جولة أخرى من المفاوضات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تجري ببروكسل في مارس الداخل لاستكمال الحوار حول مسألة تمديد التفكيك الجمركي إلى أفق 2020، بدل 2017 مثلما تضمنه اتفاق الشراكة الموقع بين البلدين. وهو اتفاق يعرف اختلالا كبيرا في التجسيد منذ سبتمبر 2005، حيث لازالت أوروبا أسيرة النظرة السابقة، ولم تتحرر منها، وتعتبر الجزائر مجرد سوق لتفريغ منتوجاتها ومصنوعاتها دون بلوغ درجة الاستثمار والشراكة، المعتمدة على قاعدة تقاسم المصالح والأتعاب دون بقائها على عاتق طرف واحد..وتشدد الجزائر على هذا الطرح، وتراه أولوية واستعجالا في إقامة علاقات شراكة متوارنة، متحررة من الأفكار المسبقة، والنظرة الماركنتيلية المحضة. وجددت التأكيد عليها في كل لقاء مع الطرف الأوروبي في مختلف الجولات التي عرفت نقاشات جادة ضاربة على وتر ما اتخذ من تدابير في قانون المالية بدءا من 2008، وهي تدابير تمنح الأولوية للاستثمار على حساب الاستيراد. وعن مضمون ما تطالب به الجزائر ولا تتنازل عنه في المفاوضات التي لم يحسمها لقاء العاصمة، ذكر مدلسي وزير الخارجية بقائمة منتوجات صناعية تعطيها البلاد الأولوية في الحوار الثنائي مع الشريك الآخر. وقال الوزير في رده على سؤال »الشعب« حول هذا الموضوع في اللقاء الاعلامي المشترك مع نظيره الاسباني جوزي مانويل غارسيا مارغلو، بأن الطرفين انكب على دراسة جملة من الاقتراحات بعد استشارة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكن يبقى استكمال بعض التفاصيل في لقاء بروكسل في مارس الداخل. وتدور المفاوضات المرتقبة حول قوائم ذات الأولوية بالنسبة للمنتوجات الصناعية الجزائرية التي تسبب خسارة للسوق الأوروبي في حالة تجسيد أسعار الاستيراد. ومن جهتها، تطرح الجزائر انشغالا حول المنافسة غير القانونية في مجال الصناعات الناشئة في حالة عدم الاقرار بتمديد التفكيك الجمركي. ويخص الأمر فروعا استراتيجية كالسيارات، والحديد والصلب، يضاف إلى هذا القيود المفروضة على صادرات الجزائر في مجالات الصناعة الغذائية التي تعرف الرواج الملحوظ، وتسجل أعلى النسب في النمو، بفضل التحفيزات الممنوحة للاستثمار الخاص، جريا وراء تنويع التصدير خارج المحروقات، وهو تصدير يبقى محتشما لم تتعد مداخيله 2 مليار دولار. وتنتقد الجزائر الطرف الأوروبي لعدم وفائه بالالتزامات المتضمنة في اتفاق الشراكة ولم يرافقها في حركة الاستثمار والتحويل التكنولوجي ودعم مواقفها في الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، وهو موقف كان بالامكان تجسيده في الميدان، تطبيقا لمحتوى اتفاق الشراكة الذي تقرر بعد مفاوضات مضنية..عكس هذا، أدار الشريك الأوروبي ظهره لمسعى الجزائر في هذا الاتجاه، وذهب إلى الأبعد بعد اخضاع صادراتها من الأسمدة للرسوم لم تلغ سوى في المدة الأخيرة. وكانت الأسمدة الجزائرية المصدرة ضمن الملفات التي أعاقت مسار الانضمام إلى منظمة التجارة التي سرعت الجزائر فيها بدءا من 1987 وتوقفت للظروف الطارئة التي جرت بها، مستأنفة بعد الألفية. وبعدها عادت ملفات شائكة أخرى تطرح نفسها في جولات المفاوضات بسويسرا، منها على سبيل المثال لا الحصر، فتح ملف الخدمات الخاصة بالمحروقات.. ولم تعرف الملفات حركية مألوفة، أبقت ملف انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة في وضع ستاتيكي، رغم إجابتها عن 1600 سؤال يخص المنظومة الاقتصادية ومشاركتها في 93 اجتماعا مع 21 بلدا، في انتظار جولة الحسم ال 12 المقررة في الصائفة المقبلة، من جوان إلى سبتمبر 2012.