كشف أمس محمد السعيد بلعيد رئيس حزب الحرية والعدالة أن المكتب السياسي لحزبه يحسم اليوم في اجتماعه في مشاركته في المعترك التشريعي المقبل واصفا القرار بالصعب، منتقدا بشدة عدم إسقاط التجوال السياسي على مستوى البرلمان من طرف الأحزاب ذات الأغلبية، وتوقع أن يسفر الاستحقاق التشريعي المقبل عن فسيفساء من التشكيلات السياسية لن تسيطر فيها أي قوة بالأغلبية على البرلمان المقبل، حيث تكون أكثرية القوى متقاربة. شدد محمد السعيد بلعيد رئيس حزب الحرية والعدالة خلال النقاش بندوة مركز »الشعب« للدراسات الإستراتيجية على ضرورة تسليط العقاب الحقيقي بقوة القانون على المتورط في التزوير والتشهير به عبر وسائل الإعلام »حتى يتسنى لنا بلوغ سقف معتبر من التغيير«. ووصل الرجل الأول في حزب العدالة والحرية إلى قناعة ضرورة أن يتوصل الجزائريون إلى توافق حقيقي حول شكل النظام السياسي والدستوري مع أخذ بعين الاعتبار المسيرة السياسية والتجربة التي مرت بها الجزائر منذ الاستقلال، وخلص إلى القول في هذا المقام أنه يستحيل أن تحكم الجزائر بتيار سياسي واحد من أجل ضمان الاستقرار وإرساء مشاريع التنمية وبالتالي التوافق على آليات الحكم وكيفية حكم الجزائر خلال ال50 سنة المقبلة. وأكد محمد السعيد عدم وجود أي نية في التحالف مع تيارات سياسية أخرى في حالة إقرار مشاركتهم في المعترك الانتخابي المقبل، لكنه أبدى استعدادا للتنسيق والتعاون مع مختلف الأحزاب في عملية الرقابة على صناديق الاقتراع بغض النظر عن لونها السياسي وعلى اعتبار أنه يستحيل على أي تشكيلة سياسية أن تضمن تغطية ما لا يقل عن 55 ألف صندوق اقتراع. واغتنم الفرصة لإثارة مسألة عدم تسديد الدولة المال لمراقبي الأحزاب في الاستحقاق التشريعي المقبل لذا يرى أهمية التنسيق بين الأحزاب. ويرى مؤسس حزب العدالة والحرية انه »إذا تسنى لنا تقليص هامش محاولات التزوير وشعرنا بخطورة هذه الآفة، فإننا سننجح في رهان تنظيم انتخابات شفافة حتى وإن كان بنسبة ال50 بالمائة، وأنذاك نكون قد قطعنا مرحلة متقدمة«. وراهن رئيس حزب الحرية والعدالة على ضرورة تغيير الوجوه من المرشحين للمعركة التشريعية المقبلة »حتى نتجنب أي عزوف في الانتخابات التشريعية القادمة«، ويستعيدون حسبه الجزائريون الأمل، ونكرس القطيعة مع المال السياسي »الشكارة« ويفسح المجال للكفاءات وذهب محمد السعيد إلى أبعد من ذلك عندما شدد على ضرورة أن يعاقب. وكل من يستغل المال السياسي ويغير الإرادة الشعبية، وحتى تختفي على حد تأكيده طريقة التصويت عن طريق الأوراق البيضاء. وقال محمد السعيد رئيس حزب العدالة والتنمية أنهم اليوم سيصدرون قرارا يقضي إما بالمشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل أو من عدمه حيث أوضح أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم والأولوية بالنسبة لهم بناء الحزب، لكنه اعترف بوجود ضغط داخل الحزب على مستوى الولايات من أجل المشاركة في الانتخابات، وذكر وجود إمكانية منح فرصة لمناضليه من أجل التربص في الولايات التي يوجد فيه إلحاح وتتوفر في الأشخاص عدة شروط على غرار الكفاءة والنزاهة والالتزام بالخط السياسي وما أسماه بنكران الذات بعيدا عن الانتهازية، ولم يخف تخوفه بأنه لا يمكنه أن يضع حزبه في نتائج غير مضمونة النتائج لذا ستدرس إمكانية المشاركة من عدمها وحمل أحزاب التحالف الرئاسي في البرلمان إسقاطها لمنع التجوال السياسي، رغم موافقة مجلسي الحكومة والوزراء، وفتح أبواب الحزب لكل من يرغب في بنائه مستاء من المتدفقين على الحزب من أجل الترشح فقط. وفي رده عن سؤال حول إن كانت تحالفات بعض الأحزاب قد يهدد الوحدة الوطنية نفى ذلك وأشار محمد السعيد إلى أن الوحدة الوطنية مسؤولية الجميع، وصرح أن الحزب الذي لا يدافع عن الوحدة الوطنية يعد خارقا للقانون. وتحفظ بخصوص الإفصاح عن برنامجه الحزبي إلى غاية اتخاذ قرار المشاركة من عدمه وجدد التأكيد أن هدفهم الانتشار وليس التموقع داخل البرلمان والحكومة حتى يعاد للعمل السياسي في الجزائر اعتباره وينجح في تكريس العمل السياسي النظيف مجددا، بعدما قال أنه تم تشويه العمل السياسي. وحول سؤال يتعلق بالاتهامات التي أطلقت حول تمويل بعض السياسيين بالمال الأجنبي يرى أن العدالة وحدها تفصل في الأمر، وقال أن المسؤولية مشتركة بين المتهم والمشكك وإذا ثبتت براءة المتهم فإن المشكك يجب أن يتحمل المسؤولية لأن الأمر يتعلق بمصداقية الدولة الجزائرية. وعبر محمد السعيد عن استيائه الشديد حول الحكم على الأحزاب الجديدة بأنها أحزاب صغيرة قبل أن تنزل للميدان وتثبت قوة أو ضعف وعائها الانتخابي، ودعا في هذا المقام إلى ضرورة أن تمنح الأحزاب الناشئة الوقت حتى يحكم على وزنها وقال »من الخطأ أن نحكم عليها في ال10 ماي المقبل، بالموازاة مع أحزاب لديها الإمكانيات والمقرات وهذا ما تحرم منه الأحزاب الجديدة«، محذرا من خطر المال السياسي. واستحسن رئيس حزب الحرية والعدالة وجود لجنة قضائية تشرف على العملية الانتخابية وقال »يجب أن تلعب دورها لأن مصداقية القاضي الجزائري صارت في الميزان ونزاهته ستكون خطوة جيدة تؤسس للمستقبل«، وتمنى أن تكون هذه اللجان في مستوى نظيراتها بكل من مصر والباكستان. وتأسف محمد السعيد في رد يتعلق بسؤال حول زيارة هيلاري كلينتون الأخيرة لكون رئيسة الدبلوماسية الأمريكية وقفت في محطة تقنية بالجزائر ولم تتعدى زيارتها بضع ساعات بخلاف تونس والمغرب. ووجه محمد السعيد دعوة لبناء جبهة داخلية قوية على اعتبار أن السياسة الخارجية مرآة للسياسة الداخلية.