فقدت الساحة الثقافية ليلة أمس الكاتبة عمارية بلال المعروفة في الأوساط الأدبية والإعلامية بأم سهام بعد معاناة مع المرض، وهي الكنية التي أطلقها عليها الشاعر الكبير نزار قباني في فترة السبعينيات، كما تلقب أمهات الشام أسماء أبناءهم البكر. ظلت تكتب بروح هادئة وسكينة مطلقة قلما اجتمعت في كاتبات جيلها وحتى من جئن بعدها وهي التي حرصت ان يكون مسارها الأدبي حافلا بالإبداع، كتابة وصوتا، وفي العمر 82 سنة تطفئ ام سهام شمعتها الأخيرة ليختم القدر بذلك رحلة سيدة عشقت الكتابة فأحتضنها الحرف وخلدها. أبرقت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة تعزية لأسرة الكاتبة والمشهد الثقافي الجزائري اثر فقدانهما اسما أدبيا لامعا، حيث كتبت في صمت وبسكون هادئ وهو ما جعل الشاعر نزار قباني يصفها «بأم سهام»، لطيبتها وسخائها، فكانت عمارية بلال أقحوان الأدب ألجزائري من الرصيف البيروتي إلى أميرة الحب إلى شظايا النقد والأدب إلى جولة مع القصيدة؛ أم سهام رفيقة المبدعين وملازمة المثقفين». ظلت أم سهام لسنوات طويلة وفية لعهدها مع الحرف والتأليف دون ان تتقاعد او يداهمها يأس الإبداع، كما فعل مع غيرها من المبدعين، وبقيت أقحوان الثقافة دون منازع بحضورها الملتقيات الأدبية دون عجز، أو ملل كما كانت لها مساهمات نقدية وانطباعية مع كتاب من أجيال مختلفة رفقة الإعلامي والأديب بلقاسم بن عبد الله، لما كان يشرف على صفحات النادي الأدبي بجريدة الجمهورية بوهران، ومن خلال تنشيطها لحصتها «دنيا الأدب» جمعت فيها لقاءات أدبية لعديد الأسماء هي اليوم شامخة في سماء الأدب والنقد. وصفها الدكتور الباحث يحيى بوعزيز في أحد مؤلفاته: «أم سهام كاتبة قصاصة مارست نشاطا مكثفا في الصحافة والإذاعة والملتقيات الوطنية والدولية، تعتبر نموذجا للمثابرة في العمل التربوي والصحافة والأنشطة الاجتماعية والثقافية والسياسية وعلى مدار ستة عقود من الإبداع عرفها جمهور القراء قريبة من الشأن الثقافي عبر الأثير، وهي تقدم برنامجها الأسبوعي بإذاعة وهران الجهوية أو على صفحات الجرائد والمجلات التي كانت تصدر منذ تلك الفترة الى غاية اليوم . كما قدمت الإعلامية والمبدعة زهرة برياح على صفحتها الافتراضية شهادة حية عن الفقيدة بحكم العلاقة التي جمعتهما معا على صفحات الجمهورية حيث قالت، «لقد كانت رفيقتي في كل مراحل العمر التي تقاسمانها معا، كانت نعم الأم والأخت والرفيقة والصديقة، لذلك تصف حالتها إثر تلقيها النبأ «سقط خبر رحيلك كالصاعقة رغم انه قضاء الله». أضافت برياح أن «أم سهام تلك الأنثى المناضلة في محراب الحرف، رأت النور في هذه الحياة ذات يوم في 21 افريل 1939 بوجدة، تنحدر من جذور طيبة وعائلة بلال العريقة بندرومة فكان اسمها عمارية، سيدة قدمت الكثير للأدب الجزائري ولم تتوقف عن الكتابة بروح حداثية مدهشة». للتذكير أثرت الفقيدة المكتبة الوطنية والجامعية بعدة إصدارات في الأدب والنقد من بينها «الرصيف البيروتي»، «جولة مع القصيدة»، «أميرة الحب»، «شظايا النقد والأدب»، «أبجدية نوفمبر»، «فتح الزهور»، «من يوميات أم علي» بالإضافة الى رسائل تخرج لطلبة الأدب العربي تناولت كتبها وإبداعاتها.