هو واحد من أبرز الكتاب الجزائريين الذين تربعوا على عرش الإبداع الأدبي واحتلوا مكانة مرموقة في الوطن العربي بدليل المشاركة الفعالة في مسابقة أمير الشعراء التي تنظمها هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث سنويا بعد أن تم اعتماده كعضو بلجنة التحكيم وتحمل مسؤولية إتخاذ أحكام حتمية لتقرير مصير المتسابقين من جملة الشعراء والشاعرات الذين تقدموا لخوض هذه التجربة المتميزة. الأمر الذي دفع بالأديب الدكتور عبد المالك مرتاض للتغلغل أكثر في عالم الكتابة النثرية والشعرية وأصدر 8 روايات كاملة أثرت من رصيده الأدبي وجعلته يشرف على العديد من الشاعرات الجزائريات اللائي صرن يتمتعن بنجومية عربية كبيرة فكان لهن نعم الأستاذ في مشوارهن الأدبي وشهد نجاحاتهن على مختلف الأصعدة والميادين كلها عوامل ساعدت على إنارة درب هدا الأديب الذي لا زال يعطي الكثير للمكتبة الأدبية الجزائرية بدليل عدد المؤلفات التي أصدرها مؤخرا والتي كشفت عن نقاب هذا الكاتب وما يحمله من حب ومودة لبلاده بعد أن أخذ التاريخ الجزائري حصة الأسد من إبداعاته وكتاباته في الأونة الأخيرة فكانت تصريحاته حول الشعر النسوي بالجزائر بمثابة الضمادة الحقيقية لجراح عانت منها بعض الشاعرات والأقلام الصحفية وذلك بعد أن أفرغ بكل معطياته على صفحات الجريدة وقدم توضيحات موضوعية عن هذا الملف الذي طالما أرق النقاد وأثار التساؤلات . في بداية لقائنا، بدا أستاذنا مرتاحا جدا مما بعث في نفوسنا نوعا من الطمائنينة والإرتياح لأننا أخيرا سنتعرف على مكنونات العالم الجميل على لسان أكبر الأدباء الجزائريين وكلنا ثقة أنه سيروي ظمأنا. ويشبع فضولنا وربما يرشدنا إلى سبل صحيحة نقتنع بواقع الكتابات الشعرية النسوية ببلادنا فعشنا رفقته رحلة أدبية رائعة قادتنا لأحلام مستغانمي وزينب لعوج وغيرهن من الشاعرات اللائي كن تحت جناحه ليطرن بعدها بعيدا إلى سماء العالمية والشهرة ليواصل هذا الأديب مشواره في الكتابة ويخط بقلمه أسمى العبارات وأرقى الكلمات وينقل واقعا عاشه رفقة أبناء بلده وهو مجبر الآن على حمايته والحفاظ عليه الجمهورية: كيف تصف لنا تجربتك في برنامج »أمير الشعراء الذي تعرضه سنوايا قناة أبوظبي العربية؟ . ع . مرتاض : ان تجربتي في مسابقة »أمير الشعراء« بأبوظبي الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث تجربة فريدة وأعتز بها إعتزازا شديدا ذلك يأتي كنت أنظر إلى النص الشعري نظرة أكاديمية تقليدية تعول على التأمل العميق والقراءة المعادة قبل إصدار حكم أو تقرير رأي أو كتابة تحليل ولما جاءت هذه التجربة وجدت نفسي مضطرا إلى أن أقدم حكما عن النص المطروح للقراءة في 40 ثانية ولابد من الحديث أيضا عن أهم مافيه من لغة وإيقاع ومضمون وجمالية وتصويره وإجمالا فإن هذه المسابقة كانت تجربة إعلامية أكاديمية وقد تعلمت فيها الكثير ولا يخفي عنكم أنها رائدة وفريدة من نوعها بحيث لا توجد مسابقة في العالم العربي ترقى لمستواها صحيح أننا نجد بعض المهرجانات والملتقيات السنوية مثل عكاظية الجزائر التي تعقد كل سنة بالجزائر في شهر ماي غير أن مسابقة »أمير الشعراء« شأن آخر تاما فمن حيث المكافآت يصعب على أية دولة أخرى أن تكون سخية إلى هذه الدرجة على الشعراء ومن حيث الشمولية فإنها مسابقة مفتوحة لكل الشعراء في العالم العربي وحسب معلوماتي فإنه في كل سنة يشارك على الأقل 1500 شاعر ثم يقع تصفيتهم فيصبح العدد زهاء 400 شاعر قبل أن تقع التصفية الأخرى ليتقلص العدد النهائي إلى 35 شاعرا يتنافسون على لقب أمير الشعراء. الجمهورية: كيف تقيمون واقع الشعر النسوي بالجزائر ؟ . ع . مرتاض : أعتقد أنه بخير والحمد لله وأنا شخصيا قد خصصت في كتابي معجم الشعراء الجزائريين في القرن 20 م حيزا واسعا بلغ زهاء 10 شاعرات أمثال الشاعرة المبدعة مبروكة بوساحة وأحلام مستغانمي إضافة إلى زينب لعوج وربيعة جلطي دون أن أنسى ذكر خيرة حمر العين وحسيبة مهدي وغيرهن من الشاعرات المبدعات لكن في الحقيقة لم أستطع أن أعرف أسماء أخرى في ذلك الوقت عكس اليوم حيث صرت أعرف العديد منهن لأن عددهن صار كبيرا جدا مما دفع أحد أصدقائي الأدباء وهو يوسف أوغليس لإصدار كتاب كامل على الشاعرات في الجزائر بعنوان »خطاب التأنيث الذي صدر بقسنطينة سنة 2008 والأمر الآخرالذي أريد أن أوضحه هو أن الشاعرات الجزائريات اللاتي شاركن في مسابقة أمير الشعراء بأبو ظبي برهن برهنة قاطعة على أن الشعر النسوي في الجزائر فعلا بخير فقد بلغت الشاعرة الموهوبة خالدية جاب الله درجة عالية في المسابقة وكان يمكن أن تبلغ المرحلة النهائية ومثل ذلك يقال عن شفيقة وعيل وغيرهن وذلك إن دل فإنما يدل على مستوى الشعر النسوي بالجزائر الذي لا يقل مستواه الفني عن بقية المستويات الأخرى بباقي الدول العربية وهذا بالفعل يستحق الثناء والإفتخار بهذه المواهب الإبداعية لنساء الجزائر اللاتي برزن بقوة في هذا النوع من البرامج الهامة على المستوى العربي ومثلن الشعر الجزائري أحسن تمثيل بدليل المراكز الأولى التي وصلت إليها في ظرف زمني قصير أمام مرأى الآلاف من المشاهدين. الجمهورية : أثار بعض النقاد العرب إشكالية التحرر ووصفوا الشاعرات الجزائريات على أنهن متحررات أكثر من اللزوم في قصائدهن فما تعليقك على هذه النقطة؟ - ع . مرتاض : إن الذي ألاحظه في التجربة الشعرية بوجه عام وعلى مستوى العالم العربي بحكم أنني عضو في لجنة التحكيم وأطلع على عشرات القصائد النسوية أن المرأة الشاعرة تحاول أن تبوح في شعرها بما لا تستطيع البوح به في الحياة اليومية فتصرخ وتشكو وتبكي وتندب وتكتئب وتفرح وكل ذلك في نصها الشعري وأعتقد أن الشاعرة الجزائرية هي جزء من الشاعرات العربيات . وهنا أختلف معك تماما فيما يخص تحرر الشاعرة الجزائرية لأن كل شاعرة عربية في مجتمعنا تشكو من مراحل مأساوية في حياتها العادية فإذا كانت الشاعرة الجزائرية قد مرت بمرحلة العشرية السوداء ومرحلة الثورة واضطهاد الإستعمار وكذا إضطهاد المجتمع لها فإن هذه المضايقات تعيشها أو تصادفها الكثير من الشاعرات العربيات اللاتي غالبا ما تكون مجتمعاتهن منغلقة على نفسها وشديدة المحافظة وإما لأسباب أخرى نجهلها لكنها تؤثر في نفسيتها وتجعلها حبيسة آلامها ومعاناتها وكل هذه الأمور تجعل الشاعرة العربية تحاول التعبير عما تعانيه من آلام فتصب إحساسها ومشاعرها في صفحات بيضاء لترسم عليها ما تتكبده من أحزان وسط ظلم المجتمع لها ومراحل مؤلمة عاشتها مع عائلتها أو مع أشخاص تعتز بهم وغيرها من المواضيع التي تلهمها وتدفعها لرفع قلمها وكتابة هذه القصائد الشعرية ونفس الشيء يمكن أن يحدث للشاعرة الجزائرية التي لم تجد سوى القلم للتعبير عما يخالجها من مشاعر حزينة أو مفرحة الجمهورية: إلى ماذا ترجع سبب عزوف الشاعرات الجزائريات عن الدواوين ونظم القصائد وتوجههن نحو كتابة الرواية؟ - ع . مرتاض : إن هذه المسألة مقارنة عجيبة لا تقال فقط عن الشاعرات بل حتى الشعراءبالجزائر فمثلا الكاتبة الجميلة أحلام مستغانمي عرفناها كشاعرة أصبحت بقدرة قادر روائية وعلى مستوى عالمي من الشهرة إلى درجة أن كثيرا من النقاد والكتاب ادعوا أنهم ساعدوها وكتبوا لها وقالت لي في مكالمة هاتفية حتى زوجها ادعى أنه ساعدها ! فقلت لها بصريح العبارة أن الذي يريد أن يكتب شيئا عظيما فأولى به أن يؤثر بفضل نفسه لا غيره. وإذا عدنا للحديث عن هذه الظاهرة في حدد ذاتها فنرى فعلا أن الكثير من الشاعرات الجزائريات تركن الشعر وذهين للرواية ليخضن تجربة أخرى إنطلاقا من كبيرتهن أحلام مستغانمي إلى خيرة حمرة العين لماذا؟! تعتقد الشاعرات أن الرواية في الوقت الحالي أكثر مقروئية وهي أولى أن تتيح للكاتبة أن تشتهر أكثر مما تشتهر به من خلال الشعر أو أن الشاعرة تحس بأن تجربتها في الشعر لم تكن ناحجة ولم تستطع أن تنال فيها شيئا فتغير مسار تجربتها الأدبية وهذا جائزمن الوجهة الفنية ولا نلوم الشاعرات على ذلك لأنهن أدرى بما يصلح لهن ويبقى الأدب حقلا واسعا وللكاتبة الحرية المطلقة في إنتهاج السبيل الذي تحبذ الكتابة فيه وربما أن كتابة الشعر لم تصل بعد لتلك المكانة التي حققتها الرواية في غضون سنوات مما دفع بالشاعرات للتوجه نحوها بحثا عن نسبة كبيرة من القراء الذين أهملوا القصائد والدواوين الشعرية وهذا ما أثر فعلا على الحركة الشعرية بالجزائر وحتى بالعالم العربي بصفة عامة. الجمهورية: إن هذه النقطة تدفعنا للتساؤل عن دور النشر فهل ترى أن هذه الأخيرة مسؤولة نوعا ما عن غياب الدواوين الشعرية بالجزائر؟ - ع. مرتاض: مسألة نشر الدواوين الشعرية مشكلة قائمة منذ بداية الإستقلال، فقد كنت تحدثت مع المرحوم الدكتور عبد المجيد مزيان وزير الثقافة آنذاك وقد أكد أنه طلب من المؤسسة الوطنية للكتاب ألا تصدر الكثير من الدواوين الشعرية باعتبار أن قراء الشعر قليلون لكن المشكلة في الجزائر أعظم من ذلك بكثير، فالقراء ليسوا قليلين فقط بل منعدمين تماما، وهي حقيقة لا بد من الإقرار بها، فلا يوجد أشخاص يهتمون بقراءة الشعر وربما حتى الرواية وأنا بحكم الإحتراف وبحكم اقترابي من دور النشر، فبعض الروايات تباع منها 5 نسخ فقط لدى إصدارها بحكم أنها جديدة، ويتم تنظيم حفلة شرفية بمناسبة إصدارها، لكن بعدها لا يسجل أي إقبال على هذا المؤلف لتبقى حبيسة الرفوف لأعوام طويلة بعد أن يعتريها الغبار وتأكلها الألواح. وصدقوني إذا قلت أن الأمر يزداد سوءا خصوصا مع الشعر، وهو أمر مؤسف لنا جميعا بصفتنا أهل الإختصاص، لكن ما لاحظته في المدة الأخيرة أن ديوان الشاعرات صار أكثر إشتهارا من ديوان الشعراء، فلا يمكن الإنكار أن القارىء حين يرى ديوان امرأة يدفعه ذلك للفضول ويقترب من نقاط البيع لإقتنائها، وهو أمر جدّ عادي بالنسبة لنا لأن المرأة تجد كعادتها وسيلة للبوح عن مشاعرها وما يخالجها من أحاسيس وذلك من خلال الكتابة الشعرية، وهذا أمر جميل يمكّنها من مخاطبة الآخرين والبوح لهم بمشاعرها، وبناء على هذا فأنا أتصوّر أن قراء الشعر النسوي أكثر من الشعر الرجالي. الجمهورية : على ذكر الشعر الرجالي ما الفرق بينه وبين الشعر النسوي؟ - ع. مرتاض: في الحقيقة إن النقاد منذ القديم يتحيزون للشعر الرجالي عن النسوي، وهذا أساسا يعود لعدة عوامل أهمها أن شعر الرجالي فيه فحولة وقوة وجزالة كأنهم يربطون عملا فكريا بقوة عضلية في حين أن المرأة بحكم لطفها وبحكم لينها ورقتها لا تستطيع إلقاء الشعر الفحل. ورغم هذا فإن هذه النظرية لم تعد الآن تعول على القوة البدينة إلا في الرياضة، ولم يعد الرجل يحمل السيف إلا ليحارب فقط، ويمكنني أن أجزم أنه لم تكن هناك شاعرة قوية مثل "الخنساء" التي تميزت بهذه الفحولة الرجولية وألقت قصائد شعرية رثت بها أخويها معاوية وصخر مما جعلها في قمة القوة العقلية والعضلية، عكس اليوم تماما. فشاعرات هذا الوقت صرن يتحلين باللطف والرقة وكذا الإحساس المرهف والجميل، ناهيك عن تأثرهن البسيط لأتفه الأشياء، فيعبرن عن حزنهن وضعفهن بكل شفافية وموضوعية، فيبكين ويصرخن من الظلم والإضطهاد، ويفرحن للوعة الحب والإشتياق، عكس الشعراء الذين يتطرقون لمواضيع قوية تحمل طياتها غضبا رجاليا وإستياء صخريا من الواقع أو من ظاهرة معنية، فتبرز بين السطور ملامح القوة والفحولة حتى يكاد هذا الغضب أن يخرج من الكلمات والقصائد في حين يوجد بعض الشعراء الذين يتسمون بالهدوء والرزانة لكن من أسلوبهم يتبين إزداءهم لظاهرة معينة. وبصفة عامة فإن نقطة الإختلاف بين الشعر النسوي والرجالي هو القوة التي يقابلها اللطف والرقة، وهذا من جماليات الشعر العربي وسحره مقارنة مع الأشعار الأخرى. الجمهورية: ما هو تصوركم لمستقبل الشعر النسوي بالجزائر؟ - ع. مرتاض: إن التنبؤ صعب جدا لكن إنطلاقا من الحاضر فإني أتصور أن التجربة الشعرية النسوية في الجزائر تزداد نضارة وتألقا من الوجهة الفنية، كما يزداد عدد الشاعرات في تصوري إزديادا ملحوظا ولعل من مظاهر ذلك مسابقة أمير الشعراء، ومن المؤكد إذا إستمرت إلى عدة سنوات فإنها ستظهر العديد من المواهب لا سيما الشاعرات الجزائريات اللائي أصبحن يشاركن بكثرة في هذه المسابقة العربية وهذا حافز لهن لولوج عالم الشهرة والدخول من أبوابها الواسعة، أمام مرأى المشاهدين على مستوى مختلف الدول العربية ناهيك عن المكافآت المالية التي هي في الحقيقة مهمة جدا لهن لبدء مشوارهن في عالم الشعر والإبداع. وعليه يمكنني القول أن الشعر النسوي بالجزائر سيعرف إنفتاحا أكثر مما هو عليه وسيشهد بروز شاعرات متألقات سيحققن نجاحات كبيرة على المستوى العربي، والحمد لله فإن هناك مواهب لا يستهان بها ولها مستقبلا واعدا وكبيرا، وبرنامج أمير الشعراء سيكشف عن هذه المواهب سنويا ناهيك عن إبداعات أخرى نقرأ دواوينها الخاصة في بعض المهرجانات والملتقيات الأدبية، وبهذا فلا يمكن قول غير هذا في هذا الحقل الأدبي الراقي الذي يتزين بقصائد جميلة ملقاة من طرف شاعرات جزائريات حاولن إيصال مشاعرهن للمتلقي وإثبات وجودهن في هذه الحركة الأدبية التي صارت مشبعة بالإبداع الجميل والإحساس الراقي الذي لا يضاهي أبدا أمام مواهب عربية أخرى لها نفس الأسلوب ونفس الطموح، ومن حسن حظنا أن الشعر النسوي بالجزائر في أحسن حالاته ولن يحتاج سوى المزيد من الملكة الإبداعية المتميزة والفريدة من نوعها. الجمهورية: من هن الشاعرات الجزائريات اللائي أثرن في نفسية الكاتب مرتاض وشهد لهن بالتميز الأدبي الراقي؟ - ع. مرتاض: مشكلتي الوحيدة أن هؤلاء الشاعرات لسن متقدمات علي في السن، لأنني عايشت بعضهن خصوصا الشاعرة المبدعة مبروكة بوساحة، التي لها ديوان وحيد، كما أن لي علاقة مودة مع الكاتبة والروائية المعروفة أحلام مستغانمي، حيث تربطني بها علاقة صداقة منذ أن كانت تقدم برنامجها الليلي في الإذاعة الوطنية، وقد أثرت فعلا في نفوس الشباب وعقولهم حسبما كان هؤلاء يفيضون به إلي. وهذا زادني غبطة وفرحا. أما الشاعرات الباقيات كلهن بناتي ولي الشرف أني كنت أستاذهم أمثال الكاتبة والشاعرة ربيعة جلطي والشاعرة زينب لعوج إضافة إلى خيرة حمر العين وغيرهن من الشاعرات اللاتي كنّ جزءا من مسيرتي المهنية كأستاذ ومشرف. وما عدا هذه الأسماء فلا يمكنني إعطاء شاعرات أخريات أثرت في كما قلت لكن يمكنني القول أن هناك عدد كبير منهن وفقن في مشوارهن ونجحن في التأثير على المتلقي الجزائري والعربي، والحمد لله فالجزائر تفتخر بأسماء كبيرة في الشعر النسوي والبرامج التلفزيونية العربية التي تعلن عنها خير دليل على ذلك، ناهيك عن الإعلام المكتوب الذي صار حاضرا بقوة للتعريف بها، ونأمل فعلا أن نشهد إبداعات جديدة في هذا المجال، من خلال بروز أسماء شابة تحمل المشعل بدورها وتواصل الدرب الذي إنتهجته هؤلاء الشاعرات التي ذكرت أسماءهن في البداية، وأعيد وأقول أن برنامج: أمير الشعراء كفيل برفع الستار عن مواهب الجزائر في الشعر النسوي وذلك ما نترقبه سنويا وأنا شخصيا. الجمهورية: ماذا عن جديد الدكتور مرتاض في عالم الأدب والإبداع؟ - ع. مرتاض: آخر شيء صدرلي هو كتاب بعنوان" نظرية البلاغة" وأنا أعتز بهذا الكتاب ليس فقط لأنني قدمته بنفسي بل لأنني أريد أن تكون الجزائر حاضرة لأن البلاغة لم يكتب عنها الجزائريون من قبل الأمر الذي دفعني لتقديم بحث حول هذا الموضوع وأعتقد أيضا أنه في المستوى المطلوب كونه يعالج نظرية البلاغة، علما أن هذا الكتاب لم يصدر فقط بالجزائر بل أيضا بدولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن أعجب به بعض الإخوان وقرروا إصداره بهذا البلد العربي الشقيق. ومن جهة أخرى فقد صدر لي في الآونة الأخيرة: قضايا الشعريات : أين طرحت من خلاله جملة من الإشكاليات والمسائل والنظريات، وبحكم أنني ناقد متواضع وروائي إرتأيت بعد أن كتبت 8 روايات أن أكتب ثلاثية تاريخية أطلقت عليها "ثلاثية الجزائر" حين يضم الجزء الأول"الملحمة" وتدور أحداثه في عهد الإستعمار الإسباني لمدينة وهران وبعض الشواطئ الجزائرية الأخرى حيث أطلقت على هذه الولاية إسم المدينة الفاضلة "الوهرانيون" " أهل المدينة الفاضلة" إذ يتسلط عليهم وحش مفترس وهم الإسبان. أما الجزء الثاني فأسميته "الطوفان" حيث قدمت رؤية أدبية تاريخية من وجهة نظر خاصة تختلف عن وجهة نظر مؤرخين عن الإحتلال الفرنسي للجزائر، وركزت على المقاومة الوطنية في هذا العهد وخصوصا مقاومة الأمير عبد القادر. وأما الجزء الثالث والأخير عنونته ب " أم الثورات" وأنا الآن بصدد كتابته حيث أخصص فيه حديثا مطولا عن تاريخ الثورة الجزائرية وليس من وجهة نظر تاريخية قديمة فحسب، ولكن من وجهة نظر أوسع وأشمل وذلك بالتعويل على أسطرة الشخصيات. الجمهورية: ماذا يمكن أن تقوله في ختام هذا الحوار؟ - ع. مرتاض: في البداية أشكر جريدة " الجمهورية" التي أجرت معي هذا الحوار وتناولت موضوعا هاما مثل موضوع الشعر النسوي بالجزائر، لأنها بالفعل قدرت أهميته في عالم الكتابة الأدبية بصفة عامة، وإسمحوا لي أن أعبر عن مدى فخري بشاعراتنا الجزائريات اللائي صرن في أعلى المراتب وأبهى المكانات على مستوى الوطن العربي، خصوصا تلك الشاعرات اللائي كن في يوم ما أحد تلامذتي، ونجاحهن هو في الأصل نجاحي لأنني أرى في طموحهن وإرادتهن دفعا قويا لي كأستاذ سهر على تأطيرهن، وهذا يدفعني لأتمنى لهن كل التوفيق آملا من المولى (عز وجل) أن تزدهر الساحة الأدبية بأسماء أخرى تملك نفس الإحساس الجميل والملكة الإبداعية التي عهدتها في بناتي من الشاعرات، كما آمل أن يزدهر الشعر النسوي والرجالي بالجزائر ويشهد نهضات كبرى للرفع من قيمة هذا الفن الأدبي الراقي الذي صار مقيدا بجمهور لم يعد يأبه لقراءة الشعر ولا حتى الرواية. فأنا أطالبه بالقراءة لأن هذه الفنون الكتابية الراقية ما هي إلا جسر للتواصل مع أشخاص قرروا الكتابة عن التاريخ الجزائري أو نقل مظهر من مظاهر الحياة الإجتماعية الصعبة بحلوها ومرّها. وشكرا لكم أنتم إعلاميو جريدة الجمهورية على هذا اللقاء.