عندما قال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مخاطبا الشعب الجزائري، إن «حياة الجزائريين فوق كل اعتبار وقبل كل شيء»، كان منطقيا أن يصنف الوباء المتفشي في خانة «الأمن الوطني والصحي»، الذي تسقط أمامه المصلحة الفردية وإن تعلق الأمر بحريات لا مناص من تقييدها، لأنها قد تكون سببا في كارثة إنسانية حقيقة. بعيدا عن التهويل وبصرامة كبيرة، توجه رئيس الجمهورية إلى الشعب في كلمة أرادها مطمئنة، لكن لم تخل من التحذير والدعوة إلى اليقظة، والتحلي بكامل الوعي الضروري، الذي يجنب الجزائر شعبا ودولة، ما تعيشه اليوم عديد الدول، التي تفصل بيننا وبينها ضفة المتوسط فقط. الأسلوب الذي تبناه الرئيس تبون في خطابه لم يكن اعتباطيا، لأنه يدرك تماما بأن الشعب في مثل هذه الظروف الصعبة، في حاجة إلى طمأنة أكثر من الترويع، دون إغفال مسألة التحذير على اعتبار أن تجارب الدول الأخرى، أثبتت باليقين بأن الوقاية وحدها الكفيلة بتفادي المأساة، لاسيما وأن فيروس كورونا الفتاك، لا علاج له تماما كما هو الحال بالنسبة لسائر الفيروسات، وفق ما يؤكد الأطباء المختصون. واللافت في خطاب الرئيس، الذي تزامن وانتقال الجزائر إلى المرحلة الثانية من انتشار المرض بتسجيل قرابة 70 حالة بعدد وفيات يناهز الستة، علما أن المرحلة الثالثة والأخيرة هي الأخطر، حرصه والتزامه على توفير الحماية الصحية والرعاية الطبية للمواطنين. ولعل أهم الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس، توقيف المظاهرات، يأتي استجابة لمطلب شعبي بعدما عبّر الجزائريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر وسائل الإعلام السمعي البصري، عن تخوفهم من أن يساهم مساهمة الخروج إلى الشوارع في انتشار سريع للفيروس، وكذا الطبقة السياسية قاطبة بما في ذلك المعارضة، التي دعت إلى تعليق الحراك، تجنبا للكارثة على الشعب الجزائري، ما يضع نقطة استفهام كبيرة حول الحراك، فإذا كان الذين يخرجون إلى الشوارع يريدون، فعلا مصلحة الجزائر والجزائريين، لماذا يستمرون معرضين إياهم إلى خطر محقق؟ وهل يمكن في هذه الحالة منعها وهل يصنف في خانة تقييد للحريات؟ الطمأنينة لا تعني أن الجزائر في منأى عن الخطر، إذ أن كل الاحتمالات واردة بما في ذلك المرور إلى المرحلة الثالثة، التي تتخذ فيها إجراءات أكثر صرامة، في مقدمتها الحجر الصحي لمدن بأكملها، إلا أنه كان لابد منها على اعتبار أنها جرعة أمل، موازاة مع دعوة الشعب إلى التحلي بروح المسؤولية والوعي لتجنب وتجاوز محنة «كوفيد 19» بأقل ضرر ممكن.