يُطرح مخطط عمل الحكومة الذي يعرض على نواب المجلس الشعبي الوطني، غدا الثلاثاء،للنقاش قبل المصادقة عليه، جملة من الخيارات والبدائل يراهن عليها تجسيدا للتغيير الجذري والإصلاحات الموّسعة لمنظومة سياسية اقتصادية ولأجهزة الحكم. وهي أجهزة يراد لها أن تتسّم بالشفافية في إدارة شؤون الرّعية والتكفل بانشغالاتها لجعلها حلقة أساسية في معادلة التجديد والتقويم دون النظر إليها كورقة انتخابية ظرفية. يظهر المخطط المستند إلى التزامات 54، تعهد الرئيس تبون بتجسيدها في الميدان، اعتمادا على كفاءات فريق عمل، يتقاسم الوظيفة بروح مسؤولة ومتبصّرة لا تسمح باختلال محتمل، محدثا قطيعة مع ممارسات سابقة، أدخلت البلاد إلى فوضى عارمة، فرضت بدائل لوضع أسس دولة حديثة تستجيب لتطلعاته وتلبي مطالب مشروعة. جاءت ورشات الاصلاح لمراجعة الدستور، المنطلق الأول في التغيير لإقامة جمهورية جديدة لها نظامها السياسي، عهدات رئاسية محدّدة، وسلطات منفصلة لكل واحدة وظيفتها المستقلة،بعيدا عن مركزية الجهاز التنفيذي وجمع الصلاحيات بيد الرئيس، مثلما جرى سابقا ما أدى الى انزلاقات خطيرة. يستند المخطط الحكومي إلى محاور أساسية يعوّل عليها في تكريس حوكمة ورشادة تسيير وتنظيم، منها مراجعة النظام الانتخابي السامح للمواطن تأدية واجبه لاختيار من هو أنسب لتمثيله وحمل همومه، ومن ثمة تحمّل مسؤوليته في حالة حدوث أي اختلال أو هفوة محتملة تخلّ بتجسيد الوعود الانتخابية والالتزامات في أي موقع أومجلس. حسمت التزامات الرئيس تبون هذه المسألة مبكرا، بالتأكيد على إعادة صياغة الإطار القانوني للانتخابات بضبط معايير جديدة تضع حدا للتلاعب بأصوات الناخبين وثقتهم في اقتراع نزيه وشفاف، بالتركيز على معايير ومواصفات مشروطة على المترشحين للمجالس المحلية والولائية والوطنية. وهي معايير غايتها تهيئة المناخ السياسي لبروز جيل جديد من المجالس المنتخبة يعتمد على الكفاءة قاعدة، والأخلاق النزيهة قيمة، والوطنية مرجعية لا تقبل مساومة ولا تسمح بدخول المال الفاسد للممارسة الديمقراطية. هذه المحاور منطلق إصلاح شامل للدولة بكل فروعها ومؤسساتها الجمهورية، باعتبارها الأرضية الآمنة لإقامة دولة المؤسسات التي تتجسد من خلالها استقلالية القضاء في تأدية وظيفته بحرية واستقامة حيث القانون يعلو ولا يُعلى عليه. وتعزّز مسعى التغيير لاستكمال بناء الدولة الحديثة، الصحافة التي تحتل الأولوية في المخطط الحكومي المشدّد على إعلام وطني تعددي مسؤول لا يتخذ من حرية التعبير مطّية للدوس على أخلاقيات المهنة والترويج لمعلومات غير مؤسسة والتمادي في استخدام تعابير وألفاظ تمس بحياة الناس، تؤجّج الحقد والكراهية في المجتمع الواحد التواق للتعايش والتسامح، والمتطلع لصحافة ترافق العمل السياسي، تعزّز الممارسة الديمقراطية باحترافية عالية بعيدا عن الفوضى المدّمرة.