ناضل الفنان التشكيلي كل في ميدانه وعبر عن حاجته إلى الحرية، حيث أبدعت عدة أسماء في تجسيد أعمال راقية في مختلف المجالات طارقة بها باب العالمية وإخراج مطالب الجزائريين عن التراب الوطني، لتبرز أسماء أخرى بعد الاستقلال لمواصلة مسيرة من سبقوهم أو أولئك الذي تتلمذوا على أيديهم. وقد التقت «الشعب» بفنانين، على هامش افتتاح معرض تشكيلي بمتحف الفنون الجميلة الذي يؤرخ للحياة الفنية طول الخمسين سنة من الاستقلال، الذين أكدوا على تطور هذا الميدان والاحتكاك مع مختلف أبنائه عبر مختلف دول العالم اعتمادا على التكنولوجيا الحديثة، متأسفين من جانب آخر على التهميش الذي بقي لصيقا بهم إلى اليوم. وتطرق في هذا الشأن الفنان لعبيدي محمد، أستاذ بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، في لقائه مع «الشعب» إلى الوضع والحال الذي أصبحت الفنون التشكيلية تعيشه بسبب قلة عدد دور وقاعات العرض، إضافة إلى اعتماد مواقيت «المكاتب» فيها. وقد أكد ذات الفنان التشكيلي الذي عايش فترات مختلفة من تاريخ هذا الفن بالجزائر ل «الشعب» على استياء كبار الفنانين من غلق عديد قاعات العرض وتغيير نشاطاتها، إضافة إلى اعتمادها على مواقيت لا تتماشى وانشغالات المواطنين، مبينا في هذا الصدد على الفرق بين القديم واليوم حيث كانت أبوابها مفتوحة أمام الزوار في كل الأوقات، الشيء الذي يسمح للمواطن في أخر يومه من الاتجاه وقصد أماكن من شانها كسر الروتين وتعب اليوم، عكس اليوم حيث أصبحت، حسب ذات الفنان، مثلها مثل الإدارات وباقي المؤسسات التي تعتمد على توقيت محدود، معتبرا ان مثل هذه التصرفات تضر قبل كل شيء بالفن والثقافة الجزائرية، خاصة وان بلدنا، حسبه، يملك طاقات لا يستهان بها في جميع المجالات والأنواع الفنية، قائلا: «والله المتصفح والمتجول عبر المواقع الالكترونية منها الفيس بوك يجد طاقات قوية وشباب يحب وطنه فعلا وهو في حاجة إلى من يبرزه ويخرجه إلى الوجود، وينفض عنه الغبار حتى يسير قدما في فنه، يفجر الطاقات التي بقيت حبيسة عنده» وعن الفن التشكيلي في الجزائر بعد خمسين سنة من استرجاع السيادة الوطنية فقد رأى لعبيدي انه في تطور مستمر، إلا أن المشكل القائم هو عدم وفرة الوسائل والمواد التي يحتاجها الفنان في عمله، ليرفع في الأخيرة رسالة إلى شباب اليوم من أولئك الذين يبدعون في عالم الفن بأنواعه أن يتمسكوا بمواهبهم والتصدي لكل العقبات متمنا وضع البطاقة المهنية للفنان كما وعدتهم الجهة المسؤولة. ومن جهته فتح الفنان التشكيلي المعروف علي كربوش قلبه ل «الشعب» ليحدثنا عن مسيرته الفنية، كاشفا عن الهموم التي يتمنى أن يخرج منها الفنان الذي خدم الثورة وكان مساندا وواقفا مع كل قضايا وطنه، حيث شارك كربوش في هذا المعرض بلوحتين أنجزهما في السبعينيات بعد تخرجه من مدرسة الفنون الجميلة سنة 1971، حيث أكد انه لا يزال إلى اليوم يبدع في عالم الفن، قائلا: «الفنان الذي ينقش اسمه على حجر، بمعنى الفنان المعروف، تكون له فرص بيع اللوحات والمشاركة في كبرى الفعاليات كبيرة»، كما أشاد ذات الفنان بالجهود التي بذلها الفنان التشكيلي منذ أن وجد على أرض الجزائر أو خارجها خدمة لبلد وثقافته، مبرزا أن هناك عدة أسماء متخرجة من مدرسة الفنون الجميلة وهي معروفة عالميا منها زياني، قريشي. أما عن الفن التشكيلي اليوم، فقد قال كربوش انه تطور كثير على فن الأمس، «والفنان في الجزائر حاله بين الأمس واليوم لا يختلف، حيث هناك الكثير من كبار الفنانين التشكيليين عانوا من التهميش في حياتهم وغادروها في خفاء، فللأسف الفنان يصل في عديد الأحيان إلى درجة عدم تمكنه من اقتناء ابسط شروط حياته المعيشية»، مضيفا «إلى اليوم هذا المشكل قائم ونحن في انتظار التجسيد الفعلي للوعود التي تلقيناها حول بطاقة الفنان وتأمينه اجتماعيا، ففي كل 8 جوان من كل عام نسمع عن تطبيق قانون الفنان في عيده، وبعدها نتأكد انه مجرد كلام، لكننا لم نقطع الأمل وننتظر هذا القانون بفارغ الصبر». كما أعاب علي كربوش الجهات المسؤولة التي نصبت لجنة المرصد الوطني للفنان دون إعلام أبناء الأسرة الفنية، حيث قال في هذا الصدد «الشيء الذي حبذا لو اعتمد في تكوين اللجنة هو مشاورة جميع الفنانين كل في ميدانه وإعطائهم الحق في اختيار من يمثلهم».