قليلا ما نسمع عن فتح مكتبة تثري الساحة الثقافية وتشبع حاجات القراء والمثقفين الذين يبحثون دائما عن الجديد، والإطلاع على إبداع المحترفين والهواة، سواء في مجال الشعر أو القصة أو النقد أو الأدب بصفة عامة. كل ما سمعناه ورأيناه وعشناه أن أغلبية المكتبات أوصدت أبوابها أو حولت نشاطها إلى مجالات أخرى، تأتي في المرتبة الأولى بيع المأكولات الخفيفة و«الثقيلة» أو محلات بيع الملابس، بحثا عن الربح المادي، لأن الثقافة بالنسبة لهم لم تعد تجلب المال، ولا تصنع الجاه أو المجد.. فكل شيء يقاس بالمادة. وحتى السياسة طغت عليها المادة، وأصبحت الترشيحات لدى بعض الأحزاب تقاس بقيمة «الشكارة» التي يقدمها كل مترشح لاحتلال مرتبة متقدمة في القائمة، وقد أحدثت هذه الظاهرة ضجة كبيرة لدى الخاص والعام. أما مقياس الثقافة فيبقى في آخر درجات سلم التنقيط، الأمر الذي أدخل الكثير من المجالس الشعبية المنتخبة في انسداد وعجزت عن تسيير شؤون المواطنين، لأن ثقافتهم المحدودة لا تسمح لهم بمعالجة القضايا التي تطرح مداولات دورات المجالس المنتخبة. غير أن هذه المرة فاجأنا الكاتب الصحفي أحميدة عياشي بتدشينه فضاء جديد مخصص للنقاشات الثقافية أسماه «مكتبة الأمير عبد القادر»، تقع بشارع العربي بن مهيدي الذي يعرف حركة كبيرة لاسيما الطلبة والأساتذة والمثقفون بصفة عامة، وقد تكون مكانا مفضلا لالتقائهم وإحياء النقاشات الأدبية والفكرية كما كان مقهى «اللوتس» ذات فترة ملتقى الصحافيين والأساتذة والكتاب. نتمنى أن يوفق الأستاذ حميدة عياشي في مسعاه، الذي يعتبر الأول من نوعه، خدمة للثقافة الجزائرية والعربية ولم لا العالمية. وبالتالي تدشين الطريق، الذي كان محفوفا بمخاطر الإفلاس أمام المثقفين والمبدعين لإطلاق مشاريع مماثلة وإعادة الاعتبار للثقافة التي أنهكتها آفة ثقافة «الشكارة»!.