صرح جمال غول، رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة، لموقع «الشعب أونلاين»، بأن من يرى «بعدم جواز الصلاة بالتباعد في هذه الظروف يتمسك بظاهر الفتوى دون النظر في مقاصدها». وتابع في هذا السياق: «بمعنى ما هو الأفضل أن نصلي في المساجد بهيئة ناقصة، أم لا نصلي إطلاقا فتغلق المساجد. مؤكدا أن الصلاة بالتباعد أولى من غلق المساجد». أكد غول أن مسألة التباعد في الصلاة من الناحية الفقهية أفتى بجوازها كثير من العلماء في الداخل والخارج، وهذا تبعا للضرورة التي تتمثل في تفادي العدوى، بناء على أن التراصّ في الصلاة ليس ركنا من أركانها. وتابع: «هناك من أفتى بعدم جوازها بناءً على أن تلك الهيئة تبطل الصلاة. لكن القائلين بها قليل والبعض ممن نسبت إليهم لم يؤكدوا ولم ينفوا». وفي استطلاع لآراء المواطنين يصرّ «م.ف» من الكاليتوس، ولاية الجزائر، على تأدية صلاة التراويح والصلوات الخمس في المسجد، رغم سجال فتاوى حدث مؤخرا. فقد تفجر سجال ديني حول إجراءات الوقاية المفروضة على المصلين في مساجد الوطن، لتفادي انتقال عدوى «كورونا» بينهم. «م. ف» يؤكد في حديث خاص، وهو حامل سجادة، على وجود تقصير في هذا الجانب. يقول، إن «تسوية الصفوف تتم بالكتف للكتف والقدم للقدم»، ويحرص على صلاة الجماعة حاليا خشية الاعتياد على الصلاة بالمنزل، والتكاسل على صلاة الجماعة بعد زوال الوباء. وأضاف: «صراحة لست مقتنعا بهذا التباعد، الذي لا أرى بدّا من الإبقاء عليه، إضافة الى إغلاق بيوت الوضوء ومنع الأطفال».ويتابع: «لا شيء منطقي في هذا، المدارس مفتوحة ودورات المياه بها كذلك، وحتى المراحيض العمومية في المدن مفتوحة». وتابع: «يرى الجميع أن الصلاة في أقدس بقاع الأرض بمكة تتم بالتباعد، لذا لا أرى أن هناك حجة لمن يمتنعون عن الصلاة الآن حتى وإن لم يكونوا مقتنعين بالتباعد مثلي». من جهته يعتقد «ص.ح»، من ولاية عنابة، أن الصلاة بالتباعد لا تجوز، لهذا أضحى يصلي في بيته كل الصلوات، بما فيها التراويح، رغم أنه من المواظبين على الصلاة في الجوامع قبل تفشي الفيروس الذي فرض غلقها ومن ثم إعادة فتحها بشروط وقائية. وشدد في حديثه مع «الشعب أونلاين»، على عدم وجود إلتزام بالإجراءات في المساجد، لأن أغلب المساجد تطبق التباعد بنصف متر أو متر على الأقل. وتساءل في الوقت نفسه: «بيوت الوضوء والمراحيض مغلقة، بينما في المقاهي مفتوحة وهذا أمر محير!». الصلاة بالتباعد جائزة للتعمق في المسألة أكثر، تواصلنا مع يوسف مشرية، المستشار السابق في وزارة الشؤون الدينية، الذي أكد أن الصلاة مع تباعد المصلين وترك تسوية الصفوف صحيحة. وذكر المتحدث، أن الكراهة ترتفع على مذهب الجمهور، ويرتفع الإثم كذلك على مذهب القائلين بوجوب التسوية، لوجود العُذر المُعتبر في حالتنا وهي الحاجة المعتبرة وهي الاحتراز عن أسباب الإصابة بالفيروس. واستدل مشرية في حديثه «بسماحة الشريعة الإسلامية التي تدفع المشقة وقلة التكاليف. وإذا «وُجد ما يُصعب فعله ووصل الأمر إلى درجة الضرورة، فقد شرع الله تعالى رخصاً تبيح للمكلفين ما حرم عليهم». التباعد ليس «بدعة» وذهب الباحث الأكاديمي إلى أبعد من ذلك، لما شدد على أن المقصد من التباعد ليس مخالفة السنّة في كيفية اصطفاف المصلين ولا تغيير هيئة صلاة الجماعة، بل هي حالة مستثناة لظرف طارئ تزول بزواله. وأضاف: «فإذا كان الشارع الحكيم أباح ترك ركن من أركان الصلاة من أجل العُذر المعتبر، كالصلاة قاعدًا لمن عجز عن الصلاة قائمًا في صلاة الفريضة، عجزًا عن القيام، أو منعًا من اشتداد المرض، فترك تسوية الصفوف مع بقاء إقامتها أولى، مراعاةً لقصد الشارع الحكيم في اجتماع المسلمين في الصفوف». واعتبر المتحدث، أن تأكيد الأطباء على أن التباعد في صفوف المصلين وتنظيم الخروج والدخول من وإلى المسجد، يفيد في عدم انتشار العدوى، فإنه تجوز الصلاة حينئذٍ مع الاقتصار على زمن انتشار الوباء. واستدرك بقوله: «على أن تعود تسوية الصفوف لما كانت عليه بعد ارتفاع البلاء، فإنه إذا ضاق الأمر اتسع، وإذا اتسع ضاق كما هو مقرَّر». من جانب آخر، وفي دردشة على «الواتساب» يرى الشيخ شمس الدين الجزائري، أن الكتف إلى الكتف من سنن الصلاة، التي لا تسقط بسبب كورونا، لأنه ثبت أن المرض ينتشر عبر السعال والعطاس وهذا يكفي فيه القناع واللثام. وأضاف في هذا السياق: «الذين يصلّون وجوههم كلهم إلى القبلة، لا أحد يقابل أحدا وما دام القناع يكفي، فلا حاجة لنا للتباعد، لكن لا أفتي ببطلان صلاة من اقتنع بالتباعد. والله تعالى أعلم». الشيخ شمس الدين المشهور بفتاواه في قنوات خاصة، وفي خضم حديثه مع «الشعب أونلاين»، ذكر بعدم وجود أي عالم أفتى ببطلان الصلاة حتى ولو تم تأديتها بالتباعد. وأضاف: «كلهم مقرّون بصحة الصلاة وإنما غاية ذلك أنهم تركوا سنّة». وقال المتحدث، إنه «بعد انتشار فيروس كورونا وإعلان الأطباء أنه ينتشر عبر التقارب بين الناس، اختلف العلماء في موضوع التباعد في المساجد، فمنهم من أبقى على الأصل ومن العلماء من أفتى بجواز التباعد، لأنه يثق فيما قاله الأطباء».