افتتاح أشغال المؤتمر الدولي حول المدفوعات الرقمية في الجزائر    حوادث الطرقات: وفاة 24 شخصا وإصابة 1516 آخرين خلال أسبوع    المهرجان الثقافي الوطني لعكاظية الشعر الشعبي بمثابة المكافأة التي يستحقها أهل الشعر في الجزائر    الرئيس يأمر باستحداث هذه الوكالة..    توقيع اتفاقية تقنية مع فيدرالية الفندقة والسياحة    ضخّ تدريجي للقهوة بالسعر المسقّف    فرنسا تُرحّل مئات الجزائريين    انتصار كبير للصحراويين    العُدوان الصهيوني على غزّة كارثة    جزائري يتوّج بجائزة أنغولا    الأهلي يعرض قندوسي للبيع    12 سنة على وفاة الشاذلي بن جديد    انطلاق البرنامج الوطني للتظاهرات الرياضية    الرئيس يستقبل سفيرَيْ الصين واليابان    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: أفلام وثائقية فلسطينية تنقل تفاصيل حرب الإبادة في غزة    معرض وطني للألبسة التقليدية بقسنطينة    اللجنة العربية لنظم الدفع والتسوية تجتمع بالجزائر.. بحث سبل تعزيز التعاون بين المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية    تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية.. الشروع في الضخ التدريجي لمادة البن بالسعر المسقف في أسواق الجملة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية الإفريقية: اتحاد الجزائر يفتتح المنافسة أمام اورابا يونايتد (بوتسوانا)    قرار إبطال الاتفاقين التجاريين بين الاتحاد الأوروبي والمغرب سيكون له أثر مهم على "الاجتهاد القضائي" للمحكمة    اجتماع تنسيقي بوزارة الصحة لمتابعة الوضعية الصحية بالمناطق الحدودية    الرئاسيات بتونس: فوز قيس سعيد بعهدة ثانية بنسبة 7ر90 بالمائة    حمدان: معركة "طوفان الأقصى" مستمرة على خطى الثورة الجزائرية المباركة    قرار رئيس الجمهورية زيادة المنحة السياحية سيعطي أريحية للمواطنين الراغبين في السفر    سفير اليابان ينوه بمستوى العلاقات الممتازة بين الجزائر وبلاده    غرداية.. 9 اتفاقيات تعاون لتدعيم فرص التكوين عن طريق التمهين    قالمة.. الشروع قريبا في إنجاز أكثر من 2000 وحدة سكنية جديدة بصيغة العمومي الإيجاري    اجتماع مكتبي غرفتي البرلمان وممثل الحكومة    محرز يخيّب الآمال    انتشار فيديوهات تشجّع على زواج القصّر    المجلس الشعبي عضو ملاحظ    لا زيادات في الضرائب    فتح التسجيلات اليوم وإلى 12 ديسمبر 2024    ارتفاع قياسي في درجات الحرارة بداية من نهار اليوم    خنشلة : فرقة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية توقيف 04 أشخاص قاموا بتقليد أختام شركة    مطالبة أطراف فرنسية مراجعة اتفاق 1968 هو مجرد "شعار سياسي"    الحوار الوطني الذي كان قد أعلن عنه سيكون نهاية 2025    إجمالي ودائع الصيرفة الإسلامية لدى البنوك يفوق 794 مليار دج    الاستلاب الثقافي والحضاري..!؟    رفع منح.. السياحة والحج والطلبة داخل وخارج الوطن    مستغانم : الشرطة القضائية بأمن الولاية توقيف مدبر رئيسي للهجرة غير الشرعية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تروي قصص لتجارب إنسانية متعددة    رئيس الجمهورية يأمر بمتابعة حثيثة للوضعية الوبائية في الولايات الحدودية بأقصى الجنوب    رئيس الجمهورية يأمر برفع قيمة المنحة السياحية ومنحتي الحج والطلبة    الجائزة الدولية الكبرى لانغولا: فوز أسامة عبد الله ميموني    خلال تصفيات "كان" 2025 : بيتكوفيتش يسعى لتحقيق 3 أهداف في مباراتي توغو    افتتاح مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    المنافسات الافريقية للأندية (عملية القرعة): الاندية الجزائرية تتعرف على منافسيها في مرحلة المجموعات غدا الاثنين    انطلاق عملية التصويت للانتخابات الرئاسية في تونس    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: فيلم "ميسي بغداد" يفتتح المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يعود بعد 6 سنوات من الغياب.. الفيلم الروائي الجزائري "عين لحجر" يفتتح الطبعة ال12    بيتكوفيتش يعلن القائمة النهائية المعنية بمواجهتي توغو : استدعاء إبراهيم مازا لأول مرة ..عودة بوعناني وغياب بلايلي    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    دفتيريا وملاريا سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل القاطنين    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التي رأيت مؤامرة على الشباب
نشر في الشعب يوم 20 - 12 - 2011

تحالف عدد من المنظمات الشبابية في مصر وأطلقوا دعوة لتنظيم مليونية كبيرة بالعباسية - أحد أقدم ميادين القاهرة الواقع في الطريق المؤدي إلى وزارة الدفاع المصرية - بعد غد الجمعة تأييدا للمجلس العسكري وحماية لمصر من مؤامرة جارية ومؤامرات أخرى قادمة ولفتا للأنظار عما يجري التخطيط له في اطار المشروع الأمريكي لاثارة فوض هدامة تسمح بتقسيم مصر على نفس المخطط الذي أطلقه برنارد لويس العام 1980.
ويكشف مصمم حركة الطابور الخامس السيد خالد عبدالعزيز رمان وهو من أشد المهتمين بمستقبل مصر أن مؤامرة تدور حول شباب مصر من خلال الالتفاف حول الثورة وتمويل حركات شبانية لافراغ التحول الديمقراطي من محتواه، تمويل وصل لحد الساعة الى 300 مليون دولار. فهل حقيقة مشروع الثورة المصرية الى عملية اجهاض؟ وما الدروس المستفادة على صعيد مشاريع الثورة في البلدان العربية الأخرى.
مصر الآن
أقمت أياما بمصر الجديدة ولم أحس بشيء يدل على حراك ثوري، فالناس كعادتهم مشغولون بلقمة العيش التي صارت صعبة أكثر من السابق، ولكن أحداث مجلس الوزراء وميدان التحرير ظلت تثير تجاذبات رأي وسط النخبة. وانتقلت الى حي المهندسين والزمالك فلم ألمح شيئا خارج المألوف والقطار القديم يعج بأمواج البشر والناس في نكتهم ونشاطهم كالمعتاد، وزرت جامعة القاهرة فوجدت الطلاب يدرسون كما هم تلاميذ المدارس عدا دخول بعضهم في اضراب محدود في كلية الاقتصاد، ورحت الاسكندرية فإذا هي مدينة جميلة وهادئة ولا شيء فيها يدل على شيء خاص. ولكن وفي نفس الوقت وأنا أستعرض بعض قنوات التلفزيون والصحف أجدني كمن يعيش خارج مصر مصدوما بصور العنف وزجاجات المولوتوف واطلاق النار واحتجاجات بعض الشباب عن مسارات الحكم في مصر. يبدو أن المشهد خليط بين هدوء عام يصنعه حجم سكاني قدره 80 مليون نسمة وحراك جزئي من صنع تيارات شبانية محددة تباينت الآراء في وصفها.
الرأي والرأي الآخر
استطلعت الرأي ففهمت ما يلي :
رأي يقول بأن مصر تمر بانتخابات فاز فيها الاسلاميون في مرحلتيها الأولى والثانية بنسبة 70 بالمائة من الأصوات، وأن اشاعة الفوضى في البلاد يخدم عملية الغاء المرحلة الثالثة وبالتالي الغاء الانتخابات كلها ويمهد لفرض حالة الطوارئ، وهذا الهدف تشترك فيه أطياف سياسية ونخبوية ورسمية متعددة. ورأي يقول بأن دولا وجمعيات أجنبية تمول الفوضى من أجل تنفيذ مخطط برنارد لويس لتفتيت العالم العربي من افريقيا الشمالية حتى الشرق الأوسط مرورا بمصر وهو نفسه مخطط الشرق الأوسط الجديد. وهناك من يزعم بأن الشباب المحتج هو من فئة شباب ثورة السادس من أبريل وبالتالي يحمل فلسفة حماية الثورة من السطو والاجهاض وأن من يدعي غير ذلك يخدم فرضية المؤامرة التي أسقطتها الأحداث. وهناك رأي يقول بأن بقايا النظام السابق تنشط في الظل مستفيدة من تسهيلات رسمية تقدم لها في العلن، الغرض منها قطع الطريق أمام تقدم الاسلاميين نحو الحكم وبالتالي اثارة الصدام من جديد بينهم والمجلس العسكري. وهناك الغالبية الصامتة التي يجري حاليا توظيفها في اتجاه اطلاق تحالف جديد يدعم المجلس العسكري ويكشف أوراق الجهات التي تقف وراء الفوضى، وسيتم اختبار قدرة التحالف الجديدة في رسم التوازن خلال مليونية العباسية بعد غد الجمعة.
التاريخ يتكرر أو مزيدا من تفكيك الوعي
أستطيع أن أقول جازما بأن صناعة الأحداث في الحاضر تبرز لنا مكونات التاريخ، اذ يبدو الترابط واضحا في المشهد المصري بين تجربة الاسلاميين مع الجيش منذ ولادة حركة الاخوان المسلمين أوائل القرن الماضي حيث ظل التجاذب مستمرا بين الهدنة والصراع ، وتجربة التدخل الأمريكي في العراق والتي ولدت حالة من الحرب الأهلية وخطر التقسيم على خلفية اسقاط نظام الديكتاتورية والاستبداد العام 2004 ، وتجربة الثورة الليبية التي أفضت الى قرار نقل القاعدة البحرية الأمريكية من ألمانيا الى بنغازي أياما قليلة بعد اسقاط نظام القذافي في اطلالة شاملة على الساحة المصرية، وتجربة السودان التي أفرزت لنا تقسيما عرقيا ودينيا لأوسع دولة عربية افريقية على الاطلاق سيكون له شأن كبير في رسم مستقبل السودان الجديد، وتجربة الجزائر مع اسقاط نظام الحزب الواحد العام 1988 وما تلاها من تآكل اجتماعي واقتصادي وسياسي داخلي أخر البلاد على سلم التنمية نصف قرن الى الوراء.
نعم، جميع الحركات الثورية في الوطن العربي خلال القرن الماضي والقرن الجاري تعكس وضعية مشروعة وشرعية لشعوب تريد أن تعيش بسلام وفي حدود تطلعاتها ومستقبلها، ولكن حالة الوعي لديها تبدو قاصرة عن فهم سوسيولوجيا الثورة لسبب بسيط وهو حالة التفكك الذي أصاب النخبة حتى لم تعد تسمح لها بقيادة فكرية رشيدة للتحول الديمقراطي الشيء الذي فتح المجال لتسلل العامل الخارجي الذي يكتسب شرعيته هو الآخر من نظرية المصالح مستفيدا من طبيعة ديمغرافيا سكان البلاد العربية وهي طبيعة تصف 60 بالمائة من شعب مصر بالشريحة النشطة يقودها عنفوان الشباب وتسوقها عاطفة الانطلاق والحرية وسط قيود اجتماعية واقتصادية ظلت لعقود من الزمن تؤجج لهيب الثورة في النفوس.
هذا هو المشهد في رأيي بكل اختصار، مشهد ينطبق على جميع الدول العربية المرشحة للثورات وهو حقا معقد بسبب بعده السوسيولوجي والتاريخي وسنقف قريبا على مشهد ما بعد الربيع العربي الذي يختزل التاريخ في جملة واحدة : لا نجاح لمشروع ثوري يصمم في الخارج ولا يصنع بأيد تختزن أفكارا نهضوية ومشاريع تجديد فكري حقيقي بدل أن تشد على تعابير الصدام والعنف كاليد المشدودة في رمز الثورة المصرية الحالية. انها واحدة من سنن الله في تاريخ الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.