خلفيات غير بريئة أدت إلى فوارق تنموية بين الولايات رزنامة لمتابعة مدى تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية وضع الوزير الأول، عبد العزيز جراد، رزنامة زمنية لأعضاء الحكومة والولاة، من أجل تنفيذ الأولويات المستعجلة في التنمية والرقمنة ومحاربة البيروقراطية. وشدد في الوقت ذاته، على محاربة الفساد والفاسدين المندسين داخل الإدارة والمؤسسات، معلنا عن وضع بروتوكول صحي تحسبا للدخول الاجتماعي المقبل. سيخضع عمل الولاة إلى تقييم شهري، لمتابعة مدى تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وتدارك التأخر المسجل في الأشهر الماضية، بحسب ما أكد الوزير الأول، لدى إشرافه، الخميس، على اختتام اجتماع الحكومة والولاة. وقال جراد، إن «تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية، لم يتجاوز نسبة 20 بالمائة في الأشهر الستة الماضية»، مضيفا: « كنت أتمنى أن نقول 50 أو 60 بالمائة ولكن في النهاية لم نحصل إلا على 10 أو 20 بالمائة». وأبدى الوزير الأول، تفهمه لبعض الأسباب القاهرة والموضوعية التي عطلت تنفيذ العمليات التنموية بمناطق الظل وعصرنة الإدارة، كحالة الطوارئ الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورنا وانهيار أسعار النفط في السوق الدولية بسبب الركود الاقتصادي العالمي. لكن المتحدث، أكد وجود «بيروقراطية تعرقل عمدا مسار رئيس الجمهورية والحكومة وعمل الإطارات على المستوى المحلي»، معتبرا أن «هؤلاء البيروقراطيون لا يريدون بمنهجهم وتيرة بأهداف محددة للخروج من واقع معين». وأوضح الوزير الأول، أن الجزائر يجب أن تسلك ديناميكية جديدة في العمل، تعتمد على رزنامة زمنية، يتم بموجبها تحديد الأهداف المتوخى بلوغها في آجال شهرية أو نصف سنوية. وقال: «علينا أن نحدد ما الذي ينبغي أن نقوم به في مجال الرقمنة ومناطق الظل والدخول المدرسي والأزمة الصحية المرتبطة ب»كوفيد-»19، بدءاً من اليوم إلى غاية نهاية السنة»، مضيفا: «هذا ما يجب أن نتكلم عنه، رزنامة بنسبة معقولة... كل شهر سنطرح السؤال أين وصلنا؟ حتى نصل أواخر العام إلى نسبة انجاز ب60 أو 70 بالمائة على الأقل». وتابع: «رئيس الجمهورية عندما تكلم عن القطار الذي انطلق، لم يقصد قطار الفحم، وإنما القطار السريع... الجزائر الجديدة تسير بآلية ومنهجية ووسائل جديدة». وطلب الوزير الأول، من وزير الداخلية والجماعات المحلية، كمال بلجود، إعادة صياغة التقرير النهائي المنبثق عن ورشات عمل الولاة، بفصلين: «فصل خاص بالأولويات المستعجلة، التي يجب الشروع فيها بشكل فوري، وفصل آخر بما ينبغي القيام به على المدى المتوسط وحتى البعيد». تقارير بعيدة عن الواقع وعرف لقاء الحكومة الولاة، تنظيم خمس ورشات، خصت تقييم مراحل تنفيذ برامج تنمية مناطق الظل، تنفيذ الإجراءات الوقائية لمكافحة انتشار فيروس كورونا، الدخول الاجتماعي وأمن الممتلكات والأشخاص ومحاربة حرائق الغابات، تقييم مدى تنفيذ الإجراءات الخاصة بالتنمية الاقتصادية المحلية، والرقمنة والإحصاء لمكافحة فيروس كورونا. وانتقد جراد، طريقة إعداد التقارير النهائية لتوصيات الورشات، معتبرا أنها بعيدة نوعا ما عن الواقع، علما أن التقرير النهائي للقاء سيرفع في أقرب وقت لرئاسة الجمهورية. وأعطى توجيهات صارمة لتكثيف التنسيق بين الوزراء وولاة الجمهورية، لتنفيذ القرارات المركزية على المستوى المحلي، واستغلال تقنية التواصل المرئي عن بعد فيما بينهم، للتباحث والتطبيق. وفي توجيهاته لولاة الجمهورية، أكد جراد أن مناطق الظل، من الأولويات التي ينبغي مواصلة العمل على تحسين الظروف المعيشية بها، «باعتماد مقاربة شاملة ومدمجة تهدف إلى التدخل السريع». ودعا إلى تبني التشاور والحوار والشفافية لخدمة المواطنين بهذه المناطق الهشة، قائلا: «لا نفرض تصور الإدارة، وإنما بالحوار مع السكان والمجتمع المدني نصل إلى حل القضايا في الميدان». وطلب اللجوء إلى بدائل معقولة للمشاريع التي تتطلب وقتا طويلا وإمكانات معتبرة، «فتوفير الطاقة الشمسية، أو صهاريج المياه بديل مناسب إلى غاية تنفيذ الربط بالكهرباء والغاز والماء عبر قنوات وخطوط طويلة». وشدد على عدم توجيه الأموال العمومية المخصصة لتنمية المناطق المعزولة، إلى الأحياء الحضرية التي تعاني من نقائص، «فهي ليست مناطق ظل، والجهود التنموية يجب أن توجه للمناطق الجبلية والريفية والصحراوية». بروتوكول صحي خاص بالدخول الاجتماعي في المقابل، أكد الوزير الأول، أن تحضير الظروف الملائمة لامتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا يمثل «أولوية الأولويات»، وقال إن الدخول المدرسي الذي سيتم في ظروف خاصة يستدعي «أخذ الاحتياطات اللازمة لاستقبال التلاميذ». وأمر بوضع بروتوكول صحي، بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية وأولياء التلاميذ، موضحا أن الأمر ينطبق على قطاعي التعليم العالي والتكوين المهني، «فيجب أن يذهب أبناؤنا مطمئنين لمقاعد الدراسة»، يشدد ذات المتحدث. مكافحة «كوفيد-19» وأكد الوزير الأول، أيضا، مواصلة المعركة ضد فيروس كورونا، معتبرا أن الاختلالات التي سجلت منذ بداية الوباء كانت في مجملها «نقائص هيكلية للقطاع الصحي في الجزائر». وأعلن عن وضع برنامج وطني لإنعاش النسق الصحي، والشروع في تصنيع الوسائل والمعدات الطبية (الأدوية، الأسرة، أجهزة التنفس الاصطناعي) تحسبا واستعدادا لأزمة صحية مماثلة في المستقبل. وتوجه الوزير الأول، بالشكر لوزير الصحة والأسرة الطبية على الجهود المبذولة في مواجهة فيروس كورونا منذ مارس الماضي. كما أكد، أن الأولوية المرحلية تتمثل في تخفيف آثار الوباء على الاقتصاد الوطني، من خلال الفتح التدريجي للمحلات واستئناف أنشطة المؤسسات ومساعدتها، داعيا الولاة إلى متابعة الحالة الاقتصادية بأماكن النشاط على المستوى المحلي. آثار وخيمة ودعا جراد إلى الشروع في تدليل الأرقام المرتبطة بأضرار الوباء على العمال والمؤسسات الوطنية، وذلك في سياق تقديمه نتائج دراسة ميدانية أنجزتها وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي. وشملت الدراسة التي سمحت بتفسير أسباب تدني الإضرابات العمالية، عينة تتكون من 3.666 مؤسسة تتوفر على 440 ألف و171 عامل في جميع فروع النشاط. وبينت أن 72 بالمائة من العمال، استفادوا من إجازة مدفوعة الأجر، بينما تأثر 44 بالمائة من تأخر في دفع الأجور. وقدرت نسبة العمال الذين أحيلوا على البطالة التقنية 1.6 بالمائة، بينما وجد 0.8 بالمائة من العمال أنفسهم محل أحكام إجازة بدون أجر. في المقابل بلغت نسبة العمال الذين أغلقت مؤسساتهم بشكل مؤقت نسبة 12 بالمائة، فيما عرف 1 بالمائة من العمال غلقا نهائيا لمؤسساتهم. مع ذلك سجل جراد، بافتخار كبير، العمل التضامني بين فعاليات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة منذ تفشي وباء كورونا، وقال: «تضامن الشعب في الأزمة أعطى درسا لمن كان يظن أن هناك هوة بين الشعب والسلطات العمومية». أولويات التنمية الاقتصادية ولم يتقبل المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي، الحديث عن توفير فضاءات أخرى للعقار الاقتصادي، قبل معالجة نهائية لما هو موجود حاليا، وقال: «حاليا لا نملك تصورا عما بحوزتنا، هناك مناطق صناعية منحت ولا نعرف لمن؟، في الورق موجودة وفي الواقع غير موجودة...». وذكر جراد، بضرورة الانتهاء من ربط المناطق الفلاحية والصناعية بالكهرباء والغاز. وفي السياق، أمر والي ولاية برج بوعريريج، «بالتوصيل الفوري للكهرباء لخمسة مصانع تشتغل منذ سنوات على الربط العشوائي». وطالب بتفعيل نشاط اللجنتين الوزاريتين الخاصتين بتوصيل الكهرباء والغاز إلى المناطق الفلاحية والمناطق الصناعية، كما أمر بمحاربة إقامة المصانع على الشريط الساحلي والتوجه نحو الهضاب العليا والمناطق الصحراوية. وانتقد تصرفات بعض إطارات سونلغاز، الذين رفضوا توصيل الكهرباء لمستثمرين دفعوا أموالا باهظة، وأعطى مثالا بمستثمر «سدد مستحقات الربط الكهربائي بقيمة 300 مليون سنتيم وظل ينتظر ل3 سنوات دون جدوى»، وقال مستغربا «عمال سونلغاز أين ضميركم؟». وفي الشق المتعلق بتطوير المؤسسات الصغيرة والنشطة، أمر الوزير الأول، بتنظيم ملتقيات يشرف عليها الوزير المنتدب المكلف باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والوزير المنتدب للمؤسسات المصغرة بالتنسيق مع الولاة لصالح الشباب على المستوى المحلي. ودعا إلى استخلاص الدروس من التجربة الفاشلة لمشاريع «أونساج»، حيث نجحت أقلية قليلة من المستفيدين من أموال الدعم في إطلاق مؤسساتها بينما فشلت الأغلبية. في المقابل، أمر جراد بمراجعة منهجية التعاطي مع ملفات الاستثمارات، وقال إن «الإدارة تسهل للمستثمرين الذين يستوفون الشروط القانونية ولا تفرض عليهم ما يجب القيام به». الرقمنة... لماذا فشلنا؟ وتوقف الوزير الأول، مطولا عند ملف الرقمنة، ولم يتوان في إطلاق أحكام قاسية على السلطات العمومية التي عجزت لحد الآن عن تجسيدها، وقال: «الجزائر من أوائل الدول التي تحدثت عن الرقمنة، ورغم ذلك بقيت متأخرة». وأضاف متسائلا: «لماذا فشلنا؟ هل لأن مستوانا ضعيف أم هناك أسباب أخرى؟»، مجيبا « البلاد تتوفر على الكفاءات اللازمة للتوجه إلى الرقمنة، ولكن مازلنا نتعامل بالأوراق على أعلى مستوى في الدولة». وأعلن عن الشروع في تنفيذ خطة مستعجلة تمتد لنهاية السنة لرقمنة الإدارة العمومية «من الحكومة إلى الولاية إلى الدائرة والبلدية»، مشيرا إلى أن بقاء الوضع على حاله يعرقل تقدم الاقتصاد الوطني ويعطل مصالح المواطنين. وقال «إن القطاع الاقتصادي لديه كل الإمكانات للتحول الرقمي، ولكن الإدارة المركزية المتخلفة هي من تعرقل له ذلك». رقمنة الجمارك والضرائب وفي السياق، أكد جراد أن أمام وزير المالية مهمة مستعجلة تتمثل في رقمنة «الجمارك» و»الضرائب»، معتبرا أن الشفافية ومحاربة الرشوة والفساد تبدأ بهذين القطاعين. وأفاد بأن الوزير أيمن بن عبد الرحمان سيجد عراقيل وصعوبات للمضي في خطة الرقمنة هذه،»لأنه سيمس مصالح كبيرة»، لضيف «ولكن قدرنا أن نخرج البلاد من هذه العصابات». نصان تنظيميان للإحصاء ووضع الوزير الأول الإحصائيات إلى جانب الرقمنة، كوسيلتين ناجعتين في مكافحة البيروقراطية، وطالب بالانتهاء سريعا (خلال شهر) من إعداد نصين تنظيميين، لإعادة بعث المجلس الوطني للإحصاء والنظام الوطني الإحصائي. وشدد على تعزيز الشبكة الإحصائية الوطنية عن طريق إنشاء خلايا على المستويين الولائي والمحلي، من أجل رصد وتحديد كل الثروات البشرية والمادية التي تزخر بها البلاد. وقال جراد، إن الجزائر لا تملك صورة واضحة عن إمكاناتها وأن الرقمنة والإحصاء سيسمحان باتخاذ القرارات الصحية ووضع السياسات السليمة، بناء على المعلومات الدقيقة. توزيع عادل للتنمية واختتم جراد خطابه أمام الولاة، بتوجيهات عامة، شدد فيها على التوزيع العادل للتنمية على المستوى الوطني، مؤكدا «وجود فوارق كبيرة بين ولايات الوطن لأسباب سياسية أو إيديولوجية»، وأفاد بأنه ألغى زيارة إلى إحدى الولايات، لأنه لم يجد ما يدشنه، «كونها لم تستفد من شيء طيلة 20 سنة». كما شدد جراد على ترشيد النفقات العمومية ومحاربة التبذير، معلنا عن «منع أشغال تجديد الأرصفة في مختلف المدن»، واصفا إياها بالظاهرة الغريبة التي تستدعي دراسة اجتماعية، وطالب بتحجيم دور الإدارة العمومية «بألا تحدد من الآن فصاعدا مصير التنمية المحلية». وأكد ضرورة القضاء على 50 بالمائة من العراقيل البيروقراطية مع نهاية السنة الجارية. كما أفاد بمواصلة أخلقة الحياة السياسية ومحاربة الفساد، واعتماد «النزاهة والكفاءة والجدارة» في إسناد المسؤولية، مع محاسبة كل مسؤول متخاذل عمدا. وقال جراد، «إن المعركة ضد الفساد والفاسدين مستمرة، لأنهم مازالوا موجودين في الإدارة والمؤسسات ويحاولون عرقلة مسيرة الشعب الجزائري».