رغم أنهن تركن الجزائر مرغمات أو بإرادتهن، ووضعن رحالهن في بلد غير بلدهن، إلا أنهن ترعرعن على حب هذا الوطن، ليبقى محفورا في قلوبهن وذاكرتهن، ولم يجدن بدا من التعبير عما يختلج سريرتهن إلا بالقلم الذي وجدن فيه ملاذهن، ليعلنّ من وراء البحار أنهن أديبات ومبدعات جزائريات.. هي أسماء كثيرة رفعت راية الأدب الجزائري عاليا في المحافل الدولية، ليعرفن بإبداعات المرأة الجزائرية، وما يزخر به هذا الوطن من أقلام نافست كبار الأدباء من روائيين وقاصين وشعراء في عقر دارهم، ولم يتوانوا من خلال أعمالهن بالتعريف بالجزائر فروين وتغنين بتاريخها الحافل. فمن لا يعرف الروائية الكبيرة أحلام مستغانمي المستقرة حاليا في بيروت، والتي تعد رواياتها من أكثر المبيعات في العالم العربي، وهي من قال نزار قباني عن روايتها “ذاكرة الجسد” إنها “دوختني.. وأنا نادرا ما أدوخ أمام رواية من الروايات”، وهي الرواية التي أحرزت عنها مستغانمي جائزة نجيب محفوظ، حيث تروي بسالة الشعب الجزائري أثناء مقاومته للاستعمار الفرنسي. ووصفت اللجنة التي منحتها الجائزة المؤلفة أحلام مستغانمي بأنها “نور يلمع وسط هذا الظلام الكثيف، وهي كاتبة حطّمت المنفى اللغوي الذي دفع إليه الاستعمار الفرنسي مثقفي الجزائر”. وإلى جانب مستغانمي استقر المطاف بابنة شرشال فاطمة الزهراء أو “أسيا جبار” بفرنسا لتكون عضوة في أكاديمية اللغة الفرنسية، وأول جزائرية تنتسب إلى دار المعلمين في باريس، إلى جانب أول كاتبة عربية تفوز عام 2002 بجائزة السلام التي تمنحها جمعية الناشرين وأصحاب المكتبات الألمانية. أول أعمالها الروائية “العطش” كتبتها وهي لم تتجاوز العشرين من العمر، ثم رواية “نافذة الصبر”، وحين هاجرت إلى فرنسا كتبت رباعيتها الروائية المعروفة، اختارت شخصيات رواياتها تلك من العالم النسائي فمزجت بين الذاكرة والتاريخ من رواية “نساء الجزائر” إلى “ظل السلطانة” ثم “الحب والفنتازيا” و”بعيداً عن المدينة”. وفي أوج الأزمة التي عصفت بالجزائر خلال العشرية السوداء كتبت “الجزائر البيضاء” و”وهران... لغة ميتة” وغيرها من الروايات. رغم أنها كبرت وترعرعت في مدينة الجسور المعلقة، إلا أن فضيلة فاروق اختارت أن تواصل مسيرتها الأدبية في بيروت وسطرت لها مكانا وسط الأقلام والأدمغة التي تعج بها بيروت، حيث كونت شبكة علاقات كبيرة فتحت لها أبوابا في عالم الأدب. نشرت أعمالها “لحظة لاختلاس الحب” سنة 1997 و”مزاج مراهقة” سنة 1999 بدار الفرابي بيروت على نفقتها الخاصة، ثم كتبت تاء الخجل وأرادت أن ترقى بها إلى درجة أرفع، فطرقت بها أبواب دور نشر كثيرة في بيروت ولكنها رفضت. ظلت هذه الرواية بدون ناشر لمدة سنتين مع أنها ناقشت موضوع الاغتصاب في الجزائر خلال العشرية السوداء، وظلت الرواية تتجول وترفض إلى أن قدمتها لدار رياض الريسن وقرأها الشاعر والكاتب عماد العبد الله، الذي رشحها للنشر مباشرة، ودعم فضيلة الفاروق دعما قويا تشهد له هي شخصيا. وأهتم نقاد من الوزن الثقيل بالرواية مثل الكاتبة غادة السمان، والدكتور جابر عصفور الذي حرص على دعوتها لملتقى الرواية في القاهرة. وتعد اليوم فضيلة الفاروق من بين الروائيات العربيات المتميزات جدا، كونها تناقش قضايا هامة في المجتمع العربي، ولها آراء تنادي بتعايش الأديان، والمساواة بين الرجل والمرأة، وتدين الحروب بكل أنواعها. نشر لها بعد تاء الخجل “أقاليم الخوف” سنة 2010 وهي جميعها صادرة عن دار رياض الريس ببيروت ترجمت “تاء الخجل” إلى اللغتين الفرنسية والإسبانية، وترجمت مقاطع منها إلى الإيطالية..