تتوسع دائرة انتشار الوباء العالمي كورونا (كوفيد-19) في العالم، فيما يتزايد القلق بشأن القدرة على احتوائه، ما أثار مخاوف على الاقتصاد العالمي الذي تتكبد أسواقه خسائر متواصلة. فقد أدى فيروس كورونا إلى مقتل أزيد من 6000 شخص في العالم من بينها أزيد 2000 حالة في أوروبا، بحسب تقارير رسمية تناقلتها وكالات الأنباء العالمية أمس، فيما توسعت عدد الدول التي لجأت إلى تفعيل أقصى درجات الطوارئ. حرب المخابر وفي سباق مع الزمن، وعلى مدى ما يقرب من ثلاثة شهور من تفشي الفيروس وتحوله مؤخرا إلى جائحة ووباء عالمي، تتسابق المعامل البحثية العلمية العالمية و التابعة منها لشركات صناعة الدواء، فيما بينها للوصول إلى عقار يقضي عليه نهائيا. وفيما يتعلق هذا السباق بالحفاظ على حياة الإنسان وصحته، فإنه لا يغفل محاولة إثبات التفوق العلمي والأرباح المتوقع جنيها إذا ما توصلت إحدى تلك الشركات للعقار المناسب قبل غيرها. وقد أعلنت مؤخرا معامل الأبحاث في كل من فرنساوألمانيا واليابان وأسبانيا عن نجاح أبحاث تستخدم تكنولوجيا النانو (الجزيئات متناهية الصغر من المواد العلاجية) في مواجهة الفيروس ووقف انتشاره. طريق طويل وعلى الرغم من التقدم في مجال التكنولوجيا وفهم الأنظمة الحيوية، إلا أن اكتشاف الأدوية- بحسب خبراء في مجال الصحة- لا يزال طريقا طويلا مكلفا ومرهقا واكتشاف الأدوية في مجالات الطب والتكنولوجيا الحيوية وعلم الأدوية، هو العملية التي يتم من خلالها اكتشاف العلاجات أو تصميمها. ألمانيا تتصدى لمطامع ترامب وتسعى برلين لمنع واشنطن من إقناع شركة ألمانية تعمل على تطوير لقاح لفيروس كورونا، لنقل أبحاثها إلى الولاياتالمتحدة، إذ يصر السياسيون الألمانيون على عدم احتكار أي بلد للقاح المحتمل. وأكدت وزارة الصحة الألمانية، تقريرا نشرته وسائل إعلام محلية، ادعى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عرض أموالا لإغراء شركة «كيورفاك» للانتقال إلى الولاياتالمتحدة، في حين تعرض الحكومة الألمانية عروضا منافسة لإقناعها بالبقاء. وقال كبير مسؤولي الإنتاج في «كيورفاك» والمؤسس المشارك، فلوريان فون دير مولبي، في وقت سابق، إن الشركة بدأت بعدد كبير من اللقاحات المرشحة الخاصة بالفيروسات التاجية، والآن تفاضل بين خيارين لإجراء التجارب السريرية. كما قال وزير الخارجية هايكو ماس في مقابلة نشرتها المجموعة الإعلامية المحلية «فونكي» الإثنين إن «الباحثين الألمان يلعبون دورا أساسيا في تطوير أدوية ولقاحات ولا يمكن أن نسمح لآخرين بالسعي لحيازة حصرية نتائجهم». وأثنى وزير الاقتصاد الالماني بيتر ألتماير على «القرار الممتاز» الذي اتخذته شركة «كيور فاك» برفضها عروض واشنطن. وأجريت أمس، أول تجربة للقاح على البشر يهدف إلى الحماية من الفيروس، وذلك في مدينة سياتل بالولاياتالمتحدة. وذكرت تقارير محلية أن الحكومة الأمريكية تمول التجربة، التي بدأت باختبارات على 45 متطوعا من الشباب الأصحاء حيث يحصل المشاركون في التجربة على جرعات متنوعة من لقاح لا يحتوي على أي جزء من الفيروس. ويعتمد اللقاح الخاضع للتجربة باسم «أم ار ان اي-1273»، وانتجته شركة «مودرنا»، والذي تجري تجربته، على دفع الخلايا البشرية لإنتاج بروتينات قد تجنب الإصابة بالوباء أو تعالجه. وفي المرحلة الأولى من التجربة، ستختبر الجرعة اللازمة لاستنفار الجهاز المناعي لدى الشخص.
تداعيات على الإقتصاد العالمي من جهة أخرى، أعلنت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، أن أي تأثير على اقتصاد الصين يلقي بتداعياته على الاقتصاد العالمي. وأوضحت أن الصندوق يعمل على جمع المعطيات اللازمة لتقييم التأثير الكامل لفيروس كورونا في الصين قائلة «لا نزال في مرحلة تتسم بالكثير من عدم اليقين ولذا سأتحدث عن السيناريوهات المطروحة بدلا من التوقعات.» وأضافت أنه في حين تشير التوقعات إلى تعافي الاقتصاد الصيني بسرعة مع استعداد المصانع للتعويض عن الوقت الضائع وإعادة تزويد المستودعات بالبضائع، إلا أن السيناريو الأقرب للحدوث هو أن نشهد هبوطا حادا في الأنشطة الاقتصادية في الصين يعقبه انتعاش سريع واحتواء تأثير الهبوط على الاقتصاد الصيني وبالتالي على الاقتصاد العالمي ككل.» وقالت مديرة صندوق النقد الدولي إن مرض «سارس» تفشى في وقت لم يكن للصين نفس التأثير على الاقتصاد العالمي الذي تتمتع به اليوم. إذ كانت تشكل 8 بالمائة من الاقتصاد العالمي أما اليوم فتشكل الصين 19 بالمائة وهي متداخلة أكثر في آسيا وفي جميع أنحاء العالم. «ولهذا فإن أي تشويش سيحمل أثرا على بقية الدول.» خطة عالمية لحماية الاقتصادات وكشف البنك الدولي في وقت سابق عن خطة طوارئ تبلغ قيمتها 12 مليار دولار لحماية الاقتصادات من أضرار الفيروس. وتسبب كورونا في انكماش الاقتصاد الصيني وفي جميع المجالات، ويعد هذا هو الانكماش الأكبر على الاطلاق في جميع القطاعات، وفقا لبيانات رسمية حديثة أصدرتها مصلحة الدولة للإحصاء. وذكرت مصلحة الدولة الصينية للإحصاء، أمس، أنه رغم أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) جلب صدمات كبيرة نسبيا للأنشطة الاقتصادية، إلا أن تأثيراته قصيرة الأجل ويمكن السيطرة عليها إلى حد كبير. وأوضحت البيانات أن الإنتاج الصناعي في الصين وهو مقياس لنشاط التصنيع والتعدين والمرافق العامة انخفض بنسبة 13.5 في المائة خلال الشهرين الأولين من العام الحالي مما يعد نتيجة حتمية لإغلاق المصانع ووحدات الانتاج لاحتواء الفيروس. وتخالف هذه الأرقام بكثير توقعات مجموعة من المحللين التي أشارت إلى انكماش بنسبة 4 في المائة في قطاع التجزئة. فرنسا تخشى الانهيار صرح المدير العام لشؤون الصحة في فرنسا جيروم سالومون أمس، بأن الوضع في البلاد جراء انتشار فيروس كورونا «كوفيد-19» قد أصبح «مقلقا جدا و«يتدهور بسرعة كبيرة» وأعرب عن قلقه من احتمال أن تصل المستشفيات إلى «أعلى قدرة استيعابية». وفي حديث لإذاعة فرانس أنتر قال إن «عدد الحالات أصبح يتضاعف كل ثلاثة أيام» مضيفا «هناك مرضى في حالة صعبة، في العناية الفائقة، ويقدر عدد هؤلاء بالمئات». وأعلن الرئيس الفرنسي، حجر صحي عام في البلاد لاحتواء تفشي فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من 5000 شخص في البلاد. وبحسب آخر أرقام صدرت عن الوكالة الوطنية للصحة العامة، فإن حصيلة وباء كوفيد-19 في فرنسا ارتفعت إلى 127 وفاة و5423 إصابة مثبتة، بزيادة 36 وفاة وأكثر من 900 إصابة في 24 ساعة. وأدخل أكثر من 400 شخص إلى المستشفيات وهم في حالة خطرة. قال رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، أمس، أن فيروس «كورونا» المستجد لم يصل إلى ذروة انتشاره في بلاده بعد، مؤكدا أن الأسابيع المقبلة ستشهد الخطر الأكبر من تفشي الفيروس. وأضاف جوزيبي كونتي أن الوضع في بلاده «سيتدهور أكثر في الأسابيع القادمة»، موضحا أن حكومته مستعدة للتدخل مرة أخرى إذا كانت هناك حاجة لاتخاذ إجراءات. وبإسبانيا، قال فرناندو سيمون مدير مركز الطوارئ الصحية في إسبانيا إن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في البلاد ارتفع إلى 8744 بينما زادت الوفيات إلى 297. إغلاق الحدود ناقشت المستشارة الألمانية أمس، مع كل من الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون ديرلاين أزمة تفشي فيروس كورونا وعملية مراقبة الحدود الأوروبية. وباشرت الشرطة الألمانية صباح أمس، فرض تدابير الإغلاق الجزئي للحدود مع خمس دول بينها فرنسا، في سياق الجهود لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد. وبدأ رجال الشرطة الألمان اعتبارا من الساعة 8،00 الكشف على الآليات القادمة من فرنسا والنمسا وسويسرا والدنمارك ولوكسمبورغ وقد تلقوا تعليمات تقضي بعدم السماح بالمرور سوى للبضائع والعاملين في ألمانيا. إغلاق المساجد في المغرب قال المجلس العلمي الأعلى بالمغرب إن المملكة ستغلق جميع المساجد اعتبارا من يوم أمس،كإجراء وقائي في إطار مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد. وكانت وزارة الداخلية قد قالت إن المغرب سيغلق المطاعم ودور السينما والمسارح والنوادي الرياضية والعامة والحمامات العامة وغيرها من أماكن الترفيه اعتبارا من الاثنين.