تمر غدا ثلاث سنوات من عمر العهدة الرئاسية الثالثة للسيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي لم يدخر جهدا منذ اعتلائه رئاسة الجمهورية لتحقيق الوعود التي قدمها كعربون ثقة للشعب الجزائري، الذي كان تواقا للأمن والاستقرار والطمأنينة، بعد التجربة المريرة التي عاشها طيلة عشرية كاملة، فيما عُرِفَ بالمأساة الوطنية وما خلفته من ضحايا ويتامى وأرامل وثكالى ومعوقين. عندما جاء الرئيس بوتفليقة لم يكن أي شيء يتحرك في الجزائر، عجلة الاقتصاد متوقفة، الحراك السياسي مجمد، والثقافة مغيبة تماما، بسبب الأوضاع الأمنية المتعفنة التي كانت سائدة آنذاك. غير أن ذلك الوضع لم يمنعه من الشروع في اتخاذ إجراءات تهدئة سياسية وقانونية من أجل إعادة اللحمة بين الجزائريين، لاسيما بعد حصوله على نسبة عالية من أصوات المواطنين في أول عهدة رئاسية له عام 1999، وهو الذي قال في حملته الانتخابية »أريد أن أكون رئيسا كاملا«. وبالفعل استجاب الشعب لندائه ومنحه ما كان يريد، فكانت له الشرعية الكاملة غير المنقوصة.. وكان أول مشروع بدأ في تحقيقه الوئام المدني ثم المصالحة الوطنية التي أثمرت بعودة عناصر ما كان يسمى »الجيش الإسلامي للإنقاذ« إلى أهاليهم وتسليم أسلحتهم واندماجهم في المجتمع بكامل الحقوق. استطاع الرئيس بوتفليقة أن يحقق الكثير من الإنجازات في جميع الميادين في عهدتين متتاليتين، من أهمها إعادة الأمن والاستقرار، تحريك آلة الاقتصاد الوطني، فتح المجال للتجارة الحرة، إنجازات المنشآت القاعدية لامتصاص البطالة التي كانت متفشية في أوساط الشباب. وكذا بناء المؤسسات الدستورية الشرعية بعد الفترة الانتقالية التي عاشتها. أما العهدة الرئاسية الثالثة فكانت في مجمل سنواتها الثلاثة مركزة على إصدار ترسانة من القوانين الإصلاحية في مجالات الاقتصاد والعدالة والسياسة والإعلام، حيث تم إصدار القوانين العضوية الخاصة بهذه القطاعات ومجالات أخرى، ويتلخص أهمها في فتح المجال للشباب بتأسيس مؤسسات ومقاولات في إطار سياسة تشغيل الشباب مع تقديم كل التسهيلات الإجرائية والمادية، رفع التجميد عن تأسيس الأحزاب السياسية، فتح السمعي البصري دون أن ننسى إجراء رفع حالة الطوارئ الذي كان مطلب كل الطبقة السياسية في الجزائر. وقد جاءت هذه الإصلاحات والإجراءات كتدعيم للديمقراطية والتعددية السياسية بقرار سياسي دون إملاءات خارجية.. وكتمهيد لدخول انتخابات تشريعية في 10 ماي 2012 ومحلية ورئاسية لاحقا بطريقة ديمقراطية شفافة لا يرقى إليها الشك. وعليه يمكننا القول أن الرئيس تعهد أمام الشعب فوفَّى، ووعد ولم يخلف، وحقق ما عجز عنه الآخرون.. فمن يستطيع تقديم أكثر؟ المجال مفتوح للجميع..!