يؤكد الانقلاب العسكري الذي عرفته مالي المؤامرات الخارجية الغربية في منطقة الساحل منذ أكثر من عشرية كاملة، حيث تسعى القوى الإمبريالية إلى إثارة الفوضى في المنطقة للتوغل من أجل السيطرة على المنطقة سواء من خلال افتعال الخطر الإرهابي أو تشجيع الانقسام وإثارة النعرات. ويأتي هذا الانقلاب في ظرف تمر به باماكو بأزمة كبيرة بعد اندلاع حرب أهلية في شمال مالي مع حركة ڤالأزوادڤ منذ أشهر بالرغم من اتفاقات التهدئة والحوار التي ساهمت فيها دول الجوار والجزائر بصفة خاصة لتفادي وضعيات الانسداد وتجنب الفوضى الخلاقة التي تضعف الدول وتمهد الطريق للتدخل الأجنبي. وتظهر بصمات المؤامرة الخارجية من خلال التوقيت والظروف التي حدث فيها الانقلاب الذي تزامن مع الانتخابات الرئاسية في فرنسا والتحضير للرئاسيات الأمريكية وارتفاع حدة الاحتقان بالشرق الأوسط وتواصل المد الصيني في القارة وغيرها من المعطيات التي تؤكد نظرية افتعال الأزمات والحروب للتغطية على انحرافات والأهداف الخفية للدول الغربية، ومعها الشركات المتعددة الجنسيات التي تأمل في استغلال ثروات الساحل. وتعكس كثرة الانقلابات في الساحل بعد النيجر وموريتانيا والأزمة التي عرفتها ليبيا عن سيناريو خفي يهدف إلى إضعاف مجهودات الجزائر وإحباط معنوياتها لمساعدة دول المنطقة على تجاوز الخلافات والتفكير في استراتيجيات مشتركة تتضمن أبعادا أمنية واقتصادية تكون حصنا ضد الجماعات الإرهابية والقوى الخارجية. ويفضح زعزعة استقرار دول الساحل نفاق الغرب الذي يبكي في الندوات الصحافية والملتقيات والندوات الدولية على منطقة الساحل الصحراوي، ويشجع مجهودات الجزائر والتنمية ليعود بالطائرات بدون طيار، ومرتزقة يتقنون الحروب الأهلية وفنون الفوضى لخدمة أجندات أجنبية. إن الجزائر التي بقيت وفية لدبلوماسيتها المشجعة على السلام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومساعدة كل الدول دون تمييز في العرق أو الدين، ستستفيد أكثر من هذه المؤامرات وستخرج منتصرة في الأخير ولو كره الغرب الذي لا يؤمن إلا بمصالحه ولو على حساب جثث الشعوب. وستكشف الأيام القادمة خيوط الانقلابات وأهدافها التي تصب حتما في خانة فرض ضغوطات على الجزائر من أجل قضايا ومواقف معينة . بوغرارة حكيم