لم يفوت آلاف المواطنين أمس الموكب الرئاسي الجنائزي لتوديع رئيسهم الأسبق الشاذلي بن جديد إلى مثواه الأخير والترحم على هذه الشخصية الوطنية التاريخية، التي كرست حياتها خدمة للوطن واستقلاله، صانعة بذلك تاريخ الجزائر المناضلة والمستقلة.كانت الساعة تشير إلى تمام الثانية زوالا عند خروج الموكب الجنائزي من قصر الشعب الذي كان به جثمان الرئيس الراحل، حيث كان فضاء مفتوحا ليلقي عليه محبوه النظرة الأخيرة والذين ترحموا عليه بعد أن شهدوا له بإنجازات تؤكد على أن الرجل كان عظيما، مشيرين إلى أنهم لا يملكون في هذا المصاب الجلل إلا أن يعزو أنسفهم في فقيد الجزائر والأمة العربية. الموكب الذي كان يحمل جثمان شخصية لا طالما أحبها الشعب الجزائري وأكن لها كل الاحترام والتقدير، كان مسجى بالعلم الوطني فوق عربة عسكرية مغطاة بورود وأزهار من مختلف الألوان. وكان محاطا بعناصر الحرس الجمهوري ممتطية الدراجات النارية. لحظات تأثر بالغة وسط المواطنين الذين اصطفوا في جو من الخشوع والترحم على جنبات الشوارع انطلاقا من قصر الشعب مرورا بشارع ديدوش مراد ونهج جيش التحرير الوطني إلى غاية وصوله إلى مقبرة العالية. لحظات أرجعت العديد ممن عايشوه 20 سنة إلى الوراء، حين كان يمر الرئيس الراحل بهذه الشوارع وهو يلوح للشعب فوق سيارة رئاسية، وسط زغاريد النسوة غير انه مر أمس داخل نعشه المغطى بالعلم الوطني وسط دموع محبيه. وكان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي بدا متأثرا جدا، قد رافق الموكب الجنائزي للرئيس الراحل الذي انطلق من قصر الشعب باتجاه مقبرة العالية أين سيواري الشاذلي بن جديد الذي وافته المنية عن عمر يناهز 83 سنة، الثرى في مربع الشهداء. وقد نوه المواطنون الذين قدموا من مختلف ولايات الوطن، بهذه المناسبة الأليمة بالشخصية الفذة التي وهبت حياتها فداء للوطن حيث أشادوا بكفاح الفقيد ومشواره واصفين إياه بالشخصية الوطنية والمناضل ورجل دولة، مؤكدين مساهمته بشكل كبير في بنائها بعد الاستقلال. وفي هذا المقام قال عدد من المواطنين ل »الشعب« لقد فقدت الجزائر اليوم واحدا من رجالها البررة الذين وهبوا أنفسهم لخدمة الوطن وازدهارها حيث عرف بإخلاصه للوطن، لعب دورا كبيرا في تنمية وازدهار الوطن، حيث واصل مسيرة من سبقه في هذا المنصب وبذل مجهودات كبيرة كما كان يتميز بتفانيه في خدمة الوطن. وأجمع محدثون ممن كانوا في الموعد لتوديعه على انه كان رجلا في قمة التواضع خدم بلده بكل إخلاص وتفان وانه رغم رحيله لا يزال حيا في قلوب كل الجزائريين، باعتباره كان شجاعا بقراراته ومواقفه الجريئة، كما تمكن بفضل حنكته وحكمته من تحقيق الديمقراطية التي تطمح إليها كل الشعوب، ولعب دورا كبيرا على الساحة الوطنية والدولية. عبر آخرون ممن جاؤوا لينعوا رحيل ثالث رئيس للجزائر المستقلة »الشاذلي بن جديد«، عن عمق تأثرهم لفقدان الجزائر لرجل كرس حياته من أجل مصلحة بلده وشعبه، حيث قال لنا محمد: »لقد ودعت الجزائر اليوم دولة وشعبا الرئيس الشاذلي بن جديد هذا الرجل الذي ارتبط اسمه بالإصلاحات«، مضيفا بأنه »أول من أخذ بيد الجزائريين في أول خطواتها نحو الديمقراطية وحرية الإعلام واليوم وقد انطفأت شمعته سيبقى بريق انجازاته ساطعا«. وبهذه الخصال الحميدة فضل الجزائريون والجزائريات توديع الروح الزكية للشاذلي بن جديد التي انتقلت إلى بارئها بعد أكثر من 8 عقود مرت جلها في خدمة الوطن.