ورشات تكوين للشّباب المقبل على الزّواج «نشر الوعي وسط الشباب هو أول خطوة نحو مجتمع يحترم المرأة كشريك أساسي في بنائه»، هكذا أجابت عتيقة حريشان رئيسة جمعية «حورية» عن سؤال «الشعب» حول سبب ارتفاع نسبة العنف العائلي ضد المرأة، فرغم كل تلك القوانين التي وضعها المشرّع الجزائري من أجل تعزيز مكانة المرأة في المجتمع، لكنها بقيت مجرد مواد قانونية تُترك عند عتبة المنزل، فداخله قانون آخر كرسّه ووضعه مجتمع له أعرافه وتقاليده. قالت عتيقة حريشان إن الوعي يبدأ بنشر المفاهيم الصحيحة، وتصحيح الخاطئ منها وسط الشباب من خلال الورشات التي تقوم بها الجمعية في مختلف ولايات الوطن، مؤكدة في ذات السياق افتخارها بالقانون الجزائري الذي لا يفرق بين الرجل والمرأة في أي مجال كان بل جعل من الجزائر من الدول الرائدة والمتميزة في تكريس مبدأ المساواة بينهما، لكن غياب الوعي لدى مختلف فئات المجتمع حال دون بلوغ أهدافه، فإذا نظرنا مثلا إلى قضية الميراث نجد أن الشرع والقانون يكفل للمرأة حقها فيه، لكن الأعراف والتقاليد تكرّس مفاهيم خاطئة تمنع المرأة من حقها في الميراث فقط لأنها أنثى، بل في بعض الأحيان نجدها تشجّع على ممارسة العنف ضد المرأة سواء بإعطاء الرجل سلطة التحكم في أخته أو قبولها تعنيفه لزوجته، وهذا أمر مرفوض لأنّنا بذلك نربّي أجيالا كاملة تقبل العنف كلغة حوار بين أفراد الأسرة الواحدة. وقالت عتيقة حريشان إنّ العنف سلوك غير سوي يجب أن تكون المدرسة من خلال البرامج التربوية طرفا أساسيا في محاربته ونشر المفاهيم الصحيحة، لأن الوعي يجب أن يبدأ من الطفل الصغير ولا يمكن بناء رجل المستقبل دون إعطاء الطفل التربية السليمة والصحيحة بغية إبعاده عن الصورة النمطية التي يرسّخها المجتمع عن المرأة، فالقانون موجود لكن تطبيقه صعب، فلا يمكن أن نضع أمام كل منزل شرطي لحراسة المرأة أولتطبيقه، ما يعكس أهمية نشر الوعي وتربية الأجيال القادمة على مفاهيم صحيحة تجعل من المرأة شريك مكمل للرجل وليست تابعة له في مرتبة أدنى. ترى جمعية «حورية» الحل في الوقاية من خلال مقاربة توعوية بنشر ثقافة التسامح والرفق، واحترام الآخر بين مختلف أفراد المجتمع والأسرة الواحدة، بهذه الثقافة نسترجع مكانة الطفلة عند والدها وصورة المرأة لتكون محل بركة واعتزاز في صفة الأم والجدّة، وبعيدة عن الفردانية لأنها الأخت، البنت، الزوجة والأم لذلك لا بد من تكوين شباب واع بالدور المنوط بكل طرف في المجتمع، شباب واعي بالعلاقة التكاملية التي تربط بين الرجل والمرأة لأنهما عاملان مهمان في بناء المجتمع، فأيّ ارتباك في تلك العلاقة سيؤدّي إلى الإخلال بتوازنه.في هذا الصدد، قالت عتيقة حريشان إنّ جمعية «حورية» تعمل على فتح ورشات تكوين للشباب المقبل على الزواج بغية تأهيلهم قبل الارتباط ليكونوا واعين بالمسؤولية المقبلين عليها، تعلّمهم المعنى الحقيقي للأسرة، المرأة والرجل، إبعادهم عن علاقة الهيمنة التي يكرّسها المجتمع بين الأزواج، وهي نظرة تقليدية في جعل المرأة مجرد خادمة للرجل، ومن خلال تلك الورشات نؤسس لجيل جديد يؤمن بالتحاور والاحترام كلغة خطاب مع المرأة.\