أضحت أزمة العطش بولاية تبسة من مميزات حياة الساكنة التي تكيف معها المواطن بعد فشل سياسة البريكولاج وهدر أموال ضخمة، ويبقى التزود بالماء الشروب النقطة السوداء التي يعاني منها السكان في انتظار إيجاد حلول جذرية واستعجالية. لعقود من الزمن كرّست فيها أزمة عطش شتوية وصيفية، ودفعت الحاجة السكان للتزود بالصهاريج والدلاء وانجاز أحواض أرضية، وحتى جلب المياه على ظهور الاحمرة لعشرات الكيلومترات ما نغص حياتهم، وجعل رحلة البحث اليومية عن المياه من الأولويات. أزمة المياه تخرج السكان إلى الشّارع في غضون ذلك، تعيش عاصمة الولاية تذبذبا في التموين بالماء بسبب ضعف حصة الولاية من المياه بالمقارنة مع الكثافة السكانية، ما حرم بلديات الشمال الحدودية مع تونس من التخفيف في مستوى حدة الأزمة، وهو ما أثار استياء السكان وجعلهم يخرجون إلى الشارع، ويحتجون بغلق الطرقات في العديد من الشوارع، مطالبين بتزويدهم بالمياه التي لا تصلهم ل 20 يوما أحيانا، منددين بالوعود الكاذبة بتوفير المياه يومية، حيث قام سكان حي لاروكاد بغلق الطريق لعدة ساعات لعدم تزودهم بالماء لأكثر من 10 أيام. وفي مقابل ذلك، تعقدت أزمة العطش بتبسة بعد تأخر إنجاز سد واد ببوش، وانجاز محول الحمامات بئر مقدم والشريعة، فيما تتواصل عملية تدعيم محول أم خالد نحو الشريعة بالمضخات لرفع مستوى التموين. وقد اضطر سكان الولاية أمام الحاجة الملحة لهذه المادة الحيوية لدعم وسائل التخزين على مستوى الاحواش والعمارات والفيلات لأنّ الأزمة ضربت العائلات الغنية والمتوسطة والفقيرة. ولجأ المواطن لتثبيت صهاريج حديدية وبلاستيكية بين سعة 1000 لتر إلى 5000 لتر للاستعمال في دورات المياه والتنظيف، فيما ساعدت الظروف العائلات الغنية لانجاز أحواض أرضية بسعات ضخمة للاستعمال التجاري والعائلي للحمامات العمومية ومستودعات تنظيف السيارات. في حين تلجأ عائلات معوزة لاقتناء صهاريج بلاستيكية أخرى تباع لدى محلات الخردوات، وحتى تلك المستعملة في زيوت التشحيم وبراميل الشحوم والزيوت، وأخطر من كل ذلك صهاريج المواد الكيميائية المسترجعة بعد استخدام محتوياتها مع ما تحمله هذه الوسائل من أخطار كبيرة على الصحة العمومية سيما للأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة، إضافة للتخصيصات المالية الضخمة التي تكبد المواطن خسائر مالية ترهق الميزانية العائلية، وتبقى الوسيلة الأولى دعم شبكة التمون لمضخات لرفع مستوى الضخ سيما الطوابق العليا للعمارات. أزمة حادّة من جهة أخرى، ينتقد الحديث عن ضمان تزويد المنتظم لكل السكان بين فترات يومية و48 ساعة وأسبوع، في حين أن الولاية تشهد عطشا حادا في المناطق الحضرية والريفية بمناطق الظل التي يدفع سكانها تكاليف إضافية، ويستهلك سكان الريف أضعاف المناطق الأخرى بسبب العزلة وتباعد مسافات الحنفيات الجماعية. وتسببت هذه الأزمة في اقتناء أغلبية العائلات لقارورات المياه المعدنية التي التهبت أسعارها مع حلول الصيف، في ظل حاجة الرضع والمرضى، أما من استسلموا للعوز فإنهم يشربون حتى المياه ذات نسبة الملوحة المرتفعة. وأمام هذه أزمة الماء الشروب بولاية تبسة التي تعتبر من النقاط السوداء على المستوى الوطني تستمر معاناة تكبد تكاليف مرتفعة في ميزانيات مختلف الطبقات الاجتماعية في ظل توفر مؤشرات لتعقيدات تهديد الصحة العمومية بأمراض فتاكة. وأكّد الرئيس المدير العام لشركة الجزائرية للمياه في زيارة له لتبسة الأيام القليلة الماضية بعد إطلاعه على المشاريع المنجزة، والتي في طور الانجاز وعلى البرنامج المعد للخدمة العمومية. ولا توجد حلول استعجالية لفك أزمة العطش، وستستغرق الحلول الممكنة المدروسة عامين لتجسيدها على أرض الواقع ليستفيد منها المواطن، كمشروع إنجاز محطة ضخ ثانوية لتدعيم محطة الضخ الرئيسية بسد ولجة واد ملاق وتدعيم توزيع المياه بالبلديات الشمالية، فيما يبقى مشروع الربط من سد واد ببوش مجمدا الى إشعار آخر، كما ينتظر سد صفصاف الوسرى عمليات نوعية لرفع أطنان الأوحال.