يعتبر جامع أبو مروان الشريف من أعرق المعالم الدينية بالمدينة العتيقة ''بلاص دارم'' أم الحضارات بعنابة والمنطقة عموما، كما يعتبر أول قطعة تحررت في الجزائر، ليبقى في صراع دائم مع التهميش والإندثار رغم مكانته التاريخية· تحمل هذه الآثار الإسلامية قيما ودلالات كبيرة تختزن أصالة هذه المدنية العريقة، لكنها أهملت من طرف السلطات المحلية التي لم تعرها أدنى اهتمام نتيجة عدم إدراكها للموروث الثقافي والحضاري الذي تختزنه هذه القبات المرصعة بفسيفساء أندلسية نادرة وأسوار بنيت من المرمر الأصيل. بعد حقبة من الزمن تآكلت الجدران وتغير لونها وأصبح باهتا، ناهيك عن إهمال النافورة المتواجدة بفناء الجامع والتي تعد مكسبا سياحيا هائلا، لأن مياهها العذبة والصافية تسحر الزائر فيأخذ منها كميات معتبرة. وقد أدرج بعض القائمين على الدائرة الأثرية هذا المسجد ضمن قائمة المعالم الأثرية التي تزخر بها بونة الجميلة، منها كنيسة القديس أغسطين، وقد خصص لعملية ترميم جامع أبو مروان الشريف 14 مليار ستيم سنة 2007 لكن حسب إمام المسجد، أحمد كيلة، فإن الجامع في طريقه للزوال لأنه بحاجة كبيرة للترميم والتهيئة. والجدير بالذكر أن هذا المسجد تم بناؤه في أواخر القرن 4 الهجري في عهد الدولة الزيرية، إبان حكم المعز لحكم الله، وقد تم بناؤه فوق حصن عنابة من قبل أبي الليث البوني، ويسمى بمسجد أبي مروان نسبة إلى عبد الملك بن مروان بن علي الأزدري المولود بإشبيلية، والذي قام بإنجاز أول جامعة دينية بالمسجد وتم الربط في الدروس المقدمة فيها بين العلوم العسكرية والدينية. وكان في وقت مضى يضم في جانبه السفلي ما يسمى بحديقة الرباط، والتي كانت بمثابة ناد للضباط في البحرية. وبعد الإحتلال الفرنسي أرادت هذه الأخيرة طمسه والقضاء على آثاره، فحول إلى مستشفى سنة 1838 وقد أضيف إلى بنائه الأصلي طابق علوي، كما تم فصل حديقة الرباط عن الجامع وهذا من أجل القضاء على معالم الحضارة الإسلامية بالجزائر. جامع أبي مروان الشريف يعتبر أول قطعة تحررت في بلادنا، وقد استرجعت عنابة هذا المسجد سنة 1945 وزاره أول أئمته آنذاك الشيخ محمد النمر رحمه الله. والمسجد بموقعه الحالي لا يضم إلا عُشر الأرضية الأصلية التي كان يتربع عليها. ويرى المختصون في علم الآثار والمواطنون بعنابة أن إزالته للقباب الخمس الخاصة بالمسجد والشامخة في سماء بلاص دارم.. يعد جريمة في حق هذا المعلم الديني الذي حجبته المباني والأزقة المتراصة.. لكن مازال صوت المؤذن يدوي في المدينة ويدعو سكان عنابة لإقامة صلاة التراويح فيه وإقامة حلاقات الذكر خلال شهر رمضان·