كشف الصحافيون المشتركون في «الفايسبوك» على أهمية مساحات التواصل الاجتماعي في طرح مواضيع النقاش والتعرف على توجهات الرأي العام ولما لا التأثير فيه، مؤكدين أن ضعف انتشار التكنولوجيات الحديثة في بلادنا عائق حقيقي لتكوين مجتمع معلوماتي. ودعا الصحافيون الذين حاورتهم «الشعب» عل الفايسبوك إلى ضرورة التعامل الإيجابي مع المواضيع والعمل على نشر الجدية ومحاولة تثقيف المجتمع وتوعية الشباب بخلفيات القضايا لتفادي زرع السموم الإعلامية فيهم. وكشف عبد الرزاق بوالقمح صحافي بموقع «الشروق أونلاين» عن الانتشار الكبير لعدد المنتسبين لمساحة الفايسبوك، مضيفا «هناك قرابة 4,5 مليون بالجزائر التي تحتل حاليا المرتبة ال 45 عالميا من حيث عدد المشتركين، وهو تطور كبير من خلال تضاعف النسبة ثلاث مرات منذ عام 2011، حيث كانت 1,5 مليون مشترك». وعن تأثير «الفايسبوك» في الجزائر أكد «.. أن الدور الذي قامت به الشبكة في التحولات بعدة دول عربية جعل الجزائريين يقبلون عليها بقوة وأغلبية المنتسبين إليها شباب، قرابة 70 بالمائة أعمارهم بين 18 و35 سنة». أما بالنسبة لمحتوى النقاش على الفايسبوك بالجزائر فهناك تنوع كبير في مناقشة المواضيع. وعن مستوى الاهتمام والجدية يقول علماء الاجتماع أن «الشاب دائما يركز على شيء يرى أنه من خلاله يمكنه التأثير في محيطه، وبالتالي فالاهتمامات تتغير حسب الوضع الذي تعيشه البلاد، مثلا إذا كانت الرياضة تلبي هذه الرغبة في التأثير تجد صفحات الرياضة منتشرة بقوة وخلال الأشهر الأخيرة تحول الاهتمام نحو السياسة بحكم وجود انتخابات وإصلاحات فيها من ينتقدها وفيها من يدعمها». وتعرف صفحات التعارف وكذا تبادل المواضيع الترفيهية فهي كذلك لها انتشار لدى الفايسبوكيين على مدار الوقت. وأشار نفس المصدر، إلى اهتمام المؤسسات الإعلامية عبر العالم ب «الفايسبوك» ومختلف المساحات الأخرى، حيث أصبحت تقوم بدورات تكوينية لصحفييها حول طرق التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي والبحث عن المعلومة فيها والاستفادة منها بشكل احترافي. وأصبح البعض يستعمل «الفايسبوك» كمصدر للمعلومة مع ظهور ما يعرف بصحافة المواطن وصفحات تنقل معلومات لا يمكن الوصول إليها بالطرق التقليدية في التغطية. كما أن منظمات ونقابات لها صفحات تنشر فيها نشاطاتها بالصوت والصورة وسط غياب المؤسسات الرسمية على عكس دول أخرى. غياب الجدية في النقاش طرح الإعلامي فاتح إسعادي من «وقت الجزائر» مشكل غياب الجدية في نقاش مختلف المواضيع على مساحات الواصل الاجتماعي، وأشار إلى طغيان المزاح والتهجم في التعليقات. وقال نفس المتحدث أن «الفايسبوكيين» يتفاعلون مع ما يثار من مواضيع في السياسة والرياضة والمستجدات الدولية، ولكن «.. بقدر ما نجد أن هناك أناس جديين ويتعاملون مع مثل هذه المواضيع بجدية، نجد عددا كبيرا منهم سيتعاملون معها على أساس المزاح، بل ويصل الأمر بالبعض إلى حد تتفيه قضايا جد هامة». وأضاف أن هذا «لا يعني أنه ليس هناك نخبة واعية ومثقفة عادة ما ترفع مستوى النقاش وتجعل من مواضيع الساعة مجالا خصبا للرأي والرأي الآخر، لكن في اعتقادي أنه رغم أن الجزائر تحصي عددا كبيرا من الفايسبوكيين لكن نجد أن غالبيتهم يستعملونه لأغراض الدردشة الشخصية، والتواصل مع الأصدقاء، أكثر من استعماله في مناقشة قضايا وأخبار دولية حديثة، لكن ذلك لا يمنع من وجود بعض المثقفين والمناضلين الحزبيين الذين أصبح «الفايسبوك» مجالهم الوحيد لطرح الأفكار ومحاولة معرفة ردود الأفعال أو حتى فتح نقاشات من حين إلى آخر» وحول مكانة الصحفيين في تطوير مستوى النقاش أكد محدثنا أن هذا الدور حاليا مقتصر على بعض المهنيين المناضلين في أحزاب سياسية والناشطين في بعض الجمعيات أو التنظيمات ذات الأهداف السياسية أو بعض المعارضين، بينما السواد الأعظم لا يأخذون مثل هذه الأمور بجدية على «الفايسبوك» أصلا. تباين المستوى وراء ضعف النقاش كشف الإعلامي فيصل حملاوي ل «الشعب»، «أن مستوى النقاش لا يرقى إلى المستوى المطلوب، بسبب تباين المستوى الثقافي والتعليمي للذين يترددون يوميا على الفايسبوك، والملاحظ أن أغلب النقاش يتناول قضايا شخصية وحسابات لا تسمن ولا تغني من جوع... ولا ينكر أحد أن هناك من المثقفين من يطرح قضايا هامة للنقاش لكنه يصطدم بواقع مر، بسبب غياب انحطاط مستوى النقاش». وأضاف «ما يثار على صفحات الفايسبوك لا يمكن أن يصنع أبدا رأيا عاما أو تؤثر فيه، وذلك لغياب مجتمع إلكتروني واع ومسؤول».