إنّ المجلس الإسلامي الأعلى إذ يدعو الله ويتضرع إليه أن يرفع هذا الوباء ويُبلّغنا شهر رمضان الكريم صومًا وقيامًا ونحن في صحّة وعافية. يهيب المجلس بالأطباء المرابطين الذين يُحاربون هذا العدّو الخفيّ، كما يترحّم على شهداء هذا الوباء، ويدعو الله أن يوفّق الذين يَسهرون على حماية الوطن والشعب ويجزيهم أجرًا مثل أعوان الأمن بمختلف أسلاكه وموظّفي الدولة بمختلف رتبهم، والسّاعين في الخير وجمع التبرعات المتضامنين مع إخوانهم الجزائريين. إنّ المجلس الإسلامي الأعلى يدعو إلى الوحدة الوطنية والتلاحم من أجل الخروج من هذه المحنة سالمين، ويتطلّب ذلك الطّمأنينة والانضباط، طمأنينة في ثقة المواطن بما يقوله المختصّون كل في مجاله، طمأنينة في تلقّيه الخبر الصحيح، وحمايته من الأخبار الكاذبة ووباء الشّائعة، فالانضباط بالحجر الصحّي واحترام الحظر، والوقاية يحتاج منا احترام التخصصات في أن لا يتحدّث في مجال الطب إلاّ الأطباء وفي الاقتصاد إلاّ الاقتصاديون وفي الدّين إلاّ أهله (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا). الإسراء الآية 36 مع العلم أن المؤسسة المسؤولة عن الإفتاء قد أعدت لها هيئة مؤلفة من خيرة علمائنا وفقهائنا بمن فيهم بعض أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى الذي يدعو إلى تجنب التشويش على عقل المواطن واستقراره، وأن تبقى الفتوى في النوازل من اختصاص الهيئة المذكورة التي تضطلع بها فقها وقانونا . وإذا كان لبعض العلماء آراء في الموضوع فالواجب يقتضي منهم أن يتواصلوا مع هيئة الفتوى يهدف جمع الكلمة المطلوبة شرعا وحكمة، فلأن يقع الخطأ أو البعد عن الصواب في أداء الواجب أفضل من أن يقع الخطأ في ترك الواجب. ففي القيام بالواجب تحصين وتثبيت لوحدة الأمة، وفي التخلي عنه تفتيت وتشتيت وضياع لوحدة الأمة، وهي مصدر قوتها ودوامها. فليلتزم كل من المتجرئين على الفتوى بحدود الحياء ويسلموا لرأي الجماعة، لأن يد الله مع الجماعة وهو الموفق عباده المخلصين إلى الصواب، وهو المنتظر منه أن يقشع عنا بلطفه ورحمته خطر ما كتبه علينا في الكتاب، وأن يجعل قضاءه رحمة لعباده الصابرين المحتسبين ونجاة لهم من العذاب، حتى لايكون قدره تعالى وسيلة إلى معصيته في ابتداع ضلالات تشكك المسلمين في صلاح دينهم، وأصالة حضارتهم، وما النصر إلا من عند الله .