تحول سوق الجملة للخضر والفواكه بالكاليتوس، منذ إعادة الاعتبار له سنة 2010 إلى قبلة للتجار من جميع مناطق الوطن، حيث يشهد يوميا استقبال 4 آلاف شخص منهم تجار جملة، تجار تجزئة وبائعين متنقلين، وما حفز هؤلاء على القدوم إليه رغم بعد المسافة نوعية المنتجات التي يعرضها، وأسعارها المعقولة، ناهيك عن التنظيم الداخلي المحكم وتوفير كل أسباب الراحة والأمن. سمح الدعم الذي خصصه والي ولاية الجزائر، لسوق الجملة للخضر والفواكه بالكاليتوس، بإعادة بعث الحياة من جديد بهذا الهيكل، وتفعيل نشاطه بعد توقف دام عدة سنوات بسبب مشاكل وهزات داخلية كادت أن تعصف بوجوده. وقال المدير العام للسوق منير عياد، ل «الشعب» أن حالة السوق خلال الفترة الممتدة من سنة 1994 إلى 2010 عرفت تدهورا، نتيجة المشاكل الداخلية المرتبطة بالتنظيم، وهو الأمر الذي دفعه منذ توليه تسيير السوق في أوت 2010 إلى استعادة الانضباط داخل المؤسسة لا سيما ما بين الأعوان والوكلاء بهدف تحسين التسيير على مستوى السوق، وتوفير كل أسباب الراحة للفلاح والوكلاء من حيث الرقابة والأمن لتمكينهم من القيام بمهامهم وضمان بذلك تموين مستمر لسكان العاصمة بما يحتاجونه من منتجات زراعية. وعرف سوق الجملة للكاليتوس تحسنا ملحوظا بشهادة الجميع، فمبلغ 15 مليار سنيتم الذي خصصته ولاية الجزائر كدعم أولي للنهوض به من جديد، سمح بتعبيد الطريق المؤدي إليه، بعد أن كان السير فيها يصعب على الحيوان فما بالك الإنسان بسبب اهترائه وكثرة الحفر المنتشرة وسطه، كما تم إعادة ترميم الجدار الخارجي، وبناء مقر جديد للإدارة ينتظر تسلمه في أقرب الآجال، فضلا عن إيلاء الأهمية للأمن الداخلي، لكون المؤسسة تقع في منطقة كانت إلى وقت قريب مسرحا للعديد من الجرائم والاعتداءات. ويؤكد رئيس أعوان الأمن بسوق الكاليتوس، ل «الشعب» أنه إلى وقت قريب كان من المستحيل أن تدخل فتاة للسوق، أو تتجرأ على المرور قربه، لكن بفضل تعزيز الرقابة من قبل الأعوان وتجهيز السوق بكاميرات مراقبة، تم تدارك العجز المسجل في هذا الجانب الأمني، وفرض حماية لكل الداخلين إلى السوق أو الخارجين منه. ويقول المدير العام للسوق، أن هذا الأخير لم يشهد منذ إعادة تهيئته أي حادث سرقة، أو اعتداء بدليل عدم تسجيل أي حالة شكوى لدى مصالح الأمن والدرك الوطني، قبل أن يضيف أن مصالح إدارته تسير في اتجاه وضع مخطط رقابة بالتنسيق مع الجهات الأمنية لتأمين كل السوق الذي يمتد على مساحة 6 هكتار. استقطاب 4 آلاف تاجر يوميا إجراءات إعادة تهيئة السوق، توفير أسباب الراحة من مقاهي وحمامات ومسجد وتوفير الأمن أعادت الثقة للتجار وللفلاحين وللمتعاملين وجعلت عدد الوافدين إليه يتضاعف يوميا، حيث أصبح يسجل السوق -حسب منير عياد- استقبال 4 آلاف شخص، فيما يتولى 80 وكيلا عملية عرض كل أنواع المواد الزراعية، بمربعات خصصت لهذا الغرض. وحسب معاينتا للمكان، يقصد السوق تجار وفلاحون من مختلف ولايات الوطن، وقد أظهرت لوحات ترقيم الشاحنات المتفاوتة الأحجام، والمصطفة بساحة السوق وبالمحيط القريب منه ذلك، فمنهم من جاء من ولايات بعيدة كباتنة، برج بوعريريج، المسيلة، ومنهم من جاء من الولايات المجاورة على غرار بومرداس، البويرة، البليدة، تيبازة، ولكن ساقهم هدف واحد هو التزود بالمؤونة ومختلف المنتجات الزراعية لا سيما تلك التي تشتهر بها منطقة متيجة مثل البرتقال بكل أنواعها. والابتياع من سوق الكاليتوس لا يقتصر على فئة معينة حيث يقصده تجار التجزئة والجملة والباعة المتنقلون وحتى مواطنون يفضلون الشراء بكميات كبيرة نظرا للأسعار المغرية التي يوفرها. ويؤكد المدير العام للسوق منير عياد، أن هدف المؤسسة يرتكز على ضمان المؤونة لسكان العاصمة، موضحا أن هؤلاء لا يشتكون في الوقت الحالي من ندرة المواد الغذائية حيث تتواجد كل المنتجات بوفرة في السوق بما فيها المستوردة، وتوزع على جميع بلديات الولاية إضافة إلى الولايات الأخرى. ويرى ذات المسؤول، أن الفلاحين يفضلون المجيء إلى سوق الجملة بالكاليتوس لأنه الوحيد الذي يحكمه تنظيم داخلي خاص سمح بتوفير كل التجهيزات والهياكل للفلاح والوكيل على حد السواء، منها بنك على مستوى السوق، مسجد، مقاهي وحمامات ''ونفكر في المستقبل في بناء فندق للفلاحين القادمين من خارج تراب الولاية لضمان أمنهم أكثر ولكي يساهم في دخل المؤسسة''. تحقيق 50 بالمائة من الأهداف و2012 للعصرنة ومنافسة الأسواق الأخرى استطاعت المؤسسة الوطنية لسوق الجملة للخضر والفواكه بالكاليتوس تحقيق 50 بالمائة من أهدافها المسطرة سنة 2011 وذلك بعد استعادة الاستقرار الداخلي بالسوق، وهو ما جعل المدير العام للسوق يسطر مجموعة من الأهداف سنة 2012، أحد هذه الأهداف دخول المنافسة التجارية والاقتصادية مع مؤسسات أخرى، لتحسين مداخيل المؤسسة التي عرفت هزات في السنوات الماضية، وما دام أن وجه المؤسسة عرف تحسنا في سنتين، فإن دخول عالم التنافس مع الأسواق المجاورة على غرار سوق بوفاريك وكسب رهان التقدم ممكن في ظل هذا التطور السريع. ويراهن مدير سوق الجملة بالكاليتوس، على العصرنة لدخول مجال التنافس واحتلال المراكز الريادية، وفي هذا الصدد أوضح أن استعادة الاستقرار الداخلي بالسوق سمح للسلطات الولائية لولاية الجزائر العاصمة، باتخاذ قرار آخر يقضي بإدخال العصرنة إلى هذه المؤسسة، على اعتبار أنها تابعة لولاية الجزائر التي خصها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمخطط ترقية خاص، وهو ما يفرض مسايرة هذه الجهود خدمة للصالح العام وللاقتصاد الوطني. وحتى لا يبقى مشروع عصرنة سوق الجملة بالكاليتوس حبرا على ورق، يقول عياد، فقد خصص المجلس الشعبي الولائي في جوان 2011، مبلغ يقدر ب 15 مليار سنيتم قابلة للزيادة، للانطلاق في المشروع هذه السنة. وأوكلت عملية إعداد دفتر الشروط الخاص بعصرنة السوق إلى لجنة خاصة تضم ممثلي كل القطاعات الوزارية، على أن يتم الإعلان على المناقصة المتعلقة بالمشروع في غضون ال 10 الأيام القادمة، وذلك بعد موافقة اللجنة على دفتر الشروط. وسيسمح المشروع الذي سيستغرق مدة 5 أشهر أو ستة حسب المدير العام لسوق الجملة للخضر والفواكه بالكاليتوس، بتجهيز هذا الأخير بأحدث التجهيزات التكنولوجية من أجهزة إنارة، وكاميرات مراقبة حيث ينتظر أن يتعزز السوق ب 30 كاميرا جديدة تضاف للثلاثة الموجودة، وكذا بلوحات إلكترونية لإشهار أسعار الخضر والفواكه داخل مربعات الوكلاء، وخارج السوق حتى يتمكن التجار من الإطلاع على آخر الأسعار التي تتغير كل ساعة. وأضاف عياد، أن المؤسسة تفكر في وضع آلات متطورة لنقل الخضر والفواكه من الفلاح إلى الوكيل كتلك المعمول بها في الدول المتطورة، بدل الاعتماد على عربات النقل التي تذكرنا بالعصر الحجري، كما ستنشئ المؤسسة غرف تبريد على مستوى السوق لتأمين العاصمة في حالة وقوع كوارث. وكما ساهم سوق الجملة بالكاليتوس في إنعاش الحركة التجارية بالعاصمة وبالولايات المجاورة، بادر إلى خلق مناصب شغل للشباب الجامعي البطال، حيث تم توظيف ضمن عقود ما قبل التشغيل 16 عاملا ينتظر دمجهم في مناصب ثابتة، بمجرد تحسن مداخيل المؤسسة. وقد أشاد عياد، بكفاءتهم حيث قال أنهم تمكنوا من دراسة عدة مواضيع ووجدوا حلولا لها، في وقت عجزت عن ذلك جهات أخرى لم يسميها. ويقتات من السوق، ما يقارب عن 4 آلاف عائلة بما فيهم الوكلاء وعمال الإدارة، بالإضافة إلى أصحاب سيارات الأجرة النظامين وغير النظامين، وكان الرقم سيرتفع لو وضعت البلدية خط نقل مباشر يسمح بنقل الوافدين إلى السوق من زبائن وتجار. تبادل التهم بين تجار الجملة والتجزئة لم نشأ مغادرة السوق، قبل الاطلاع على أسعار الخضر والفواكه خلال يوم قيامنا بهذه الجولة الاستطلاعية، فارتفاع الأسعار بسوق التجزئة أسال الكثير من الحبر في الكثير من المرات، وأدى إلى تبادل الاتهامات بين تجار الجملة والتجزئة لما يحاول المواطن البسيط الاستفسار عن السبب، فكل طرف يحمل المسؤولية للآخر، بل ويجد العديد من الأعذار ليبرئ نفسه في حين التهمة «لابساتو». اتفق كل من سألناه عن طريقة تحديد أسعار المنتجات الزراعية، أن السعر يخضع لقانون العرض والطلب، الجميع لنا هذه الفكرة وهم راضون ومقتنعون بهذا القانون، غير أن جولتنا داخل السوق أظهرت لنا العديد من الاختلالات وفروقا واضحة بين أسعار نفس المواد الزراعية الموسمية وغير الموسمية، بهامش ربح يتراوح ما بين 10 دج و20 دج، وهو ما أكد لنا أن تجار الجملة يفرضون منطقهم ويتحججون بشيء إسمه قانون العرض والطلب، بدليل عرض نفس المنتوج في مكان واحد وبأسعار مختلفة. وبرر عياش بورحلة بائع بالسوق، اختلاف سعر نفس المنتوج رغم عرضه في مكان واحد، بوجود تجار يشترون مباشرة من الفلاح الذي يضطر إلى تصريف سلعته بثمن بخس لأن الوكيل هو من يحكم، وبالتالي يعرض المنتوج للبيع بهامش ربح منخفض، فيما يوجد آخرون يشترون نفس المنتوج من تجار آخرين ابتاعوه من الفلاح بالقنطار، وهؤلاء يرفضون بيع المنتوج بسعر منخفض ويطالبون بهامش ربح يتراوح ما بين 5 إلى 8 دنانير وأمام هذا الوضع يجد الوكيل نفسه مضطرا إلى شراء المنتجين بسعرين مختلفين، كما أن نوعية المنتوج تؤثر على تحديد سعره فيوجد منتوج درجة أولى، منتوج درجة ثانية، ومنتوج درجة ثالثة ورابعة، وكل بثمنه المحدد على غرار مادة البرتقال التي يتراوح سعر ما بين 25 إلى 100 دينار. وأضاف ذات المتحدث، أنه في فصل الشتاء يسجل نقص في إنتاج الطماطم، الفلفل، الفاصوليا الخضراء وغيرها من المنتجات التي تزرع في غير موسمها، وبالتالي تشهد أسعارها ارتفاعا محسوسا، على عكس المنتجات الموسمية كالبسباس، الشفلور، الكرنب، الجزر التي يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد منها من 15 دج إلى 30 دج، في حين يتراوح سعر الكيلوغرام من الطماطم ما بين 55 و75 دج والفلفل من 90 دج إلى 100 دج والخس 55 دج، والفاصوليا الخضراء من 150 إلى 180 دج و الكوسة من 80 دج إلى 90 دج. ويفرض الباعة المتجولون منطقهم، حيث يعمدون هم كذلك إلى شراء الخضر والفواكه من سوق الجملة ويعيدون بيعها على قارعة الطريق، أو وسط الأحياء بهامش ربح كبير. ويقول البائع المتجول وليد، من ولاية البويرة أنه يشتري في كل موسم الفاكهة أو الخضر الرائجة من سوق الكاليتوس، ليعيد بيعها على مستوى ولايته بعد أن يحدد هامش ربح يصل إلى 10 دج و20 دج إذا كان الطلب منخفضا، ويضاعف الربح إذا ارتفع الطلب. ويتفق الباعة المتجولون بإقليم ولايته إذا كان المنتوج يخص مادة لا تتعرض للتلف بسهولة، على هامش ربح معين حتى يضمنون استقرار سعره وبالتالي تفادي أي خسارة محتملة إذا ما تراجع الطلب عليه. ويساهم تجار الجملة، بدورهم في رفع سعر المواد الزراعية، حيث يتنقلون إلى الأسواق التي تعرض منتجات بأسعار منخفضة ويقومون بشرائها ونقلها إلى أسواق الجملة المتواجدة بمقر ولايتهم، لإعادة بيعها بسعر مغاير. ويقول يخلف بوبكر بائع جملة من بريكة في هذا الصدد، أنه تنقل إلى سوق الكاليتوس لشراء البرتقال على اعتبار أن منطقة متيجة مشهورة بهذا المنتوج، فهو ذو نوعية جيدة إضافة إلى سعره المعقول، ليعيد نقله إلى سوق الجملة ببريكة وبيعه بعد تحديد هامش ربح جديد يتراوح مابين 5 و6 دنانير، وأحيانا أخرى يخفض إلى دينارين. وتصل أرباح يخلف من هذه التجارة إلى مليون سنتيم وأحيانا أخرى يضاعف المبلغ إذا كان الطلب أكبر من العرض. تحديد هامش الربح وتعليق الاستيراد لاستعادة توازن السوق يبرر رئيس جمعية سوق الجملة للخضر والفواكه بالكاليتوس مجبر محمد الارتفاع المفاجئ لأسعار الخضر والفواكه، بالفوضى السائدة على مستوى أسواق التجزئة، محملا وزارة الفلاحة مسؤولية ما يحدث بسبب عجزها عن فرض قانون يحمي الفلاح وتاجر الجملة على حد السواء. وقال مجبر، بعت مادة البسباس ب 30 دج لأجدها عند بائع التجزئة ب 80 دج، فعلى أي أساس حدد هامش الربح، في حين يوجد من يشتري ب20 دج ويبيع ب30 دج. وأضاف: صحيح الأسعار حرة وكل تاجر يحددها وفق أهوائه، ولا يرى مانعا في الجهر بذلك، ولكن بإمكان المسؤولين أن يحددوا أسعار البيع عن طريق قوانين تجارية تحدد هوامش الربح، ويمكن أن يجسدوا ذلك في فواتير شراء تحدد فيها نسبة الربح لكل منتوج أو مادة، مثلما كان معمول به سابقا وكذا مراقبة تشهير الأسعار. وتطرق مجبر، إلى مشكل آخر يراه، عاملا يساهم في رفع أسعار بعض المنتجات الزراعية بل وفي القضاء عليها وهو الاستيراد حيث قال أن الكثير من الفلاحين اضطروا إلى اقتلاع مزارع كاملة لأشجار التفاح لأن المنتوج المستورد كدس بضاعتهم. وأضاف متسائلا: لماذا يتم استيراد البرتقال من دول مجاورة ليعاد بيعه بنفس سعر منتجونا المحلي، أبهذه الطريقة يدافع مسؤولونا عن الاقتصاد الوطني؟ ويرى ذات المتحدث، أنه على المسؤولين تشجيع الإنتاج المحلي بدل العمل على كسره، وتعزيز إنتاج وحدات التحويل لامتصاص فائض الإنتاج لضمان توازن السوق واستقرار الأسعار. عزوف عن المواد المخزنة
تحدث بعض الوكلاء الناشطين على مستوى سوق الجملة بالكاليتوس عن صعوبات أخرى باتت تعرقل عملية تصريف وبيع بعض المنتجات الزراعية خاصة المخزنة منها، كالبصل مثلا وأكد رئيس جمعية سوق الجملة للخضر والفواكه محمد مجبر أن التجار يعزفون في هذه الفترة عن شراء البصل المتواجد على مستوى السوق، لأسباب قد تكون مرتبطة بنوعية المنتوج الذي يتعرض للتلف بسرعة بمجرد إخراجه من غرف التبريد. وأشار مجبر إلى صناديق مادة البصل، صفت في زاوية المربع الخاص به قال أنها مكدسة منذ مدة ويرفض التجار شراءها. وأوضح مجبر أن أغلب الفلاحين يجهلون طريقة تخزين المنتجات الفلاحية ولا يتحكمون في التقنيات التي تسمح بالمحافظة على جودة ونوعية المنتوج الأمر الذي يعجل بتلفه بمجرد إدخاله إلى السوق ولأن التجار يرفضون الخسارة يمتنعون عن شرائه، فمثلا البطاطا من المفروض أن توضع في صناديق مثقوبة تسمح بدخول الهواء قبل وضعها مباشرة في غرف التبريد، حتى لا تتعفن وهو ما يتجنبه القائمون على التخزين، ربما لعدم درايتهم بهذا الأمر أو لأسباب أخرى نجهلها، وهو ما يفرض على وزارة الفلاحة والتنمية الريفية إعادة النظر في نظام ضبط المنتجات الواسعة الاستهلاك، وإلا ظل الفلاح يتكبد الخسائر وهو ما قد يؤدي إلى عزوفه عن الإنتاج. أطنان من الخضر ترمى في المزابل ومواطنون لم يجدوا إليها سبيلا في الوقت الذي لا يتمكن عشرات المواطنين وربما المئات من اقتناء كليوغرامات محدودة من الخضر والفواكه، لا سيما وقت ارتفاع أسعارها بأسواق التجزئة ترمى عشرات الأطنان منها في المزابل بعد أن تكون قد تعرض معظمها للتلف والتعفن، بسبب إحجام التجار عن شرائها وطرحها في أسواق التجزئة وقت الحاجة. ولم يفهم معظم تجار الجملة بسوق الكاليتوس، سبب عزوف تجار التجزئة أو حتى الباعة المتجولون عن شرائها، وإن كان حسب أحدهم الهدف من تلك الخطوة واضحا، الإبقاء على ارتفاع سعر المنتوج في حالة وفرة العرض حتى لا يتكبدون خسائر فادحة، ويضمنون بذلك هامش ربح معتبر. وحسب رئيس وكلاء سوق الجملة للخضر والفواكه بالكاليتوس، محمد مجبر ترتفع ظاهرة رمي الخضر والفواكه خلال فصل الصيف، وتمس المنتجات السريعة التلف على غرار الخوخ، المشمش، والخس، وفي بعض الأحيان تصل الحمولة الملقاة إلى 30 طن، رغم عرضها بسعر مغري يصل إلى 5 دنانير. وتلقى مادة الطماطم نفس المصير، حيث لا تجد من يشتريها ولو بلغ سعرها أبخس الأثمان لولا تدخل أصحاب مصانع التحويل الذين ينقذون الموقف في آخر المطاف. أما في فترة الشتاء فتلقى مادة البطاطا والبصل المخزنة نفس المصير، بسبب تعرضها للتلف بسرعة فور إخراجهما من غرف التبريد، في حين يرفض التجار اقتناء مادة الليمون التي يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد منها ما بين 15 دج و18دج بسبب تراجع الطلب عنها، على عكس فصل الصيف رغم عرضها ب 100 دج للكيلوغرام الواحد إلا أن الإقبال عليها يتضاعف لأن الجميع يستعملها سواء في صنع المثلجات، أو العصير أو في تتبيل السلاطة بالبيت. وتساءل محدثنا، عن عدم تفكير التجار في تخزين هذه المادة في فصل الصيف حينما يكون الإنتاج متوفر، مثلما هو معمول به في الدول المتقدمة حيث تقوم بتخزين فائض المنتوج حتى لا يرمى، وعند الندرة تخرجه للأسواق. وسعى الوكلاء إلى إقناع حديقة الحيوانات بشراء المنتوجات منهم قبل تلفها، إلا أن هذه الأخيرة رفضت وفضل مسؤولوها شراء الخضر والفواكه الطازجة للحيوانات.