قررت الحكومة الدخول بقوة لدعم القطاع السياحي من خلال تسهيل الحصول على قروض لكل الراغبين في الاستثمار في هذا القطاع المنتج، تجسد ذلك بعد إبرام اتفاقيات هامة بحر الأسبوع المنصرم. دعم القطاع السياحي لم يكن من المهام المباشرة للدولة قبل سنوات طويلة وخاصة بعد إقرار المرور إلى الإقتصاد الحر، والذي يعني تخلي الدولة عن مهام مثل الخدمات، عزز هذا القرار، شحّ الموارد المالية الذي ميّز الاقتصاد الوطني أنذاك. غير أن استمرار العراقيل التي حالت دون تطور السياحة في الجزائر، دفع بالدولة إلى المساهمة في إنعاشه من خلال الدعم المالي المباشر الذي أقرته في المدة الأخيرة، حيث تم إقحام الجهاز المصرفي لتمويل مشاريع استثمارية خاصة من خلال تسهيل عملية الحصول على القروض عبر اتفاقيات أبرمت بين القطاع المعنوي ومجموعة من البنوك العمومية ومؤسسات إستثمارية. يعدّ الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط واحد من المؤسسات المالية التي تم إقحامها للمساهمة في دعم المشاريع السياحية عن طريق منح قروض بامتيازات غير مسبوقة تتمثل أساسا في تخفيض سعر الفائدة من جهة وتمديد آجال التسديد من جهة أخرى، وهي مزايا، حيث وتشجيعا للاستثمار في مختلف المناطق وخاصة الجنوبية، فقد لجأت الدولة إلى تخفيض نسب الفائدة على القروض من 6٪ إلى 3٪ فقط، بينما تراجعت النسبة في مناطق الشمال إلى 5 ، 4٪. تخفيض نسب الفوائد على القروض الموجهة للنشاطات السياحية قد يدفع إلى الاستثمار في هذا القطاع، لكن ما قد يرفع من اهتمام المستثمرين الخواص بالدرجة الأولى التركيز على نفس القطاع، ما تقرر مؤخرا حول إشراك البنوك المعنية بالاستثمار السياحي بشتى الطرق، بما فيها غير المباشرة، أي عبر شركات استثمار المخاطرة، كشركة جزائر للاستثمار التي تعدّ فرعا تابعا للصندوق الوطني للتوفير والاحتياط، شأنه شأن صندوق ضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الذي يتدخل كوسيط لضمان تسديد القروض الممنوحة في إطار المشاريع الاستثمارية السياحية. يمكن لهذه العملية أن تدفع نحو إعطاء انطلاقة جدية وفاعلة للاستثمار السياحي، بعد أن تكون كل المحاولات السابقة، قد باءت بالفشل يعكسه تسجيل نتائج سنوية هزيلة، على الرغم من القدرات الهامة التي تتوفر عليها مختلف مناطق الوطن، كان يفترض أن تطور كل أشكال السياحة الموسمية منها، وغيرها، وكذا الداخلية والخارجية. جدال عميق لطالما ميز النقاش حول تنمية القطاع السياحي في ظل حالة اللاستقرار الأمني فيما مضى، وصعوبة جذب السياح الأجانب بالكثافة المطلوبة، وذلك حول إعطاء الأولوية للسياحة الداخلية أو الخارجية، أو الإثنين معا، وفيما يبدو فإن الجدال لايزال قائما بدليل عدم وضوح الرؤى في التوجهات العامة للقطاع. وإن كان مشكل التمويل يعدّ حاسما في النهوض بالمشاريع الاستثمارية، إلا أن ترقية السياحة يتوقف أيضا على ما بات يعرف بالثقافة السياحية التي تمسّ بالدرجة الذهنيات ومدى الاستعداد على تقديم الأفضل من حيث مستوى وجودة الخدمات التي تظل إلى إشعار آخر بعيدة عن جذب السياح سواء كانوا وطنيين أو أجانب، الأمر الذي ساهم في كل مرة، إلى إفشال كل المحاولات الرامية إلى إعادة بعث القطاع من جديد.