اشتراكات الجالية تعوض الاقتراض من صندوق الاستثمار تبسيط إجراءات الانتساب لصندوق التقاعد ضروري بعضهم غادرها من اجل الدراسة وآخر لأجل الاستقرار العائلي والبعض الآخر لأجل البحث عن آفاق أوسع للنجاح وتحسين ظروفهم الاجتماعية، أسباب متعددة تقف وراء فراق فرضته ظروف لم تتمكن من سلخ الجزائري المغترب عن وطنه، الذي بقي متعلقا به وبما تزود به من وطنية وعادات وتقاليد، رافقته طيلة سنين غربته. لتعصف اليوم رياح التغيير بكل الحواجز التي حالت بين مشاركة أفراد الجالية الجزائرية بالخارج في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لبلدهم. آخرها مشروع مرسوم تنفيذي يسمح للمغتربين الجزائريين، دفع اشتراكات للصندوق الوطني للتقاعد والحصول على الامتيازات التي يوفرها، لتستفيد هذه الفئة من الحياة الطبيعية في حالة العودة إلى الوطن وانتعاش هذا الأخير بعد معاناته لسنوات من عجز مزمن. أشاد الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي احمد حيدوسي، بالاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، للجالية الجزائرية المقيمة بالخارج، بداية بتخصيصه لحصص وبرامج سكنية لفائدة الجالية، أثناء توليه قيادة قطاع السكن سابقا. ليتعزز هذا الاهتمام بعد استلامه لمهامه حيث كان إشراك الجالية الجزائرية بالخارج في الحياة السياسية والاقتصادية لبلدهم، هي احد التزاماته 54، التي شهدنا تجسيد اغلبها على أرض الواقع. وتجلى اهتمامه بهذه الفئة، يضيف الخبير الاقتصادي، خلال خرجاته إلى العديد من دول العالم، حيث لم يفوّت أي موعد مع الجالية الجزائرية التي استعادت الثقة في القرارات المتخذة على مستوى وطنها الأم، وعادت إلى التفكير في الاستثمار به، بعد الإجراءات والقرارات الجريئة التي يتخذها القائد الأول للبلاد في كل مناسبة، قرارات تحمل رسائل طمأنة وتشجع على التفكير في استثمار الأموال في الجزائر. وأشار حيدوسي إلى لقاءات رئيس الجمهورية بالمغتربين الجزائريين خلال زيارته إلى عدة دول، أين خاطب أبناء بلده بعفوية القائد الملم بكل انشغالات واهتمامات المواطنين في المهجر، خاصة ما تعلق ملف الضمان الاجتماعي والتقاعد. مطالب الجالية الجزائرية المقيمة في بعض البلدان التي لا تضمن التقاعد، وكذا بالدول المضمون بها، بالانتساب إلى صندوق الضمان الاجتماعي الجزائري والاستفادة من امتيازاته يقول المتحدث وجدت أذانا صاغية، تبنت هذا الانشغال من خلال مناقشة مشروع تنفيذي، تم عرضه مؤخرا على مستوى الحكومة، بخصوص هذا الملف . الذي سيعود بالفائدة المشتركة على الدولة الجزائرية وأبنائها المغتربين. خاصة إذا ما أخذنا على سبيل المثال نجاح التجربة المصرية التي يستفيد اقتصادها، من تحويلات لجاليتها بالخارج، بلغت قيمتها 32 مليار دولار سنويا، وكذا الحال بالنسبة للأردن التي تستفيد من 7 مليار دولار، تدرها سنويا تحويلات جاليتها بالخارج . وأبرز المتحدث، أن صندوق التقاعد سجل نفقات تجاوزت 1220 مليار دينار، وبالمقابل لم تتجاوز مداخيله ما قيمته 500 مليار دينار، بالتالي هو بحاجة إلى دعم سنوي بقيمة 720 مليار دينار من اجل تحقيق توازنه وهي النسبة التي تم اقتراضها لثلاث سنوات متتالية عن طريق صندوق الاستثمار، إلا أن هذه الآلية أثبتت عدم جدواها وقدرتها على الاستمرار في تمويل صندوق التقاعد الذي تضاعف عجزه وازدادت حد الأزمة التي يواجهها، جراء تداعيات جائحة كورونا التي ساهمت بشكل قوي في تراجع فرص العمل وتفاقم نسبة البطالة. وهنا تجدر الإشارة إلى إن كل حالة تقاعد تقتضي تعويضها ب 3 مناصب عمل، التي تتطلب بدورها 9 مناصب جديدة، لتتمكن من الاستفادة من حقها في التقاعد، وهذا من اجل الإبقاء على توازن الصندوق. إن تجسيد ملف انتساب الجالية الجزائرية إلى صندوق التقاعد، التي تشير بعض المصادر إلى تجاوزها 6 ملايين مغترب، يضيف حيدوسي، فرصة ستساهم في انتعاش هذا الأخير بتحصيل مداخيل بالعملة الصعبة من خلال دفع اشتراكات هذه الفئة، سواء على مستوى السفارات الجزائرية المتواجدة عبر البلدان المتواجدين بها، أو عبر البنوك الجزائرية التي عكفت الدولة على فتح فروع لها عبر مختلف دول العالم . ما سيسمح للجزائري المتواجد في أي منطقة من العالم بضمان تقاعده في حين قرر العودة إلى بلده. ليندمج بصورة طبيعية مع الحياة داخل الوطن، مستفيدا بذلك من التأمين الصحي وباقي الامتيازات التي يوفرها الصندوق لمواطنيه. و لنجاح المشروع وتمتين جسور الارتباط بين إفراد الجالية وووطنهم وإشراكهم في الحياة الاقتصادية، أكد حيدوسي، ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية وتفادي البيروقراطية التي قد تعيق نجاح المبادرة، والاقتصار على وثائق إثبات الهوية دون غيرها من شهادات العمل ومكان العمل باعتبار أن اغلب الجزائريين في الخارج يمارسون مهنا حرا، ودراسة قيمة الاشتراكات بموضوعية تأخذ بعين الاعتبار ظروف المغترب ووضعيته الاجتماعية، ما سيكون عاملا مهما في تقوية رابطة الانتماء بين الجزائر وأبنائها وتأكيدا لاهتمام الدولة الجزائرية ببناء اقتصاد وطني، يشارك فيه جميع الجزائريين من داخل وخارج الوطن .