تراهن الدولة بعد انقضاء واحد وخمسين سنة على الاستقلال الطاقوي، على الطاقات المتجددة، وأعلنت "ثورة خضراء" من خلال التخفيف من الطّاقات الكامنة مثل البترول والغاز التي باتت تعرف انكماشا في إنتاجها، خاصة مع وتيرة استهلاكها الذي لا يبعث عن التفاؤل، بآفاق سنة 2030. يتزايد الطلب في الجزائر على المنتجات البترولية باستمرار، بحيث بلغ معدل استهلاك البترول في البلاد 65 مليون طن سنويا، أي ما يعادل 5.2 مليار دولار، فيما بلغ معدل استهلاكها للغاز 800 مليون متر مكعب أسبوعياً، وتيرة الإستهلاك. ما ستؤدي - حسب دراسات منجزة - إلى تقليص فرص تصدير المحروقات في آفاق 2030. وأمام هذا الوضع المقلق توجّهت السلطات إلى استحداث وزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة، التي سطرت من خلالها الدولة برنامجًا للانتقال الطاقوي، يهدف إلى تعزيز استغلال الطاقات المتجدّدة، ويجنّب الاقتصاد الوطني سيناريو العجز الطاقوي الذي يهدده. خارطة طريق 2030 وضعت الوزارة الوصية خارطة طريق جديدة تُعنى باستغلال الطاقات المتجددة وسبل تحقيق الانتقال الطاقوي في آفاق 2030، وتتمثل في ثلاثة محاور هي: اقتصاد الطاقة، استحداث نموذج طاقوي جديد، إضافة إلى برنامج طاقوي مستقبلي. وتمّ انشاء "شمس" وهي شركة مختلطة بين مجمعي "سوناطراك" و«سونلغاز"، مكلّفة بتنفيذ البرنامج الوطني للطاقات المتجددة، تحت وصاية وزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة، التي أطلقت مناقصة دولية عُرضت على الشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار، لإنتاج 1000 ميغاواط من الكهرباء كمرحلة أولى، في 10 ولايات، أي إنتاج 100 ميغاواط في كل ولاية موزعة بين الجنوب والهضاب العليا، وسحب حتى منتصف فيفري الجاري ما يزيد عن 80 متعاملا دفتر الشروط الخاص بالإعلان عن مناقصة المتعلق بمشروع إنجاز محطات للطاقة الشمسية الكهروضوئية بسعة 1000 ميغاواط الذي يحمل اسم "سولار 1000"، حسب ما أكده وزير الانتقال الطاقوي والطّاقات المتجدّدة. إضافة الى مشروع لإنتاج مليون مصباح من نوع "لاد" بطاقة استهلاكية لا تفوق 20 واطاً، بهدف تقليص استهلاك الطاقة، وستكون هذه المصابيح متوفّرة قبل نهاية السنة، وبسعر مدعّم من طرف الدولة بهدف تشجيع المواطنين على اقتنائها. نحو ترشيد الاستهلاك يعتبر قطاع النقل من القطاعات الأكثر استهلاكا للطاقة، لذا وضعته وزارة الانتقال الطّاقوي ضمن استراتيجية التحول الطاقوي، مع التركيز على كيفية إيجاد حلول لمسألة الاستهلاك العشوائي للوقود خاصة المازوت "الديزل"، الذي يعتبر وقوداً مضرّاً بصحّة الانسان والمناخ، مع ضرورة التحرر من التبعية للسيارات التقليدية، ومواكبة التطورات العالمية الحاصلة في قطاع النقل، والمتمثّلة أساساً في السيارات والشاحنات والحافلات الكهربائية. وفي هذا الصدد، أكّد الرئيس عبد المجيد تبون، على ضرورة وضع شروط جديدة لوكلاء استيراد السيارات، تلزمهم باحترام معايير السلامة البيئية ومقتضيات تموين السوق بالوقود، من خلال تخصيص حصة قدرها 15 بالمائة من مجمل السيارات المستوردة للمركبات الكهربائية، على أن يتم العمل على تقليص استيراد السيارات التي تشتغل محركاتها بوقود "الديزل" إلى أدنى حد. وشرعت وزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة في تشجيع أصحاب السيارات للاتجاه نحو استهلاك غاز البترول المسال "سيرغاز"، الذي يعتبر حاليا أفضل الخيارات المتوفرة للتقليل من التلوث في الجزائر، وكذا من فاتورة استهلاك الوقود، ولأجل هذا شرعت مصالح الوزارة في تكييف محرّكات السيارات التابعة لمختلف مؤسسات الدولة، ووضع كل الإمكانات التي تسمح للمواطنين بتسديد مبلغ 30 ألف دينار فقط من أجل إجراء التعديلات الميكانيكية اللازمة التي تسمح باستعمال وقود "سيرغاز". كما يصنف قطاع السكن هو الآخر ضمن القطاعات المعنية، حيث يستهلك حوالي 17 مليون طن من البترول، واقترحت الوزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة تقليص حجم الطّاقة المستهلكة في السّكنات الجديدة باستعمال السخان الشمسي والمصابيح من نوع "لاد" والّزجاج المزدوج. وتهدف استراتيجية القطاع، من خلال الرهانات الجديدة للبلاد في الطاقات المتجددة، إلى رفع نسبة مساهمتها، في المزيج الطّاقوي إلى 50 بالمائة في آفاق 2030، وذلك بإنتاج 30 ألف ميغاواط من مصادر متجدّدة خلال الفترة الممتدة بين 2021 و2035.