كشف مطالعو الصحافة المكتوبة في الجزائر عن عدم اهتمام وسائل الإعلام بما يحتاجه القارئ منتقدين في الوقت ذاته توجهات الصحافة الوطنية التي باتت تنشر مواضيع متشابهة بعناوين مختلفة، متسائلين عن سر التركيز على أخبار الجريمة والاثارة. وأكد بوقرة حسان (29 سنة)، موظف بمؤسسة «ميترو الجزائر»، بأنه يطالع الصحف الجزائرية من باب العادة وليس من باب ممارسة الحق في الإعلام متسائلا في ذات الوقت عن مواضيع الاثارة التي غزت الصحف، وقال بوڤرة في شهادته أن المساحات كلها «تتحدث عن القتل والجرائم والاختلاسات والمتابعات القضائية وهو ما يجعلنا ننتظر الا الشر والمآسي»، وأضاف المتحدث «بأنه يجد راحته مع القنوات الفضائية وخاصة المهتمة بالوثائقيات والأخبار حتى وإن كانت موجهة فإنها تجعلنا نتابعها رغما عنا». ويأمل المتحدث من وسائل الإعلام أن توازن في مواضيعها من خلال التطرق الى الأمور الإيجابية والحديث عن السياحة خاصة من خلال القيام بتحقيقات وربورتاجات حول العادات والتقاليد والتنوع البيئي ما يجعل القارئ يرفه قليلا عن نفسه من جراء الضغوط الاجتماعية. وأشار (فتحي.ح، 40 سنة)، موظف في شركة للانارة، عن اهتمامه بالرياضة في الصحف الوطنية لأنها تبقى الباب الوحيد الذي يجد فيه المتعة وخاصة وان تعلق الأمر بفريقه المحبوب مولودية الجزائر، بينما يتجنب الاطلاع على السياسة والاقتصاد التي تسبب وجع الرأس في ظل كثرة الحديث دون فائدة وكشف المتحدث بانه مدمن على قراءة الصحف وخاصة الرياضية منها. وأكد زهير بوسيالة، أستاذ جامعي، بأنه لا يقرأ الصحافة الوطنية الا نادرا بسبب تدهور المضمون، فالجرائد متشابهة، حيث ما نقرأه اليوم نطالعه غدا بنفس العناوين تقريبا، موضحا بأن الأمر يعكس الساحة السياسية والاقتصادية فبحكم تخصصه في ميدان الإعلام والاتصال يعرف خلفيات الصحافة الوطنية التي يعكس مستواها مستوى مختلف القطاعات فهي مرآة عاكسة لما يجري وكل الصحف اليوم تقوم بعمل تجاري والمهنية تبقى بعيدة كل البعد عن الواقع. وقال في سياق متصل أن الرأي العام في الجزائر مشتت ويصعب الوصول الى صناعة رأي عام حول موضوع معين. وتعكس هذه الآراء الحلقة المفرغة التي دخلت فيها الصحافة الوطنية من خلال فقدانها لتقاليد، خاصة بها مثل باقي الدول التي لها تجربة أكبر في ميدان الإعلام والتي تحكمها نظريات ومراجع معروفة في القطاع، بينما تبقى الصحافة الوطنية دون مرجع واضح. ويبقى التكوين وتحسين الأوضاع الاجتماعية للصحفيين وتطهير الساحة من الدخلاء على السلطة الرابعة، أهم خطوة لتدارك النقائص وتلبية رغبات المجتمع الذي أكدت الاستطلاعات هروبه نحو الفضائيات ووسائل الإعلام الأجنبية وهو ما يجعل الحديث عن رأي عام وطني حول مختلف أمهات القضايا صعبا للغاية. وتبقى الإصلاحات المقترحة ضرورية لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من الرأي العام.