تعيش مهنة تعليم السياقة بالجزائر فوضى عارمة بسبب غياب التنظيم والتنسيق بين جميع الأطراف والشركاء، خاصة انعدام الظروف الملائمة للتعليم المعمول بها في باقي البلدان، وغياب الرقابة الدورية ممّا انعكس سلبا على هذا النشاط الذي يتبادل فيه المعنيون التهم، وينفي كل واحد مسؤوليته خاصة بعدما ارتفعت حوادث المرور وضحاياها في السنوات الأخيرة ممّا أدى إلى التفكير في سنّ قوانين جديدة تنظّم القطاع وتفرض شروطا على ممارسي المهنة. من جهتهم، يرى أصحاب مدارس تعليم السياقة أنّ فرض قوانين جديدة وتعديل القوانين القديمة ليست كافية، ولا يمكنها إيصال القطاع إلى المستوى المطلوب دون أن يرافق ذلك تحسينات على أكثر من صعيد، خاصة مشكل المسالك التي توجد في وضعية جد سيئة يصعب العمل فيها، والدليل على ذلك العاصمة التي تتم فيها التمرينات والامتحانات في الأحياء الشعبية المكتظة، وأمام المدارس وفي الطريق العمومي في ظروف رديئة على غرار مسلك السمار بجسر قسنطينة وكوريفة بالحراش، ومسلكي براقي وعين النعجة، وهي الوضعية التي يدفع ثمنها المترشحون لنيل رخصة السياقة التي ارتفع سعرها إلى 30 ألف دينار. وخلال زيارتنا إلى مسلك عين النعجة الواقع بحي 2248 مسكن حيث تجري التمرينات والامتحانات بالنسبة للمترشحين، الذين يتوافدون على هذا المكان من مختلف جهات العاصمة من الساعات الأولى للنهار، ومن بين هؤلاء مرشّحة تعليم السياقة بحي سونلغاز، بدت راضية على الأرضية التي قالت أنها مهيّأة مقارنة بأرضية مسلك السمار بجسر قسنطينة الذي يوجد في وضعية سيئة، فضلا عن غياب النظافة والأمن. من جهتهم، اعتبر أصحاب مدارس تعليم السياقة أنفسهم ضحايا سوء التسيير والإدارة، حيث قال صاحب مدرسة لتعليم السياقة بعين النعجة، أنّ العمل يتم في ظروف صعبة، وأنّ هناك تجاوزات تحدث بسبب الفوضى وغياب الإدارة التي تتسامح مع المترشحين المتهاونين الذين يغيب بعضهم سنة كاملة، ثم يصحو فجأة ويطالب بإجراء الامتحان حتى لا يضطر إلى إعادة الملف من جديد، بالإضافة إلى المسلك الذي لا يصلح للتدريب ولإجراء الامتحانات بسبب وجوده في حي شعبي مكتظ بالأطفال، وتكثر فيه حركة الراجلين والسيارات، وتكثر الاعتداءات في هذا المسلك الذي يفترض أن يكون مغلقا ومهيئا لإجراء الامتحانات. أمّا صاحب مدرسة السياقة بحي سونلغاز (1)، فأكد أن التعليم والتكوين في المستوى المطلوب، وأن ما أعطى القطاع صورة سيئة فهي الفوضى في إجراء الامتحانات، وغياب المسالك المغلقة والمهيأة. هذا الرأي شاطره فيه أحد زملائه، الذي قال أن الوضعية كارثية لأنّ الإدارة لا تعمل عملها، والمسيّرون ليس لهم خبرة بالميدان معتبرا أن إجراء الامتحانات والتمرينات في مسلك “في حومة بعين النعجة” أمر غير معقول، في وقت كان لابد فيه من توفير مسالك مغلقة ومهيئة بكل المرافق الضرورية من أمن ونظافة، وذلك لإنجاح البرنامج الجديد الذي أقرّته الوزارة لضبط المهنة.وبخصوص رفع عدد الدروس إلى 30 درسا، قال أن التقسيم لا يتم على الأساس، وإنما صاحب المدرسة هو من يقيّم المرشحين الذي يحتاج بعضهم إلى 60 درسا بينما هناك من يحتاج أقل.ولم يسلم الممرّنون والمهندسون من الانتقادات، حيث حمّلهم صاحب المدرسة جانبا من الفوضى واتّهمهم بالقيام بتصرفات غير معقولة. وبمقابل هذا لم يخف المترشّحين لنيل رخصة السياقة قلقهم من الأساليب والمناهج الذي باتت تعتمدها معظم هذه المدارس في التلقين، لأنها لا تستند حسب غالبية هؤلاء الذين التقينا بهم بعين النعجة لأساس بيداغوجي، بل حتى حجم الوقت المخصص للسياقة فهو غير كاف حسب تعبيرهم إضافة إلى الاكتظاظ داخل المدارس وعدم أهلية الممرّن في أحيان أخرى، وهي عوامل باتت تؤثّر سلبا على تكوين السائق الجزائري.