"لا يمكن تصور ملامح المشهد السياسي بعد 10 ماي إلا بعد معرفة ما تريده السلطة من التغيير"، حسب ما أعلنه رئيس حزب العدالة والتنمية محمد السعيد بلعيد الذي يرى انه من الصعب التكهن بالخارطة السياسية التي تفرزها التشريعيات المقبلة، متسائلا إن كانت ستعتمد نفس الآليات أم تكون وفق منطق جديد، واعتبر "أن التغيير السلمي بالانتخابات لحظة سياسية هامة ولا شك في ذلك من اجل تجديد الروح المعنوية للمواطنين و فتح الباب أمام أمل جديد". قدم محمد السعيد بلعيد رئيس حزب العدالة و التنمية خلال ندوة النقاش التي نظمها أمس مركز "الشعب" للدراسات الإستراتيجية تحليلا للواقع السياسي في الجزائر، في ظل ظهور أحزاب جديدة تعززت بها الساحة السياسية من بينها حزب العدالة و التنمية الذي حصل على اعتماده منذ أيام قليلة، غير أن كل الأحزاب تعرف كما قال "تشتتا بما فيها القديمة، و الدليل على ذلك انسحاب حركة مجتمع السلم حمس من التحالف الرئاسي، و الانقسامات التي عرفتها الكثير من التشكيلات السياسية و ظهرت على أنقاضها أخرى جديدة". وعرفت كما أضاف "المؤسسة التشريعية فشلا، حيث لم تعد سوى مجرد أداة للبصمة على مشاريع جاهزة .. وهيمنة السلطة التنفيذية على بقية السلطات الأخرى، و ترتب عن ذلك تغول الإدارة و اتساع نطاق البيروقراطية، غياب برامج سياسية لأغلب الأحزاب الموجودة في الساحة. و بالرغم من هذه الصورة القاتمة للواقع السياسي كما قدمها بلعيد، إلا انه أكد في الوقت ذاته وجود إرادة سياسية معلنة وواضحة و صريحة في تغيير الوضع، لكن قابلها تطبيق متعثر و متردد من قبل أحزاب سياسية تعد طرفا في السلطة، مشيرا إلى أن الكثير من الأحزاب وقفت ضد فتح الساحة السياسية. وانتقد رئيس حزب العدالة و التنمية في سياق متصل أحزاب التحالف التي عملت حسبه "كل ما في وسعها للتأثير على مشاريع المطروحة للنقاش في البرلمان"، و أوضح أن مشاريع القوانين التي مرت على هذا الأخير كانت ترجمة واضحة لخطاب رئيس الجمهورية في 15 افريل 2011 الذي تضمن إرادة لإحداث تغيير جذري يستجيب لمتطلبات الديمقراطية و تطلعات الشعب. وأضاف في هذا الإطار أن الرئيس كانت له نظرة استباقية، لان العوامل الجيوسياسية تجعل الدول تعيش تفاعلات متبادلة بدرجات متفاوتة تبعا لكل نظام سياسي، لتفادي ما حدث في تونس و مصر و ما يحدث في محيط سوريا و البحرين، مشيرا إلى أن كل الأنظمة معنية برياح التغيير خاصة تلك التي تستعمل القبضة الحديدية لخنق الحريات و صد وصول كل رياح الديمقراطية من وراء القصور و الأبراج المشيدة، مبقية على نفس نمط الحكم "السيادة و الولاء لصاحب السمو و جلالته". و التغيير كما يراه رئيس حزب العدالة و التنمية يكون في المظهر و الجوهر، بدءا بتغيير "الوجوه الفاشلة"، وضرورة وضع مؤسسات تحكمها القوانين و تديرها الكفاءات، و هنا تكون الحاجة ملحة حسبه لإصدار دستور توافقي تحقيقا لاستقرار المؤسسات لا يتأثر بتعاقب رؤساء الجمهورية، لهذه الأسباب يريد بلعيد "أن تكون استحقاقات 10 ماي المقبلة لا تختلف عن 1 نوفمبر في تحديد مصير الجزائريين في الجزائر و هي مسؤولية الجميع". و فيما يتعلق بظاهرة العزوف و التخوف من تناميها، التي أحدثت حسبه "دوائر السلطة حالة استنفار قصوى"، ويعد كما قال "حكم على السياسة"، و إقناع المواطنين بضرورة التوجه إلى صناديق الاقتراع لا يكون عند اقتراب المواعيد الانتخابية، بل يبدأ بإقناعه بالانخراط في العمل السياسي. وقد ارجع بلعيد ظاهرة العزوف إلى عجز الأحزاب في إقناع الجزائريين للانخراط في العمل السياسي، مستندا إلى سبر للآراء نشر في الصحف الوطنية يبين حسبه أن 97.8 بالمائة من الجزائريين غير منخرطين وغير مهيكلين.