إيمانا منها بأن بيان السياسة العامة وسيلة إبلاغ مهمة من الحكومة لأعضاء البرلمان، واحتراما لالتزاماتها نحو الهيئة التشريعية وتطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تضع حكومة أيمن بن عبد الرحمان بين أيدي نواب المجلس الشعبي الوطني بيان السياسة العامة المكون من 62 صفحة، تؤكد من خلاله الحكومة تجسيد حق الرقابة القبلية للبرلمان لنيل ثقة الهيئة التشريعية قبل شروعها في عملها، بالإضافة إلى إحاطة النواب بما تم تطبيقه أثناء السنة الماضية الممتدة من سبتمبر 2021 إلى غاية أوت 2022، والذي يأتي على ضوء «ظرف وطني ودولي معقد للغاية» على خلفية تبعات جائحة كوفيد-19 حسب ما نص عليه البيان. في جلسة عامة تخصص لتقديم بيان السياسة العامة للحكومة من قبل الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، سيستأنف المجلس الشعبي الوطني أشغاله، اليوم الأثنين، حيث يتم تقديم البيان بنفس طريقة عرض مخطط عمل الحكومة أول مرة، إذ يُشرع في مناقشة بيان الحكومة من قبل النواب عقب العرض، ليُفسح المجال بعدها للوزير الأول للإجابة على تساؤلات النواب حول مضمون 62 صفحة، حملت بالتفصيل الدقيق نشاط الحكومة وأداء إداراتها خلال العام الماضي، وملامح خطط عملها للسنة المقبلة. عرض بيان السياسة العامة على نواب المجلس الشعبي الوطني، من الآليات الرقابية المهمة التي منحها الدستور للنواب المنتخبين من أجل الإطلاع أكثر على مضمون البيان، والإعراب عن موقفهم من واقع أداء الحكومة والإدارات التابعة لها في هذا المجال، وهي محطة يشدّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على عدم التخلف عنها وترسيخها في ممارسات الهيئة التشريعية. وعلى هذا الأساس، تكمن أهمية عرض بيان الحكومة، إذ يُشكل عرض ومناقشة بيان السياسة العامة فرصة للنواب من أجل الوقوف على مدى تنفيذ الحكومة للوعود التي قطعتها أثناء تشكيلها، وهو الأمر الذي يسمح للمساندين بتجديد الثقة فيها، وللمناوئين بنقدها. ويرى مختصون بأن هذه العملية ستكون «فارقة حقيقية في العمليات التشريعية بناء على توصيات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون»، حيث يعتبر مراقبون بأن «عرض السياسة العامة على أعضاء المجلس الشعبي الوطني، تكريس حقيقي للشفافية والنزاهة كمبادئ رئيسية لبناء مؤسسات قوية تضمن مصلحة البلاد». وتكمن أهمية البيان في عرضه المفصل لحصيلة نشاطات مختلف الهيئات خلال الفترة الممتدة من سبتمبر 2021 إلى غاية شهر أوت الماضي، وهي فترة استثنائية لدواعٍ سبق ذكرها أجبرت الحكومة على وضع سياستها القطاعية حيز التنفيذ، بما يسمح بتجسيد الأهداف التي تم تحديدها مسبقا، حسبما أفاد به البيان الموزع على خمسة فصول. واستهل البيان عرضه بالفصل الأول الموسوم بعنوان «تعزيز دولة القانون وتجديد الحوكمة»، إذ يبرز هذا الفصل جهود وأعمال الحكومة في سبيل استكمال بناء المسار المؤسساتي، مبرزا أهم الإجراءات التي اهتمت ب «عصرنة العدالة وتعزيز استقلاليتها وتحسين نوعية الخدمة المقدمة». ولأن السنة وُصفت بأنها سنة اقتصادية بامتياز، تناول بيان السياسة العامة تعزيز دعائم النمو وتطوير القطاعات الإستراتيجية تحت عنوان «من اجل تنمية إنعاش الاقتصاد وتجديده»، حيث تطرق البيان لأهم التدابير المتخذة من طرف الحكومة طيلة السنة الماضية في سبيل تثمين الإنتاج الوطني في مختلف المجالات، وتعزيز اقتصاد المعرفة والتحول الرقمي». وتناول أيضا تفصيلا لجهود الحكومة من أجل تحديث النظام المصرفي عبر المراجعة المقبلة لقانون النقد والصرف، وإصدار القانون المتعلق بالاستثمار». كما عرّج البيان في فصله الثالث، الذي جاء تحت عنوان «من أجل تنمية بشرية وسياسة اجتماعية مدعمة»، على تعزيز الرصيد البشري وتحسين الحماية الاجتماعية، مذكرا بجهود الحكومة عبر «تسخير الموارد البشرية والوسائل المادية لتحسين الخدمات العمومية وتوسيع تغطيتها الإقليمية»، بالإضافة إلى الإجراءات المتخذة من أجل رفع وتدعيم القدرة الشرائية، وتعزيز أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد، لاسيما من خلال إعادة تثمين الأجور ومعاشات التقاعد، وتأسيس منحة البطالة وغيرها من التدابير الرامية إلى استقرار الأسعار». بيان السياسة العامة لم يغفل السياسة الخارجية التي ميزت السنة الماضية، مشيرا الى العمل النشيط والاستباقي، الذي عززت الجزائر من خلاله علاقاتها مع إفريقيا والعالم العربي، وطوّرت دبلوماسيتها الاقتصادية لوضعها في خدمة مخطط الإنعاش الاقتصادي»، وأشار البيان إلى الإجراءات المتخذة في «عصرنة الأداة الدبلوماسية وتدعيم المورد البشري بها». وختم البيان حصيلته بالإشادة بجهود الجيش الوطني الشعبي، إذ حمل الفصل الخامس والأخير عنوان «تعزيز الأمن والدفاع الوطنيين»، مبرزا جهود الجيش الوطني الشعبي الذي عمل، حسب البيان، أمام «ظرف جهوي ودولي مضطرب على تأمين الحدود والحفاظ على السلامة الترابية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتطوير الدفاع السيبراني وتطوير الصناعة العسكرية، إلى جانب تعزيز علاقات التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف».