أكد رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين يوسف شقرة أنه يعمل جاهدا على إعادة بيت الاتحاد إلى موقعه الاستراتيجي داخل وخارج الوطن، وهو ما تحقق من خلال استرجاع منصب الجزائر الشاغر، مشيرا إلى أن دورة الأمانة العامة للاتحاد التي تحتضنها الجزائر دليل على عودة ومشروعية اتحاد الكتاب الجزائريين، مؤكدا أن المرحلة التي شهدها الاتحاد كانت “سوداوية” عمل على تجاوزها، من خلال وضع قاعدة صلبة ومشروع بناء سينطلق فيه مطلع السنة المقبلة.. تحتضن الجزائر لأول مرة في تاريخها الثقافي دورة الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، كيف جاءت هذه المبادرة؟ تطلبت دورة الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب زمنا طويلا لتنظيمها في الجزائر، لأن النظام يخضع إلى انتخابات داخل الأمانة العامة، والرهان على عقدها يحتاج إلى إمكانيات مادية وبشرية هامة، سيما وأن القضية لا تتعلق بشخص أو بكتاب أو بنشاط ما.. وإنما تتعلق بسمعة وطن بكامله.. بعد أن تقدمنا بطلب إلى وزارة الثقافة ووافقت على الاستضافة وهي مشكورة على ذلك، تقدمنا بطلب رسمي للأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وأثناء الانتخابات كان لنا شرف الحصول على تنظيم الدورة بالأغلبية المطلقة دون أي معارضة، بالرغم من وجود منافس قوي بإمكانياته وهي الإمارات العربية المتحدة، ومع ذلك أبدى هذا البلد موافقته لاحتضان الجزائر الدورة، وذلك لكثير من المعطيات من بينها موقع الجزائر ومواقفها وقيمة اتحاد الكتاب الجزائريين الذي لعب دورا كبيرا في لم الكثير من الخلافات بين الاتحادات والروابط، وأيضا الدور الذي قمنا به من أجل عودة العراق إلى الأسرة العربية، وهو عمل كبير جدا، وهنا نشكر الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، على المساعدات التي قدمها لاتحاد الكتاب الجزائريين من خلال مواقفه الداعمة، فقد قدمنا ملفات وافية بطرح منطقي وموضوعي، وبالتالي القضايا التي كنا نطرحها لا تحتاج إلى نقاشات كثيرة، وهو ما يأخذ دائما المنحى الإيجابي بعد حصولنا على الموافقة، لنعود بعدها إلى الجزائر بملف كامل قدمناه إلى وزارة الثقافة التي طلبت منا موافقة وزارة الخارجة لتأكيد الإجراءات الإدارية، حيث تم ذلك بكل سهولة ولهم جزيل الشكر على الدعم الكبير، حيث طلبت منا أسماء الوفود لتسهيل مهمة دخولها إلى الجزائر. وعند طرح القضية لدى الأمانة العامة كان النقاش حول الموضوع الذي سيتم تناوله خلال الدورة، وكان رأينا أن يخصص للأدب الجزائري، لسبب بسيط هو أن صورتنا الأدبية غير مشوقة، على المستوى العربي والعالمي، وبالتالي كان لا بد أن نقوم ولو بمساهمة بسيطة، حيث نقدم ما نستطيعه بحسب إمكانياتنا، وجرى نقاش معمق في هذا الموضوع لأن الكثير من الوفود العربية تجهل الكثير عن الأدب الجزائري، وليس لها مراجع، وبالتالي قدمنا لهم تسهيلات في هذا الجانب، وقلنا أن أي دولة لديها إشكالية تقدم لنا موضوع المناقشة لنوفر لها المراجع والتي هي بحاجة إليها، بحيث طرحنا ثلاث ورشات هي ورشة الطفل، ورشة السرد والأخرى حول الشعر، على أن يختار الباحث ما يريده دون تقييد.. نتمنى أن يكون ما اجتهدنا له قد حقق على الأقل نسبة مرضية، من خلال الأسماء الوافدة حتى نستفيد من تغطية جوانب كثيرة عن صورة الجزائر، خاصة في ظل الحراك والمتغيرات التي يشهدها خاصة العالم العربي، والجزائر اليوم هي في موقع مرض، كل الأنظار متجهة نحوها بحكم الكثير من الاستراتيجيات، لذلك دورنا اليوم هو أن نستغل ذلك، لأنه في فترة من الفترات كان يُنظر إلى الجزائري على أنه إرهابي أينما تواجد، كما أصبحت صورة المشهد الثقافي والأدبي مشوهة تماما، والآن جاءتنا الفرصة لتحسين صورة هذا الوطن أكثر فأكثر، وإعطائها القوة الهائلة. تؤكدون على أن هذه الدورة نظمت بالدرجة الأولى لتحسين صورة الجزائر ثقافيا وأدبيا؟ دورة الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب تحمل أبعادا كثيرة، أولها تحسين صورة الجزائر والأدب الجزائري، والهدف الثاني إعادة إتحاد الكتاب الجزائريين إلى موقعه الاستراتيجي، خاصة بعد تجميد مقعد الجزائر. والآن أردنا أن تلعب الجزائر دورها، وتكون هي المحور الرئيسي وقد أخذنا زمام الأمور، وأيضا هناك أمر آخر هو أنه في الوقت الراهن الأبواب مغلقة في معظم الدول العربية ومفتوحة أمام الجزائر، حتى من ناحية الاستثمار السياحي والاقتصادي وغيرها، فعندما تشارك وفود من خارج الوطن يعني أنك تفتح المجال لتبادل الأفكار والطروحات، كما ترى هذه الوفود على أرض الواقع مكانة الجزائر وما نحن فيه، وهو ما سيخدم بلادنا في كل شيء، كما يخدم أيضا اتحاد الكتاب الجزائريين، حتى نثبت مكانته وموقعه في الخارج والداخل، سيما وأن صورته بقيت مهزوزة لمدة سنوات، لذلك لابد أن تتغير وأن يشعر الكتاب والأدباء بأن لهم بيتا دافئا يدافع عنهم ويهتم بشؤونهم الأدبية، ثم بعد ذلك أن يعمل هذا البيت على تنظيم نشاطات، وأن لا تقتصر على أمسيات شعرية أو قصصية، فمهمة الاتحاد الكتاب كقيادة مركزية هي النشاطات الكبرى، أما النشاطات الصغيرة كالندوات الأدبية على المستوى الداخلي فهي من تنظيم الفروع، فإذا تحملنا نحن كل شيء ما هو دور الفروع ولماذا ننشئ ذلك في كل ولاية، فلدينا تقريبا 38 فرعا ولائيا ناشطة باستمرار، حيث نظمت ملتقيات أدبية كبرى مثلما شهدته قالمة مؤخرا، حيث تطرقت لأول مرة لموضوع “القصيدة النثرية” ونظمت ملتقى “الكتابة النسوية”.. الكثير من الأمور كانت مغيبة استرجعها اتحاد الكتاب الجزائريين تدريجيا، وهو ما نسعى إليه أي العودة تدريجيا إلى مكانتنا الطبيعية، حتى لا نبقى مهمشين. في فترة من الفترات أغلقنا أبواب الاتحاد حتى نعيد ترميم وبناء البيت، للانطلاق من جديد والحمد لله هذه المرحلة انتهت، وسنشرع الآن في مرحلة أخرى، حيث ستتضمن سنة 2012 أنشطة دون توقف، لأننا وضعنا برنامجا كبيرا مركزا وهادف وموضوعي قابل للتطبيق، وأيضا الابتعاد عن الأحلام الوهمية وتجسيد على أرض الواقع ما يمكن تحقيقه. فقد برمجنا على أن يأتي إلى بيت الإتحاد كل 15 يوما فرعا من الفروع المتواجدة عبر مختلف أنحاء الوطن، لينظم نشاطاته داخل العاصمة حتى يكون ملكا للجميع بما فيه فرع العاصمة الذي نسعى إلى تنصيبه أو إعادة تجديده لأنه موجود ولكنه مجمد، والحمد لله الآن أصبح لدينا ناد ومعرض وقاعتين واحدة كبرى للأنشطة الكبيرة والثانية صغيرة، والإمكانيات أصبحت تدريجيا تسمح بتنظيم بعض الأنشطة، فنحن لا نملك إمكانيات كبيرة ونعتمد على وزارة الثقافة والتي كانت دائما إلى جنبنا، كل مبادرة ذات فاعلية نجد لها الترحيب، نتمنى النجاح لهذا الحدث، الخاص بسمعة وطننا، وعلى كل واحد أن يشعر أن هذا النشاط خاص به ويدافع عنه. علينا أن نبتعد عن الحساسيات المفرطة ونترك حساباتنا الخاصة، فالجزائر لديها عرس وطني لابد من إنجاحه، حتى تأخذ هذه الوفود صورة جميلة عن الجزائر حيث ننظم جولات لهم حتى نبرز لهم مكانة هذا الوطن ودحض ما يروج في الخارج عنا من وجود اعتصامات أو إرهاب. قلتم إنكم تهدفون إلى ترميم بيت الإتحاد خارج الجزائر، وماذا عن ترميمه داخل الوطن؟ في البداية قدمنا نضالا كبيرا لإعادة مقعد الجزائر المجمد، وأعدناه، وكان لنا نضال طويل حتى يعود الاتحاد للعب دوره الأساسي، وتحقق لنا ذلك، كما عملنا على فرض وجودنا وقوتنا وحصل ذلك، وهو ما كان يهمنا في الخارج. الصورة الأدبية والثقافية في الاتحادات العربية كلها في أحسن حال ونحن مع ذلك غير راضين، حيث ما يزال ينتظرنا عمل كبير جدا، لأنه إذا لم يصل صوتنا إلى خارج الوطن، وكأننا لم نقدم شيئا، والآن قد أسسنا مجلة في عددها الأول والثاني صدر حديثا، وبذلك أصبح هناك لسان حال رزين متكامل يسوق للمشهد الأدبي الجزائري، وسنعمل تدريجيا على تحقيق أهداف أخرى، على حسب إمكانياتنا المادية، حيث نعتمد على جهات مختلفة، قد تكن أحيانا عاجزة عن المساعدة، وبالتالي نجد أنفسنا مقيدين، لذلك يجب أن لا نبني طموحاتنا على أسس ليست في متناولنا، علينا أن نتعامل مع الأشياء ببساطة، وأن نكون واقعيين، وهو ما جعل الكثير من الصحف تتساءل: أين هو اتحاد الكتاب الجزائريين؟ وبطبيعة الحال البعض لا يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقة، ويعتمد على مصادر ضيقة، فاتحاد الكتاب عاش مرحلة غير طبيعية، ونعتبره الآن في مرحلة الولادة العسيرة، ولابد أن نرى ما يخدم وما يبعث على التفاؤل، وما نريده الآن هو غرس تقاليد جديدة. فيما يخص اختيار موضوع الندوة المرافقة لدورة الاتحاد العامة، ألم يكن هناك اعتراض من قبل الدول المشاركة، أم للدولة المستضيفة حرية الاختيار؟ حسب قانون الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، البلد المنظم يقترح والأمانة العامة تجتمع وتقرر، وإن كان الملف المقدم مقبول ومقنع، سيلقى الإجماع والموافقة.. هذا يعني أن موضوع “الأدب الجزائري” لقي الإجماع داخل الأمانة؟ لم يتم تقديم أي تحفظ على أي نقطة قمنا بطرحها، لأننا قمنا بعمل كبير جدا، مع لجنة علمية مختصة تتكون من أساتذة وأعضاء الاتحاد، حيث تم تصفية الموضوع وتحليله إلى محاور قابلة للتنفيذ، وحتى لا نترك ثغرات لرفض الملف، توقعنا مجموعة من التساؤلات التي قد تطرح علينا، وأجبنا عليها، كما أن حججنا كانت قوية لذلك لم نجد أي إشكال. الأستاذ يوسف شقرة يعمل على إعادة اتحاد الكتاب الجزائريين إلى موقعه الاستراتيجي، وبالمقابل هناك فئة أخرى من الكتاب والمثقفين ترى عدم شرعية تواجدكم على رأس بيت الإتحاد، إلى أين وصلت هذه الخلافات؟ يوسف شقرة العبد الضعيف لله هو واحد فقط من قادة الاتحاد، ولكنه ليس الإله ولا الرسول، هو شخص جاء مع مجموعة لإعادة الاتحاد إلى سكته، لم يغتصب شيئا وانتخب بطريقة شرعية من قبل قاعدة عريضة والتي كانت في السابق تهمش، لأنه فيما مضى كانت هناك مجموعة تأتي أغلبيتها من العاصمة لتنتخب وباقي ولايات الوطن لا وجود لها، حيث نجد فقط شخصين أو ثلاثة مبني وجودهم على الصداقة وحسابات أخرى. أنا لا تهمني المرحلة السابقة، فيها وما عليها، فقد كانت صورة سوداء بكل معانيها لسبب بسيط هو وقوف كتاب جزائريين وجها لوجه أمام العدالة ينتسبون لمجلس وطني واحد، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى في الخيال، لكنها حصلت للأسف في الجزائر. والآن الحمد لله كل شيء بخير من خلال تواجدكم وتنظيم ندوة برعاية رئيس الجمهورية، ألا يدل دلالة قاطعة على عودة الاتحاد ومشروعية القيادة الحالية، ألا يدل على أنه بدأ يتعافى، لكن ذلك لا يعنني أننا قد وصلنا وأقول دائما لأصدقائي في القيادة الحالية، إننا نحاول دائما أن نصل إلى الصفر حتى ننطلق، والحمد لله حين نضع قاعدة الصفر وهي القاعدة الصلبة حين ذاك نقول إننا قد تعافينا، والندوة هي رهاننا، فإن نجحنا فيها بالشكل الذي خططنا له يعنني أننا وضعنا القاعدة الصلبة وسننطلق في 2012 ونطبق مشروعنا الذي سيكون بإذن الله في المستوى.