حددت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، موقفها من مسودة تعديل الدستور، في تقرير تضمن عدة مقترحات رفعته للجنة الخبراء، لإثراء نص المشروع، قبل اعتماده رسميا دستورا جديدا للبلاد، ولعل أهم ما طالبت به بعد الإطلاع على أهم التعديلات الواردة، تحصين القانون الأسمى للبلاد بمادة تحدد الحالات التي يعدل فيها الدستور بدقة، حتى لا يغير كلما انتخب رئيس جديد للجمهورية، فمن 2002 إلى 2016 عدل ثلاث مرات، ما يوحي أنه قانون أساسي للرئيس وليس للدولة. بدأت الرابطة مقترحاتها، بطلب حذف من نص الديباجة كل ما تعلق بالإتفاقيات والمعاهدات الدولية كون الموافقة عليها تتم بعد دراسة عدم تنافيها مع الدستور وليس العكس، موضحة أن الدستور هوالقانون الأساسي للدولة، وأن الديباجة أساسه المذهبي، لذا لا يجب الإشارة إلى أي نصوص أجنبية فيها، ويمكن إدراجها في محاور وأبواب الدستور. أما بالنسبة للمواد الدستورية، فطالبت بإلغاء المادة 16 التي تنص على وضع القانون نظاما خاصا ببعض البلديات، معتبرة أن هذه المادة مبهمة من حيث نوع خصوصية البلدية ويمكن تفسيرها حسب الأهواء، ما قد يخلق التفرقة بين البلديات في ربوع الوطن كون «الاستثناء» يصنع «التمييز» ويمهد بطريقة غير مباشرة للتقسيم. في حين اقترحت عدم دسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام واستعادة السلم، المنصوص عليها في المادة 31، لأن الدفاع المتقدم الذي يستدعي في بعض الحالات التدخل العسكري خارج الحدود لا يحتاج حسبها إلى دسترة لأنه مبني على شرعية الدفاع، فضلا على أن معظم عمليات حفظ السلام في العالم تتم عن طريق الإتفاق مع الجهة المعترف بها أمميا داخل الدولة محل النزاع، والتي تم الإعتراف بها نتيجة تقديمها لتنازلات في أغلب الحالات، وهوما قد يضع الجزائر في مكان المؤيد للقرار الأممي حتى ولوكان غير شرعي، وهذا يخالف مبدأ وركيزة للدبلوماسية الجزائرية المعهودة والذي ينص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان. وفي باب الحقوق الأساسية والحريات العامة، قالت الرابطة إن هذه التسمية تضعنا أمام فهم قاصر للحقوق لأنها توحي بوجود حقوق غير أساسية أو ثانوية، ولهذا اقترحت إعادة تسمية الباب بالحقوق والحريات، في حين رأت ضرورة إعادة صياغة المادة 51 الفقرة ج 2، وفق النص الأصلي الذي يضمن حرية ممارسة العبادات في ظل احترام القانون كون عبارة «دون تمييز» هي إقرار صريح بلائكية الدولة على حد قولها وتضعنا أمام تنافي ونص المادة 02 من الدستور التي تنص على أن الإسلام دين الدولة . وتساءلت عن جدوى استشارة رئيس الجمهورية الأغلبية البرلمانية أوالنواب لتعيين الحكومة، مثلما جاء في المادة 95 : ج7 إذا كان رئيس الحكومة المعين لا ينتمي لا للأغلبية ولا للبرلمان حيث أن المادة صماء والإستشارة ليست مرتبطة بالموافقة، مقترحة تعديلا جزئيا للمادة 7 لتصبح يعين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية وينهي مهامه. أما بخصوص المادة 98 التي تنص على تولي نائب رئيس الجمهورية رئيس الدولة بالنيابة مهام رئيس الدولة لباقي مدة العهدة الرئاسية، في حالة الشغور النهائي لمنصب الرئيس، فأوضحت الرابطة أنه يتنافى ونص المادة 07-08 من الدستور التي تنص صراحة على أن الشعب مصدر كل السلطات / يمارس الشعب سلطته عن طريق المؤسسات الدستورية التي يختارها، وعليه سيمنح هذا التعديل حق تسيير الدولة وممارسة مهام رئيس الجمهورية لشخص فاقد للشرعية الشعبية. وسجلت عدة مآخذ في الفصل الرابع، سيما ما تعلق بتشكيلة المجلس الأعلى للقضاء المذكورة في المادة 187 : فقرة 3، واقترحت حذف كل التعيينات التي تتم من السلطة التشريعية أو التنفيذية، لأن المجلس الأعلى للقضاء هيئة رقابية ووظيفية تتكفل بكل ما يتعلق بالقاضي بصفة خاصة ( رقابة – انضباط – قانون أساسي – تعيين – نقل – سلم وظيفي ) وبالتالي إشراك أعضاء تعينهم السلطة التشريعية أو التنفيذية يعتبر تدخلا في السلطة القضائية. ونفس الأمر بالنسبة لتشكيلة المحكمة الدستورية المنصوص عليها في المادة 194، التي تتنافى حسبها ومبدأ الفصل بين السلطات، لأن عدد المعينين من السلطة التنفيذية والتشريعية يشكل ضعف المنتخبين من السلطة القضائية. وعن المواد التي تم إلغاؤها ولم تتناولها المسودة، كالمادة 30، فأوضحت أن إلغاء هذه المادة يعتبر تراجعا كبيرا في سياسة الدولة الخارجية وتغيير الموقف التاريخي للجزائر لاسيما في أهم قضيتين القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية التين تعتبران من القضايا الشرعية التي ساندتها الجزائر منذ القدم.