جمود وتردّد وخطوات إلى الوراء، ملامح الشكل العام التي صارت طاغية على «بريكست»، في وقت يحذر فيه من عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق بعد عسر المفاوضات التي لم يحسم في نتائجها بعد، في ظل مواجهة الاقتصاد الأوروبي المحبط والبريطاني المتأثر، لإعصار موجة ثانية أقسى وأكثر شراسة لوباء كورونا. الظاهر يوحي بأن بريكست مازالت في متناول اليد، إذا تمت إذابة جليد تعثر التفاوض التجاري بين الاتحاد الأوروبي ولندن في ظرف زمني لا يتعدى عشرة أسابيع، أي قبل نهاية عام 2020، لتفادي خروج مدمر لبريطانيا ولا حلول ترقيعية تقلل من حدة هذا الانفصال التاريخي سوى إطلاق بعض التنازلات من الجانبين، لأن العالم، خاصة القارة العجوز وضعها الاقتصادي يتفاقم بفعل المزيد من الضغط القوي للجائحة. الخروج من دون اتفاق والانفصال من السوق الداخلية لأوروبا والتي تستوعب ما لا يقل عن 450 مليون مستهلك، يهدد بالمزيد من الأخطار ستتحمل عبئه بريطانيا، وهذا ما عبر عنه صراحة البنك المركزي البريطاني الذي لم يخف توجسه من تداعيات سيناريو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، على خلفية اعتقاده أن الاقتصاد البريطاني يزحف نحو أسوإ حال غير مسبوق في تاريخ هذا البلد، بل ويحتاج إلى وقت طويل وسنوات عديدة لاستعادة أنفاسه. في وقت يتمسك فيه بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني بخيار التوقيع على اتفاق تجاري، يتطابق مع الاتفاق الذي يجمع كندا بالاتحاد الأوروبي، حيث يسقط هذا الاتفاق حق الدول الأوروبية التدخل في معايير المنتجات الفلاحية، والمياه الإقليمية والحدود البرية والبحرية البريطانية، أي بما يحقق المبادلات التجارية الحرة بين الطرفين، وكذا الإعفاء الجمركي بين الجانبين. إذا يبقى الانسداد قائما في الوقت الراهن، ويبدو أن لندن مازالت مقتنعة أن الخروج من دون اتفاق أفضل بكثير من إبرام اتفاق سيئ، ويقابله تمسك دول الاتحاد الأوروبي بمصالحها وتشبثها بامتيازاتها. فمن يخسر ومن يربح في نهاية المطاف؟.