فهؤلاء النوادي هم البوابة التي أوصلتهم إلى أوروبا أو إلى البطولات العربية الأخرى، لكن بعد نقصان الاستثمار الناجح في اللاعبين الأفارقة، أصبحت نوادينا تهدف إلى التعاقد مع لاعبين بارزين دون إخضاعهم للتجارب ودفع أموال كبيرة لجلبهم. كما تجدر الإشارة أيضا أن الأفارقة الذين ينشطون في باقي البطولات العربية أفضل من الذين يحترفون في الجزائر، وهذا ربما نظرا للفارق المادي الذي تدفعه فرق مثل الترجي والأهلى المصري لهؤلاء.