بحضور شخصيات إقليمية ودولية رفيعة من بينها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ورئيس دولة جنوب السودان سلفا كير، وقع ممثلان عن المجلس العسكري وحركة الاحتجاج في السودان، أمس السبت، على الوثائق النهائية للفترة الانتقالية «الوثيقة الدستورية»، وهي عبارة عن الاتفاق الذي توصل اليه الطرفان ومن شأنه أن يمهد لبدء مرحلة انتقالية تؤدي الى حكم مدني في البلاد. الاتفاق وقعه كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي وأحمد الربيع، ممثل تحالف قوى الحرية والتغيير، وعلا التصفيق في الصالة التي تواجد فيها رؤساء دول وحكومات وشخصيات من دول عدة بعد التوقيع، كما استغل السودانيون هذه المناسبة التاريخية التي يأملون أن تجلب لبلدهم مزيدا من الحرية والازدهار الاقتصادي وخرجوا في مظاهرات احتفالية ضخمة. بداية المرحلة الانتقالية من شأن التوقيع، الذي جرى خلال حفل أطلق عليه «فرح السودان»، أن يشكل بداية المرحلة الانتقالية، التي ستستمر 39 شهرا، ويأتي التوقيع النهائي على وثائق المرحلة الانتقالية بعد أسابيع من المفاوضات المتواصلة بين المجلس العسكري الانتقالي، الذي يحكم السودان منذ عزل الرئيس السابق، عمر البشير في أفريل الماضي بعد 30 سنة من الحكم، وقوى الحرية والتغيير، التي قادت الحراك في الشارع. كان الطرفان وقعا بالأحرف الأولى، يوم 4 أوت، على الإعلان الدستوري الذي طال انتظاره في السودان، والذي تم التوصل إليه بفضل الوساطة الناجحة التي قادتها كل من إثيوبيا والاتحاد الافريقي، ليتوّج التوقيع التاريخي 8 أشهر من الحراك الشعبي ضد نظام الرئيس السابق عمر البشير. ويعتبر المتظاهرون، وممثلوهم السياسيين، الاتفاق انتصارا لحركة التغيير وأهدافها، ويرى قادة الجيش أنهم بذلك جنبوا البلاد أزمة سياسية كانت قد تقود الى تصعيد عواقبه ستكون خطيرة. بحسب الجدول الزمني، فإن 18 من أوت، أي اليوم الأحد، سيشهد تعيين المجلس السيادي، الذي سيتشكل من ممثلين عن المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية. في 19 من أوت أي غدا الاثنين، يتوقع أن يؤدي أعضاء المجلس السيادي القسم أمام رئيس القضاء، وفي نفس اليوم سيكون أول اجتماع للمجلس. يوم الثلاثاء، ينتظر أن يتم تعيين رئيس مجلس الوزراء السوداني، على أن يؤدي القسم، في اليوم التالي، أمام المجلس السيادي وأمام رئيس القضاء. مؤسّسات جديدة مع التوقيع الرسمي على الاتفاق، سيبدأ السودان عملية تشمل خطوات أولى فورية مهمة، إذ سيتم اليوم الإعلان عن تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي الجديد الذي سيتألف بغالبيته من المدنيين. أعلن قادة الحركة الاحتجاجية، الخميس، أنّهم اتّفقوا على تعيين المسؤول السابق في الأممالمتحدة عبد الله حمدوك، وهوخبير اقتصادي مخضرم، رئيساً للوزراء. من المتوقّع أن يركّز حمدوك جهوده على إصلاح الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمة منذ انفصل الجنوب الغني بالنفط في 2011 عن الشمال. وشكّل الوضع المعيشي شرارة الاحتجاجات ضد حكم البشير. سيحكم البلد الذي يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة مجلس سيادة يتألف من 11 عضواً. وينص الاتفاق على أنّ يعين العسكر وزيري الداخلية والدفاع. نهاية العزلة بحضور شخصيات دولية التوقيع على الاعلان الدستوري، يتقدمهم رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد وعدد من القادة في المنطقة، يكون السودان قد خطى خطوات كبيرة للخروج من عزلته، فأحد أكثر النتائج الدبلوماسية الفورية المرتقبة للحلّ الذي تمّ التوصّل إليه هورفع تعليق عضوية البلاد الذي فرضه الاتحاد الإفريقي على السودان في جوان الماضي. قال العضو البارز في المجلس العسكري الانتقالي اللواء الركن محمد علي إبراهيم الجمعة، إنّ التوقيع الرسمي «سيفتح الباب مجدّداً أمام العلاقات الخارجية للسودان». كان من المقرّر أن يمثل البشير الذي تولّى السلطة إثر انقلاب في 1989 والمطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، أمام محكمة سودانية، أمس السبت، بتهم فساد. لكن تم إرجاء محاكمته إلى موعد لم يحدّد. هذا وغابت عن حفل، أمس، المجموعات المتمرّدة في دارفور والنيل الأزرق وكردفان. حضور بارز وصل عدد من قادة الدول ومسؤولون كبار، أمس، من أجل حضور مراسم التوقيع النهائي على الإعلان الدستوري، الذي يمثل بداية جدية في تاريخ السودان الحديث. كان من أوائل الواصلين إلى الخرطوم، رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الذي ساهمت بلاده إلى جانب الاتحاد الأفريقي في الوساطة بين الأطراف السودانية. توالى قدوم الرؤساء والزعماء إلى الخرطوم ومنهم رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين تواديرا، ورئيس جمهورية تشاد إدريس ديبي إتنو. ووصل أيضا، رئيس جمهورية الجارة دولة جنوب السودان، سلفا كير، ورئيس رواندا، بول كاغامة وغيرهم. عربيا، شارك في الحفل، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، ورئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يترأس الاتحاد الأفريقي.