أسقطت نتائج تشريعيات ال 10 ماي جميع التوقعات، وكذبت التخمينات التي ذهبت إلى التأكيد أن الخارطة السياسية الجديدة والتركيبة التي تشكل البرلمان الجديد، ستترجم من خلال فسيفساء من التشكيلات السياسية مختلفة المشارب حيث تنتظرها مهام حساسة في صدارتها تعديل الدستور وإعادة الاعتبار لفعالية أداء الغرفة البرلمانية السفلى، لكن النتائج كرست تمثيلا هزيلا للأحزاب الإسلامية التي كانت تتوق للمشاركة في تعديل الدستور، وحافظت على تشكيلة أحزاب البرلمان السابق مستبدلة حزب الأرسيدي ب»الأفافاس«، مع حرمان حزب الجبهة الوطنية الجزائرية من كتلتها البرلمان، فهل ستواصل تشكيلات التحالف الرئاسي التي كانت في العهدة الفارطة تنسيقها خلال العهدة التشريعية السابعة، أم أن التحالف سيقتصر على حزبي الأفلان والأرندي؟ أيام قليلة فقط تفصلنا عن تنصيب تشكيلة المجلس الشعبي الوطني الجديد المتوقع خلال الأسبوع الأول من شهر جوان الداخل، مع عودة سيطرة الأفلان بالأغلبية الساحقة ب 218 نائب وبحسابات بسيطة فإنه يكفيه التحالف مع حزب الأرندي الذي يحتل 72 مقعدا من مقاعد القبة البرلمانية لقصر زيغوت يوسف حتى يتسنى له تمرير ترسانة النصوص التشريعية بهدف استكمال الإصلاحات الجارية خاصة منها الاقتصادية. أما بخصوص ال 24 تشكيلة سياسية أخرى التي دخلت البرلمان الجديد فإن حصتها لا تتعدى 170 مقعد في صدارتها تكتل الجزائر الخضراء المركب من ثلاثية الأحزاب الإسلامية، ويتعلق الأمر بكل من حركة مجتمع السلم وحركتي النهضة والإصلاح إلى جانب الأحزاب المحسوبة على المعارضة مثل الأفافاس العائد بعد قطيعة وكذا حزب العمال الذي سجل تراجعا في الاستحقاقات التشريعية الأخيرة. ويبقى التخوف الكبير قائم لدى الأحزاب التي دخلت البرلمان الجديد خاصة تلك التي يسمح لها القانون بتشكيل كتل ومجموعات برلمانية من احتكار حزب الافلان مهمة الفصل في القرارات الحاسمة، وعدم تأثير وزن صوتها في عملية التشريع والمصادقة وكذا الرقابة البرلمانية التي تفرض على الجهاز التنفيذي. ويرتقب أن تسعى أحزاب الأقلية داخل البرلمان إلى استقطاب النواب الذين ليست لديهم كتل برلمانية والأمر سيكون مفتوحا ومرشحا لبروز تحالفات داخل البرلمان يكون تأثيرها أقل وقعا مما كان متوقعا قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات بسبب أن الأغلبية توجد في يد الحزب العتيد، مع التراجع الكبير لحضور أحزاب التيار الإسلامي التي أخفقت القفز بقوة الصندوق للتربع على مقاعد البرلمان على ضوء ما أقرته نتائج آخر الانتخابات التشريعية. ويواجه بذلك حزب الأغلبية تحديات كبيرة على رأسها الحفاظ على الثقة التي منحها له الشعب الجزائري ومدى قدرته على استكمال الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بوتيرة أسرع وتشكل أزمة البطالة إحدى الرهانات التي على الأفلان أن يسكت بها أفواه منتقديه. ولا يستبعد بعض السياسيين عودة التنسيق بين أحزاب التحالف ولو كان بشكل رسمي داخل البرلمان أي من خلال المصادقة وتمرير مشاريع القوانين. فضيلة/ب