تعد ولاية عنابة من بين المدن الجزائرية التي تزخر بتراث مادي ولامادي هائل، جعل منها وجهة سياحية بامتياز، حيث يقف الزائر لها على عراقتها وتعاقب الحضارات عليها، لتلقب بجوهرة المتوسط والتي تألقت بآثارها ومعالمها التاريخية المنتشرة عبر مختلف ربوع المدينة، بحيث أنه من لم يقم بزيارة معالمها وأثارها من الوافدين إليها وكأنه لم يزر بونة ولم يتجول بشوارعها وأزقتها العريقة.. «لالة بونة تاريخ وحضارة» تعد «لالة بونة» من أشهر المعالم التاريخية بهذه المدينة، بشكلها الهندسي المعماري المستلهم من فن العمارة المغاربية والبزنطية، ما زادها جمالا وتألقا، إلى جانب موقعها الاستراتيجي بحيث تطل من فوق ربوة على الميناء والبحر، وكذا على السهل جنوبا، ف«لالة بونة» عبارة عن صرح ديني بني في الفترة ما بين 1881 و1900، تضم آثارا رومانية هامة، على غرار مساحة تسمى ب«الفوروم الروماني»، كما توجد بها بقايا مسرح ومدرجات اوركسترا، بالإضافة إلى تماثيل وقبور كتمثال «هاكيوس»، «اسكولاب»، «افروديت ايون»، «إله السنة» وتمثال آلهة الحب وتمثال القديس اوغستين، كما توجد كنيسة كاثوليكية من العهد الاستعماري بازليك السلام على ربوة «هيبون» المشرفة على المدينة الأثرية حاملة الاسم نفسه. 200 معلم أثري بمتحف «هيبون» إلى جانب متحف «هيبون» والذي يحتوي على مجموعة قيمة من الآثار منها تماثيل وأواني فضية ونحاسية ولوحات من الفسيفساء لمختلف الحقبات التاريخية التي مرت بها المدينة، فهو يتوفر على أكثر من 200 معلم أثري، من بينها 10 مواقع ومعالم مصنفة،، كما يتوفّر هذا الموقع على حمامات رومانية، تعرف باسم حمامات الشمال لتموقعها في الحي الشمالي للمدينة، والتي تعتبر من أكبر الأبنية الأثرية القديمة وأجملها، ويبلغ طولها 75م و60م عرضا، تحتوي على مسبح كبير مكشوف وقاعة المياه الباردة المعروفة ب «فريجيداريوم»، التي يبلغ طولها 30م وعرضها 15م، وزوّدت الصالة من الداخل بثلاثة حنفيات في الزوايا، حيث تحتضن كل حنفية حوضا للمياه كمغطس.. يمكن القول أن السلطات العليا للبلاد أولت لهذا المعلم التاريخي أهمية كبرى فبعد التدهور الذي عرفه خلال السنوات الماضية شهد أشغال ترميم شاركت فيها مؤسسات متخصصة قامت بتجديد القنوات وترميم وإعادة تأهيل الجداريات والزجاج.. أقدم المعالم الإسلامية في الجزائر يعتبر مسجد «أبو مروان الشريف» من ضمن أقدم المعالم الإسلامية الموجودة في الجزائر، كان حين تشييده حصنا منيعاً لردع الهجمات الآتية من شمال البحر الأبيض المتوسط، ليصبح اليوم منارة علمية ودينية يستقطب يوميا مئات الزوار، بُني المسجد في سنة 425م في عهد الدولة الزيرية، أشرف على بنائه وتأسيسه «الليث البوني» الذي ينحدر من عائلة كريمة في عنابة تعرف ب«دار النيار»، وقد حوّل هذا المسجد خلال فترة الاستعمار سنة 1832 إلى مستشفى عسكري. يحمل المسجد ضريح الإمام عبد الملك بن مروان بن على الأزدري المولود في مدينة إشبيلية، ليتحول جزء منه إلى مدرسة لتعليم القرآن والجهة المتبقية إلى مسجد للمصلين، وهو مسجد ذو طابع أندلسي، تم تأسيسه على ركائز أسطوانية الشكل، بالإضافة إلى استخدام أعمدة من الآثار الرومانية في بنائه، أما المئذنة المربعة وأحادية الشرفة فقد استمدت من الطراز الأندلسي لمسجد قرطبة. أما مسجد صالح باي فيعد أيضا من بين أهم المعالم الدينية التي تزخر بها عنابة، تم تدشينه يوم 18 أوت 1912 ، وهو يتوسط باحة السوافة بالمدينة القديمة «بلاص دارم»، حيث يوجد بمحاذاة الجهة الشرقية للميناء.. من المساجد الأولى التي أخذت الطابع التركي الأناضولي بالجزائر، له هندسة معمارية جميلة. أما تسمية هذا الجامع ترجع إلى صالح باي بن مصطفى المولود بأزمير الشرقية، والذي كان باياً على حامية قسنطينة، وهو الذي أمر ببناء مسجد في وسط المدينة العتيقة باعتبارها أنداك محجا للعلماء ومقصدا لدارسي القرآن، كما أنه ما يميز المسجد تلك الناعورة التي تتوسطه، والتي تتميز بفسيفساء فريدة من نوعها فهي مرصعة بماء الذهب الخالص، ممزوجة بزخرفة إسلامية. تاريخ عريق ... تعتبر «قصبة عنابة» معلما تاريخيا هاما تحكي جدرانه عراقة وأصالة مدينة بونة، شيدت في عهد الدولة الزيرية الصنهاجية، لتكون حصنا لمجابهة العدو، تحتوي على العديد من البيوت التي تتوسّط حدائق واسعة، وتأخذ شكل معمار أندلسي، ناهيك عن الصناعة التقليدية التي تتميز بها المدينة من صناعة الخزف والفخار والجلود والزرابي.. ويطلق على أزقة القصبة أو المدينة القديمة أسماء الأضرحة الكائنة بها، حيث تشكل أهمية لدى سكان «بلاص دارم» على غرار «سيدي خليف»، «سيدي أبو مروان الشريف»، «سيدي بلعيد».. وتعتبر منطقة «الفنقة» أو «بوقصرين» وتقع بالقرب من الجسر الذي يعرف في عنابة ب «قنطرة الهواء» الذي أسّس في العهد الفاطمي تحفة بحد ذاته. كما أنه من بين المواقع التي تشتهر بها أسوار المدينة، برج المعدومين، القلعة الحفصية، جامع صالح باي، جامع أبو مروان.. فالمعلم التاريخي «القصبة» تاريخ عريق ترويه أزقته وهو اليوم بحاجة إلى التفاتة فعلية من قبل السلطات، حيث تكاد جدرانه تنهار، ما ينم على الاهتمام غير الكافي بهذا التراث المادي، مع العلم أن المدينة القديمة بولاية عنابة والمعروفة ب«بلاص دارم»، عرفت مؤخرا أشغال تهيئة وترميم وتنظيف من طرف سكان هذا الحي، لتتحول لوجهة سياحية بامتياز.