عكست مناقشة مخطط عمل الحكومة بقيادة الوزير الأول عبد المالك سلال من قبل نواب الشعب بالمجلس الشعبي الوطني، التمثيل السياسي المتنوع الذي أفرزته تشريعيات العاشر ماي الأخير الذي تميز أساسا بعودة المعارضة إلى الواجهة بعد تعزيز صفوفها بتشكيلات لها وزنها في الساحة السياسية، ولأنها تأتي عشية موعد انتخابي يكتسي أهمية بالغة ممثلا في المحليات حاول ممثلوها بالبرلمان استمالة المواطن بالتركيز على الانشغالات ذات الطابعين المحلي والاجتماعي. لم يفوت النواب عموما والمحسوبين على المعارضة على وجه التحديد فرصة عرض مخطط عمل الجهاز التنفيذي المعين حديثا للنقاش، لاستغلاله في استمالة الناخبين في محاولة منهم لحملهم على أداء الفعل الانتخابي لوضع حد للعزوف، وان كانت نسبته أقل من تلك المسجلة في الاستحقاقات التشريعية والأهم من ذلك إقناعهم بمنحهم أصواتهم في معركة انتخابية تتميز بمنافسة شرسة ترتبت عن اعتماد عدد كبير من الأحزاب الجديدة، حددت فيها نسبة الإقصاء من السباق بالحصول على 7 بالمائة كحد أدنى من الأصوات المعبر عنها. وتكون الأهداف الانتخابية وراء اختزال ممثلي الشعب بالغرفة البرلمانية السفلى النقاش في الانشغالات والمطالب الاجتماعية المحلية المحضة وكذا التوقف مطولا عند آليات التطبيق باعتبارها تمثل الطريق لتجسيد ما تم تسطيره في المخطط، متخذة بذلك من المجلس الشعبي الوطني منبرا لحملة انتخابية مسبقة تروج من خلالها لأحزاب «فتية» تخوض معركة تعتبرها غير منصفة مستندة في ذلك إلى نسبة 7 بالمائة، فيما تسعى الأحزاب «القديمة» بالمقابل إلى لعب كل أوراقها على الأقل للحفاظ على وعائها الانتخابي الذي باتت تنافسها فيه التشكيلات الجديدة التي باتت بدورها طرفا لا يمكن تجاهله في المشهد السياسي بغض النظر عن وزنها وعن الوقت الذي ستستغرقه تلك التي ستصمد لتثبيت نفسها باتخاذ موقع لها في الساحة. وعلاوة على ذلك، فان المنافسة ستكون شرسة بين مختلف الأحزاب التي تعول على الانتخابات المحلية للحصول على تمثيل في المجالس المحلية المنتخبة للعودة إلى الساحة السياسية لاسيما بالنسبة لتلك التي اختارت المقاطعة في التشريعيات مثلما هو الشأن بالنسبة للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية «الأرسيدي» الذي وان فضل مقاطعة تشريعيات العاشر ماي، إلا أنه ورغم الانتقادات اللاذعة قرر المشاركة في محليات 29 نوفمبر المقبل، ملتحقا بذلك في السباق بمنافسه التقليدي ممثلا في حزب القوى الاشتراكية الذي فضل عدم تفويت أي استحقاق انتخابي مبرمج في العام الجاري، ومعلنا عن عودته إلى المجالس المنتخبة عموما من الباب الواسع بعد إحرازه المرتبة الرابعة في التشريعيات. الأحزاب عموما بما في ذلك المنتمية إلى المعارضة التي رأت في المجلس الشعبي الوطني منبرا مناسبا للمرافعة لها، استغلت عرض مخطط الحكومة للنقاش لنقل الانشغالات على المستوى المحلي على لسان نوابها على اعتبار أن المواطن معني بها بطريقة مباشرة، ما أضفى على مداخلاتهم طابع الحملات الانتخابية.