تدفق الناخبون بالمنطقة الجنوبية للعاصمة بكثافة وتوجهوا من مختلف الشرائح والفئات نحو صناديق الاقتراع، متفقين على ضرورة أداء الواجب الوطني وممارسة الحق الدستوري وتلبية على وجه الخصوص نداء رئيس الجمهورية الذي أخطرهم بأهمية هذا الموعد السياسي من اجل استكمال مسار التنمية والحفاظ على الاستقرار الوطني ووحدة الصف والتراب الوطني بالإلتحام الشعبي، وارتفع صوت الشباب من خلال عدة مكاتب تصويت عبر كل من مراكز التصويت المنتشرة في كل من براقي وبن طلحة وسيدي موسى والكاليتوس ليؤكد مرة أخرى أن الشباب مع الجزائر وفي خدمة الجزائر، ولم يخفوا أن مسؤولية النواب المقبلين كبيرة في تكريس تغيير حقيقي يعيد المصداقية للوعود والخطابات السياسية. وقفت »الشعب« على إقبال معتبر خلال الساعات الأولى من صبيحة يوم الانتخاب في هذه البلديات التي عانت كثيرا خلال العشرية الأمنية من ويلات الإرهاب وبعدها من العزلة والتهميش وتغيرت بها ملامح الحياة وتحسنت فيها الخدمات والهياكل، حتى أن بعض المراكز شهدت طوابيرا وتدفقا من أجل قول كلمة الحسم في هذا اليوم التاريخي بين متفائل بمستقبل واعد ومتمسك بأداء واجبه لأن الجزائر فوق كل اعتبار وبالنسبة للذين يرتبطون بالعمل أصروا على الانتخاب ثم التوجه إلى تجارتهم أو عملهم بالمستشفى وما إلى غير ذلك من المهن التي تتطلب ضمان الحد الأدنى من نظام المداومة. الجولة الاستطلاعية التي انطلقت من بلدية سيدي موسى قادتنا بعدها إلى بن طلحة وبالضبط إلى مركز التصويت »بن طلحة الجديدة« ثم براقي التي سخر بها نحو 18 مدرسة من أجل احتضان العملية الانتخابية على غرار كل من مدرسة 11 ديسمبر ومدرسة 8 ماي 1945 إلى غاية مركز التصويت الكائن ببلدية الكاليتوس »محمد أسامر«. ولدى اقترابنا من بعض المؤطرين الذين تعودوا على الإشراف على مثل هذه العملية الانتخابية في المواعيد الانتخابية الفارطة أكدوا أن نسبة الإقبال ارتفعت بشكل محسوس والتنظيم جد محكم والناخبون يؤدون واجبهم بكل حرية وشفافية، لكن في ظل النقص الواضح لمراقبي الأحزاب في عدة مكاتب. ورغم الإقبال الكبير لجميع الشرائح إلا أن أهم ما ميز الساعات الأولى من الاقتراع توافد فئة الرجال والشيوخ وكذا الشباب في حين أكد لنا احد المؤطرين انه تم التعود في هذه المناطق على أن المرأة تصوت في الفترة المسائية بعد إنهائها لشؤونها المنزلية. أديت واجبي وننتظر الوفاء بالوعود وانجذبنا بقوة ببن طلحة لحماس بعض الشباب حيث وجدنا احدهم يخاطب صديقا له ويستفسره إن كان قد صوت فأجاب قائلا: »أصوت.. اليوم وغدا هذه رغبتي لأن الاقتراع بالنسبة لي قناعة شخصية ويعني أنني مواطن جزائري انتمي إلى هذه الأرض«، ولدى اقترابنا منه أوضح يقول: »أديت واجبي الانتخابي نكاية في من يسعون لكي تفشل هذه الاستحقاقات« واستطرد يقول في سياق متصل »..لكن يجب على من وضعنا فيهم ثقتنا أن لا يخيبونا ويرفعوا من مستوى الأداء ويعززوا الاهتمام بانشغالاتنا«. وتحدثت وردة التي تنتخب لأول مرة وعمرها 19 سنة عن شعورها بالفخر وهي تساهم في اختيار من سيساهمون في تكريس التغيير أو استمرارية عملية البناء والتنمية، وقالت أنها تركت مراجعتها لأنها تحضر في سنتها النهائية لشهادة البكالوريا وفضلت تخصيص وقتا لتعبر عن رأيها وتمنح ثقتها للمترشح الأقرب على تحقيق آمالها لأنها تحلم بغد أفضل.. النجاح الدراسي وكذا الظفر بمنصب شغل في جزائر مستقرة يعمها الرخاء ويطبق فيها القانون بصرامة«. وقال ساعد 52 سنة أنه جاء لينتخب من اجل وطنه ولم يخف أنه لثاني مرة يحضر للتصويت بعد انتخابه على المصالحة سنة 2005 حيث ذكر انه تأثر كثيرا بخطاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة واقتنع به، بل تخوف من تجاهله لهذا الموعد كعادته بسبب المشاكل الاجتماعية العديدة التي يتخبط فيها وكذا تعوده على إدارة المنتخبين الظهر للمواطنين وعدم التزامهم بوعودهم تجاه المواطن، تركنا ساعد وهو يحلم بالتخلص من هاجس تكاليف تأجير المنزل، والحصول على وظيفة بمرتب أحسن لأنه لا يتقاضى سوى 20 ألف دينار وأب لستة أطفال. نتطلع لتكريس دولة الحق والقانون أما حنان 32 سنة محامية، وجدناها لا تفوت أي موعد انتخابي إلا وتسجل حضورها لأنها مقتنعة بأن الانتخاب ثقافة من شأنها مع مرور السنين أن نغير به الذهنيات ونعاقب فيه كل من يقطع الوعود الوهمية ولا يقوم بواجبه اتجاه من انتخبه، ووجدناها تنتظر الكثير من هذه الانتخابات التشريعية.. استقرار اكبر.. صفعة في وجه دعاة المقاطعة الذين يتربصون بالجزائر، وكذا من أجل تكريس دولة الحق والقانون التي قالت أن جميع الجزائريين يحلمون بها.. متسائلة بمزحة استفهامية، كم ما زال يفصلنا من الزمن حتى نصل إلى تكريس دولة الحق والقانون ونستمتع بطعمها سنة أو عقد أو نصف قرن؟! وأثار زهير 38 سنة، مسألة استخدام بطاقات التعريف الوطنية بشكل لا فت لدى بعض الناخبين المسجلين وهذا حسبه يتطلب من المؤطرين التأكد من تسجيلهم في القائمة على مستوى الكمبيوتر مما يضطرهم للوقوف في طابور لمدة أطول. وفي الجهة المقابلة من ذات المكتب التقينا مع سهيلة وسمير زوجان برفقتهما طفلة لا يتجاوز سنها السنتان، انتظرنا إلى غاية تأدية واجبهما الانتخابي وتحدثنا إليهما، فوجدنا حرارة حب الوطن فعلت فعلتها فيهم عندما قال سمير انتظرت زوجتي حتى أنهت شؤون ترتيب البيت وترافقنا لنؤكد أن الأسرة الجزائرية لا تنتخب فرادى بل أهمية هذا الموعد تطلبت منا التنقل في شكل عائلات، وأضاف يقول ألم يشبه رئيس الجمهورية هذا اليوم بالفاتح نوفمبر، لذا فإننا حضرنا لهذا الموعد منذ أيام واتفقنا على عدم تفويت الفرصة لنؤكد بأننا مواطنون أوفياء وحريصون على استقرار وازدهار وأمن الجزائر ولا أحد يمكنه أن يحب الجزائر أكثر من الجزائريين لذا عليهم أن لا يتخلفوا عن هذا الموعد. ولم تخف السيدة ضاوية 61 سنة أنها تابعت الحملة الانتخابية تماما وكأنها مترشحة من عيون التلفزيون ووجدناها على دراية بأسماء عدد كبير من التشكيلات السياسية، فقالت يعجبني ذاك وأتعاطف مع الآخر ويقنعني الحزب الفلاني ولا أثق في تلك التشكيلة السياسية لأنها تبالغ في إطلاق الوعود وكأنها تملك عصا سيدنا موسى، وبدت جد سعيدة وقالت يوم الانتخابات يشبه أيام الأعياد الوطنية.. هكذا أشعر يستحضرني ان أستعين بالعلم. نداء رئيس الجمهورية حفزنا وألهب وطنيتنا ولمسنا شعبية كبيرة وتقدير محسوس لرئيس الجمهورية لدى العديد ممن التقيناهم وعلى وجه الخصوص لدى الشباب، وأغلبيتهم تحفزوا كثيرا عندما تطرق السيد الرئيس في خطاباته لأهمية هذا الموعد ودعا الجزائريين إلى عدم تفويت الفرصة، خاصة وأنه وفر كل الضمانات وفتح الحياة السياسة وشجع الشباب على اقتحامها كمترشحين وناخبين، اقتربنا من كل من رابح وفاتح ولطفي وعمر لا يتعدى سن أكبرهم 25 سنة كما أن مهنهم مختلفة من بينهم الطالب والبطال والمهندس والرصاص أبناء حي واحد حضروا جماعة للانتخاب وهم ينكتون بإعادة ومضات من تصريحات بعض المترشحين ورغم اختلافهم في أحقية الحزب الذي يجب أن يتم التصويت عليه إلا أنهم متفقون على أن الانتخاب قرار لا رجعة فيه لأنه واجب وحق دستوري في آن واحد، وقال رابح 24 مهندس في الهندسة المدنية أنه يدرك أن البرلماني لا يمكنه أن يمنحه منصب شغل إلا أنه يمكنه أن يشرع قوانين استثنائية للقضاء على البطالة وعدم تكافؤ الفرص، وأوضح انه لم يكن مهتما بالانتخابات ولم تتمكن هذه الأخيرة من استقطابه فلا أحزابها ولا برامجهم جعلته ينجذب لكن خطاب ودعوات رئيس الجمهورية جعلته يهتم قليلا بما يعرض في المشهد السياسي حتى يقع اختياره على أحسن الفرسان المترشحين. في حين لطفي 23 سنة بطال أشار إلى أنه تحمس للانتخاب رغم صعوبة ظفره بمنصب شغل بفضل خطاب رئيس الجمهورية الذي يثق فيه كثيرا. بينما عمر وفاتح أطلقا ابتسامة عريضة ليؤكدا أن رئيس الجمهورية ألهب وطنيتهم وأخرجهم من المنزل وجعلهم ينتظرون بأمل الكثير من هذا الاستحقاق التشريعي.