يقول ألفين توفلير في كتابه «صدمات المستقبل»: «إنّ الأميّين في القرن الحادي والعشرين لن يكونوا أولئك الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، ولكن أولئك الذين لا يستطيعون التّعلم، أو لا يستطيعون التخلي عما تعلّموه، أو لا يستطيعون إعادة التعلم». من هذه المقولة لمفكّر أمريكي كبير وعالم المستقبليات نحاول التوقف عند أحد المصطلحات الحديثة، ألا وهو مصطلح «الثورة الصناعية الرابعة». هنا قد يقول قائل ما المقصود بالثّورة الصّناعية الرابعة؟ وهل هناك ثورات صناعية سابقة عرفها العالم من قبل. للإجابة عن ذلك لا بد من الوقوف عند مصطلح الثورة الصناعية الرابعة، وهي التسمية التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، في عام 2016، ويقصد بها الموجة الصناعية الجديدة التي تستند على الصناعة في طورها الرابع من حيث استخدامها للتقنية، لا سيما التكنولوجيا الحديثة في مجالات في مجالات جديدة مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد وأنترنت الأشياء وغيرها، واستخدام هذه التكنولوجيا في الحياة اليومية. علما أنّ الثّورة الصّناعية الرّابعة لم تأت من فراغ، وإنما هي عبارة عن تراكمات أو بالأحرى هي الحلقة الأخيرة لسلسلة الثورات الصناعية السابقة، حيث مرّ العالم بثلاث ثورات صناعية، كانت أولها ابتداء من القرن الثامن عشر إلى غاية القرن التاسع عشر، مع اختراع المحرّك البخاري، أما الثورة الصناعية الثانية فقد ظهرت أواخر القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، وتميّزت بانطلاق اختراعات حديثة أبرزها اختراع محرك الاحتراق الداخليالذي أحدث ثورة في صناعة النقل، في حين بدأت الثورة الصناعية الثالثة مع ثمانينات القرن العشرين وحتى نهاية العقد الأول من القرن 21، والتي اعتمدت على التكنولوجيا الرقمية والحاسب الشخصي وتقنيات الاتصالات والانترنت بعبارة سهلة: الثورة الصناعية الثالثة تمثِّل الرقمنة البسيطة. وصولا إلى الثّورة الصناعية الرابعة التي يشهدها العالم حاليا من خلال بروز صناعة الروبوتات والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية…إلخ، هذا المصطلح على الرغم من أنّه استخدم على نطاق دولي واسع أثناء المنتدى الاقتصادي العالمي في 2016، إلاّ أنّه في الحقيقة أول من استخدمه هي الحكومة الألمانية التي ذكرت المصطلح «الصناعة في طورها الرابع»، واعتمدته ضمن خطّتها.