تكشف قضية الاعتقال الإداري للأسيرة الفلسطينية، هناء الشلبي، حقيقة الظلم والاضطهاد الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني الأبي، تحت سمع وبصر العالم من دون أن يحرك ساكنا.فرغم أنها من الأسرى المحررين في صفقة تبادل الجندي الأسير جلعاد شاليط، نهاية العام الماضي، فقد أوقفها الاحتلال الإسرائيلي من جديد في 16 فيفري الماضي، ووضعها في الاعتقال الإداري ستة أشهر، قابلة بطبيعة الحال في عرف القضاء الإسرائيلي، للتجديد. إن الأسيرة الفلسطينية التي أعيد اعتقالها بدون تهمة أو ذنب إقترفته ولا توجد لها محاكمة، أرادت أن تتصدى لسياسة الاعتقال الإداري، التي لا يوجد لها مثيل في العالم، باعتبارها ترتكز على قانون ظالم ينتهك حقوق الإنسان.ولم تجد غير الاضراب المفتوح عن الطعام، احتجاجا على هذا الإجراء، لإسماع العالم صوتها. هذا الاضراب الذي دخل يومه ال34، مما جعلها في حالة صحية خطيرة، فرضت على السلطات الإسرائيلية نقلها إلى المستشفى. ورغم عدالة قضيتها هذه والوضعية التي أصبحت عليها، لم تجد أي اهتمام أو عناية حقيقية من المجتمع الدولي، الذي يندد بالنظام السوري ويترصد كل حركاته. ويذهب بعيدا في تشويهه ومطالبته بالرحيل تنفيذا لأجندات أجنبية، أما الأسيرة هناء شلبي التي أصبحت حياتها في خطر، فإنها لم تجد غير المتضامنين معها من فلسطينيي القدس وغزة وغيرها من المدن. أما وسائل الإعلام الغربية، فإن لم تسمع عنها وإن حدث فإن أمرها لا يعنيها. إن الأسيرة هناء شلبي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي تطبق عليها مثل هذا الإجراء التعسفي الجائر، إذ هناك أيضا على سبيل المثال النائب الأسير أحمد الحاج، الذي ينفذ أيضا إضرابا عن الطعام من أسبوع.ولهذا يتحتم على المجتمع الدولي التحرك والتدخل العاجل للإفراج عن المعتقلين وهناء الشلبي وأحمد الحاج، وتحقيق حريتهم الكاملة بدون قيد أو شرط، وتطبيق ذات القوانين السارية على اليهود الإسرائيليين، لأنه لا يمكن الكيل بمكيالين في دولة تدعي الديمقراطية وبأنها النموذج الأوحد في المنطقة. والحقيقة أن سياسة الكيل بمكيالين، جعلت من ظلم الفلسطينيين وقهرهم عدالة في ظل تطبيق القوانين الإسرائيلية الجائرة، التي اعتاد »الكنيست« على إصدارها لتضييق الحياة عليهم وإجبارهم على التخلي على أراضيهم وممتلكاتهم ومن ثم دفعهم للهجرة إلى الخارج. ولعل آخر الأمثلة على ذلك، ما كشف عنه أمس مركز مساواة الإسرائيلي في تقريره السنوي حول العنصرية. ويستعرض تقرير مركز مساواة والائتلاف لمناهضة العنصرية في الكيان الصهيوني المقرر أمس في مؤتمر بالكنيست حقيقة التمييز العنصري في مجالات التعليم، التربية والسكن في إسرائيل، ومما جاء فيه: أنه في العام الماضي تم تقديم 35 اقتراح قانون عنصري في الكنيست. وجرت أحداث عنصرية لها علاقة باقتراحات قوانين عنصرية وتمييزية طرحت في الكنيست بهدف واحد ووحيد وهو التضييق على مجال التحرك والنشاط للمواطنين العرب في إسرائيل. وفي تطرقه إلى ال155 حادثة عنصرية من قبل المؤسسات الإسرائيلية الرسمية أو الخاصة أو العامة أو المتاجر وكذا المس بالحق في السكن، الذي يتم عبر الهدم أو إخلاء المواطنين من شققهم. ونذكر من أهم ما ذكره بخصوص هذه الأحداث العنصرية 61 شكوى بمنع الدخول إلى المراكز الترفيهية و22 حالة هدم منازل وهدم قرية العراقيب غير المعترف بها في النقب 15 مرة. ويذكر أيضا 13 حادثة جرت في العام الماضي تمس بمشاعر دينية وتحولت إلى أفعال حقيقية وصلت إلى حد حرق المساجد والكنائس، ويشير التقرير أيضا إلى تخريب وتدنيس المقابر والمس بأماكن العبادة والصلاة كأداة لتحريض الجماهير. إن الاعتقال الإداري الساري المفعول والتجاوزات التي كشف عنها مركز مساواة خلال العام الماضي، تؤكد حقيقة الديمقراطية التي تدعيها إسرائيل ويفتخر بها الغرب، مما يتطلب حراكا حقيقيا من المجتمع الدولي، خاصة وأن الأوضاع الفلسطينية تشهد تراجعا لا وجود له في العالم، تعمل إسرائيل في ظل الصمت العربي المنشغل بتغييرات الربيع، على تطبيق المزيد من إجراءاتها المجحفة بقصد إبعاد الفلسطينيين وابتلاع ما تبقى من أراضيهم تحقيقا لحلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.