سهر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، منذ سنتين من توليه رئاسة البلاد، على الاهتمام بقطاع الصحة ووضعه ضمن أولويات مخطط الحكومة، لاسيما في مواجهة المعركة الكبرى مع «كوفيد -19» وتسيير هذه الأزمة الصحية التي لم تسلم منها جميع دول العالم، من خلال اعتماد سياسة وقائية فعالة ساهمت في تحقيق نتائج إيجابية بداية من قرار غلق الحدود الجوية والبحرية مرورا بفرض الحجر الجزئي واتخاذ عدد من الإجراءات الصحية لمكافحة انتشار الوباء. عاشت الجزائر حربا طويلة مع عدو خفيّ دائم التغير والتحور، وما تزال تواصل كفاحها في مواجهة مخاطر الموجات المتكررة لفيروس كورونا، من خلال تبني السلطات العمومية إستراتيجية وقائية استباقية أثبتث فعاليتها ونجاعتها في جميع المراحل التي قطعها الوباء، بالرغم من الصعوبات التي واجهت القطاع في التصدي لمخاطر الموجة الثالثة التي كانت الأعنف والأشد من جميع الموجات السابقة، ما تسبب في أزمة غير متوقعة في مادة الأوكسجين وضغط كبير على مستوى المصالح الطبية. وبالرغم من بعض النقائص المسجلة، فإنّ المنظومة الصحية نجحت في التصدي بكل قوّة وشجاعة لفيروس كورونا بمختلف سلالاته المتحورة، بفضل اللجوء إلى فرض إجراءات وقائية صارمة أعطت ثمارها وحالت دون خروج الأمور عن السيطرة، ما يؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة لضمان سلامة المواطن والتكفل بانشغالاته الصحية كأولوية في مخطط عملها ويعكس الرؤية الجديدة التي ترتكز على الاستثمار في صحة المواطن. وفي هذا الإطار، أبدى رئيس الجمهورية حرصه على إعادة النظر بشكل جذري وكامل في المنظومة الصحية للتكفل بالحاجيات والمتطلبات الصحية للمواطنين، من خلال إقرار جملة من القرارات الهامة، من بينها استحداث الوكالة الوطنية للأمن الصحي والتي أوكل لها مهام الخروج بتنظيم صحي جديد، يأخذ بعين الاعتبار جميع النواحي الصحية للتأقلم مع الواقع الذي فرضته المعطيات الجديدة والاستعداد مستقبلا لأيّ طارئ صحي، بالإضافة إلى سلسلة من اللقاءات جمعته مع أعضاء اللجنة العلمية لرصد ومتابعة وباء كورونا للوقوف على الواقع الصحي للبلاد. وشملت التدابير الاحترازية التي ساهمت في إنجاح استراتيجية الجزائر الوقائية في التصدي لفيروس كورونا غلق المجالات البرية والجوية والبحرية، لأكثر من سنة، وتوقيف بعض الأنشطة التجارية وغلق المدارس والجامعات وقاعات الحفلات والمساجد وفرض الحجر الجزئي والخروج منه، إلا بعد تسجيل استقرار في الحالة الوبائية، وهي القرارات التي لقيت في البداية انتقادات كبيرة من قبل خبراء ومختصين، لكن أثبتت، في الأخير، نجاعتها في احتواء الوضع الوبائي وتجنّب الأسوأ بعد التجربة الطويلة التي عاشتها الجزائر مع معركة مواجهة مخاطر الفيروس والتي مكنتها حاليا من تسيير هذه الأزمة الصحية بنجاح وتقدم. وكان رئيس الجمهورية قد وعد بإيجاد حلول لمختلف المشاكل التي واجهت عمال الصحة في التكفل بمرضى كورونا والوقوف على مختلف الاختلالات التي اعترضت القطاع، محاولة تدارك الأخطاء السابقة المتعلقة بالتسيير، من خلال العمل على توفير إمكانيات العلاج وتزويد كافة المستشفيات بالمعدات والتجهيزات الطبية، في إطار الحرص على تقديم خدمات صحية راقية للمواطن الجزائري عبر مختلف ولايات الوطن، مع الأمر برفع إنتاج الأوكسجين إلى 470 ألف لتر بدخول مصنع بطيوة بوهران حيّز الخدمة لتلبية الطلب، وتحسبا لأيّ طارئ مع مراعاة المقاييس والشروط التقنية لاستقبال وتخزين مادة الأوكسجين في المستشفيات لعدم تكرار سيناريو الموجة الثالثة. ووجدت تعليمات الرئيس الاستجابة الفورية من طرف مسؤولي قطاع الصحة بخصوص مواجهة آخر تحد بعد جملة من التحديات التي واجهت السلطات المعنية، منذ انتشار الجائحة، والمتمثل في جلب اللقاحات المضادة لفيروس كورونا إلى الجزائر مع بداية تسويقها مهما كانت أسعارها، وقد تحقق هذا المسعى بعد المجهودات المبذولة لتوفير عدد كبير من جرعات اللقاح الكافية لتلبية جميع الاحتياجات الوطنية وتسريع وتيرة التلقيح لبلوغ المناعة الجماعية بتلقيح على الأقل نسبة 60 بالمئة من الأشخاص الملقحين، بالإضافة إلى حرص رئيس الجمهورية على دخول الإنتاج الوطني للقاح الجزائري-الصيني حيّز الخدمة، في شهر سبتمبر الماضي، بطاقة تصل إلى مليوني جرعة شهريا. وفي هذا الإطار، أكد عضو اللجنة العلمية لرصد ومتابعة وباء كورونا ورئيس مصلحة طب الأورام، البروفيسور بونجار أنّ قطاع الصحة حظي بعناية واهتمام من قبل رئيس الجمهورية، منذ توليه الحكم، مشيرا إلى الملفات الرئيسية التي تندرج ضمن الأولويات في إطار السياسة الصحية للرئيس والمتمثلة في التكفل بمرضى السرطان والاستعجالات والاهتمام بمصالح رعاية الأمومة والطفولة. وقال عضو اللجنة العلمية لرصد ومتابعة وباء كورونا إنّ السلطات العمومية نجحت في تسيير أزمة كورونا بفضل الإجراءات الوقائية الفعالة مع عدم إهمال الاختصاصات الأخرى، خاصة ما تعلق باستمرار التكفل بمرضى السرطان على مستوى جميع المصالح بالرغم من الصعوبات التي فرضتها جائحة كورونا. وأضاف البروفيسور بونجار أنّ رئيس الجمهورية وضع ضمن أولوياته الوطنية الاهتمام بملف مرضى السرطان، من خلال إطلاق برنامج وطني لمكافحة السرطان واستمرار الخدمات العلاجية لفائدة المرضى، مشيرا إلى حرصه خلال اللقاءات التي جمعته مع أعضاء اللجنة العلمية لرصد ومتابعة وباء كورونا على ضرورة عدم التوقف عن أداء المهام في مصالح علاج السرطان عبر مختلف مستشفيات الوطن. ويرى أنّ من أهم القرارات المتخدة في إطار تحسن التكفل بمرضى السرطان تفعيل وتثبيت الصندوق الوطني للسرطان، والذي يهدف إلى تخفيف الضغط وتقليص المواعيد على المرضى فيما يخص مواعيد العلاج الاشعاعي، بالإضافة إلى التوجه إلى إنشاء ثلاث مصالح جديدة مخصصة للأشعة تتمثل في مصلحتين بالجزائر العاصمة وأخرى بخنشلة. وأفاد البروفيسور بونجار أنّ إنشاء وحدات جديدة في ولايات أخرى يعد إنجازا هاما لقطاع الصحة ومرضى السرطان، زيادة على أهمية إمضاء وزير الصحة على الأدوية الجديدة المبتكرة لعلاج السرطان والتي ستكون متوفرة في 2022.