أطلق الرئيس تبون مسار إنجاز التزاماته ال 54 المتضمنة في برنامج بناء الجزائر الجديدة، بتعيينه للوزير الأول الذي تولى المسؤولية أمس، ليشرع في تشكيل الحكومة تحسبا لمواجهة الظرف الراهن الصعب اقتصاديا واجتماعيا ولكن الممكن تجاوزه بأقل كلفة بالنظر لتشكل قناعة راسخة لدى جميع الشركاء بما في ذلك أوساط من المعارضة بضرورة تجاوز المرحلة نحو أفق أكثر ديناميكية تسمح للبلاد بالتموقع ضمن النظام العالمي والإقليمي كقوة شريكة في اتخاذ القرار. أعطى الوزير الأول الجديد عبد العزيز جراد ملامح أسلوب تجسيد مسار التغيير الذي يبدأ من الذهنيات والمناهج وإرساء ثقافة عمل المؤسسات وصياغة القرارات بالمعايير الموضوعية وفقا لمقاربات تخص كل مسألة وفقا لمنظور دقيق ينسجم مع التوجهات الثابتة للجزائر، خاصة بالنسبة للتطورات الإقليمية والعالمية التي تتطلب حضورا متواصلا، يستمد قوته من إعادة ضبط الأولويات في الساحة الداخلية. إشارات إيجابية بعث بها الوزير الأول مباشرة بعد خروجه من مكتب الرئيس طمأن من خلالها بأن المرحلة ترتكز على إقامة أسس المسار الجديد بكل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بحيث يفتح المجال واسعا أمام الكفاءات والمبادرات حتى يساهم كل واحد بجهده وذكائه وأفكاره وعمله في بناء الجدار المتين للجزائر الجديدة، لتستعيد عافيتها الاقتصادية بالأخص وتعزز استقرارها الشامل، في ظل الذهاب إلى الورشات الكبرى للإصلاحات التي وعد بها الرئيس المنتخب. وتندرج الإصلاحات بدءا بالدستور وقانون الانتخابات في سياق تلبية مطالب الشعب المعبّر عنها في الفترة الأخيرة من أجل استيعاب أكثر لكل النسيج السياسي المتنوع بمرافقته للدخول إلى المجالس الشعبية المنتخبة الوطنية والمحلي، حيث يمكن حينها لكل توجه أو فئة الدفاع عن أفكار ومواقف تفضي إلى قرارات تعكس حقيقة التنوع الاجتماعي. ملفات ثقيلة ومعقدة تنتظر المعالجة بالذكاء اللّازم والتحكم الدقيق في تحليل البيانات وتمحيص المؤشرات خاصة في قطاعات يراهن عليها في إنجاز أهداف النمو بالنظر للإمكانات المتوفرة والفرص القائمة للاستثمار، مع الحفاظ على نفس الوتيرة في مكافحة الفساد ومواصلة استئصاله من المنظومة الاقتصادية والإدارية، التي تتطلب تغييرا في العمق، وفاء لكل المسار الذي قطعته البلاد منذ حوالي عشرة أشهر.