يعد مركز مكافحة السرطان بولاية ورقلة إضافة نوعية في المجال الصحي لولايات الجنوب الشرقي وللوطن كافة، حيث يعتبر أول مركز استحدث بالجنوب. ومنذ افتتاحه ساهم هذا المركز المتخصص في معالجة الأمراض السرطانية في تخفيف عبء وتكاليف التنقل والسفر على مرضى السرطان بهذه الولايات. يتوفر هذا المركز على كافة الاختصاصات، منها العلاج الكيميائي والعلاج الجراحي والعلاج بالأشعة وهو المركز الوحيد في الجنوب الذي يتوفر على مصلحة في الطب النووي، كما يعد المركز الوحيد من بين مراكز مكافحة السرطان المتخصصة على مستوى الوطن الذي يعمل تحت إطار اتفاقية دولية مع فريق طبي كوبي في مجال مكافحة السرطان، حسبما ذكر الدكتور عصام دبة الطبيب المختص في معالجة أمراض السرطان بالأشعة ورئيس مركز مكافحة السرطان ورقلة في حديث ل «الشعب». يتكفل الطاقم الطبي للمركز، بصفة مباشرة، بالمرضى الذين يعالجون عبر هذا المركز، وبنسبة 95 في المائة بكل مراحل العلاج التي يتلقاها المريض بالنسبة للأشخاص البالغين، كما أوضح الدكتور، مشيرا إلى أنه في بعض الأحيان وخاصة بالنسبة للحالات التي تتطلب جراحة معقدة ومتخصصة جدا، وبحاجة إلى تدخل فريق طبي متخصص متأهل، يتم مرافقة المريض بتوجيهه نحو مراكز أخرى، وتبقى متابعة الحالة والمراقبة الطبية في مرحلة ما بعد الجراحة ضمن سياق عمل مركز مكافحة السرطان بورقلة حسبه، كما يمكن للمريض إذا واجه أي صعوبات صحية فيما بعد الاتصال بإدارة المركز بورقلة من أجل تسهيل إجراءات توجيهه نحو الوجهة المناسبة. وعن توفير تغطية لكافة الاختصاصات في السرطان عبر المركز، أشار رئيس مركز مكافحة السرطان أن توفير كافة الاختصاصات ليس بالأمر السهل ولكن أغلب المطلوبة منها متوفرة، مثل جراحة الثدي، جراحة الجهاز الهضمي، حيث تعالج أغلبها عبر هذا المركز. تكفّل بكافة مراحل علاج سرطان الثدي يوفر مركز مكافحة السرطان بورقلة، تغطية بنسبة 100 في المائة لكافة مراحل العلاج بالنسبة لمرضى سرطان الثدي من سكان المنطقة وما يجاورها وولايات الوطن وتشمل الجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج بالأشعة وجميعها متوفرة بكل أشكالها. وفي السياق، قال الدكتور عصام دبة أن «مركز مكافحة السرطان يغطي كافة هذه الخدمات الطبية خاصة بالنسبة لمرضى سرطان الثدي، كما يوفر الدعم البسيكولوجي لكل الحالات التي تتقدم للعلاج عبر هذا المركز، بالإضافة إلى بعض الجراحات التجميلية في ترميم الثدي». وذكر هنا أن أول تجربة عمليات تجميلية لترميم الثدي بالنسبة للحالات التي تم فيها استئصال الثدي بسبب السرطان، كانت بالتعاون بين الفريق الطبي لمركز ورقلة وفريق متخصص جزائري أجنبي خلال السنة الماضية، أين أجريت 5 عمليات كللت بالنجاح. وشكلت هذه التجربة - وفق محدثنا - «خبرة مهمة للفريق الطبي عبر المركز ونقلة نوعية في العلاج بجميع أوجهه، المتمثلة في توفير العلاج الطبي والمرافقة النفسية والعلاج التجميلي كخطوة جديدة وجبارة بالنسبة للمرضى من سكان هذه المناطق الذين أصبح لديهم اليوم اتصال مباشر مع أطباء في مختلف التخصصات». وكشف المتحدث أن سرطان الثدي، يحتل المركز الأول في السرطانات الخاصة بالنساء اللواتي يستقبلهن مركز مكافحة السرطان، مشيرا إلى أن أعداد المرضى مرتبطة بما يستقبله المركز من حالات تتلقى العلاج فيه، حيث قدر تعداد مرضى سرطان الثدي بنحو 150 امرأة مصابة بسرطان الثدي خلال السنة الماضية. وقال إن «الفريق المتواجد بالمركز فريق متخصص بالعلاج وفيما يخص المجال البحثي توجد فرق طبية متخصصة في المجال والتي تطلع على أبحاثها الفرق الطبية للعلاج، ولكن على العموم لا تغيير في الأسباب المباشرة لسرطان الثدي، كما أنه تبقى مجموعة من الأسباب غير المباشرة التي إذا اجتمعت قد تؤدي إلى ظهور الاصابة عند المرأة من أهمها القلق، زيادة الوزن، الجانب الوراثي، العلاج الهرموني كالاستعمال العشوائي لحبوب منع الحمل، دون مراجعة طبية، كل هذه الأسباب، تجعل لدى الجسم قابلية لإحداث طفرة أو لظهور خلايا سرطانية». وعن الحالات التي استقبلها المركز، أوضح أنها، في معظمها، حالات متنوعة، منها 50 في المائة في مراحل من متوسطة إلى متقدمة و50 في المائة تتقدم للعلاج في المركز في الوقت المناسب، بالإضافة إلى بعض الحالات التي تم اكتشافها من خلال نشاطات مركز مكافحة السرطان ومستشفى محمد بوضياف في الحملات التحسيسية للكشف المبكر عن سرطان الثدي والتي مكنت من اكتشاف حالات جديدة، مضيفا أن في بعض الأحيان تكون الحالة في مرحلة متقدمة وهي قليلة وذلك بسبب نقص الثقافة الصحية والخوف الحقيقي من مرض السرطان. بالنسبة لمراحل العلاج في سرطان الثدي، تختلف من حالة إلى أخرى، وحسب التشخيص الباطني للورم السرطاني، فبعض الحالات تتطلب العلاج الجراحي والعلاج الكيميائي والعلاج بالأشعة في نفس الحالة وقد يتطلب الأمر العلاج الهرموني وهناك حالات تحتاج لعلاج جراحي فقط بحسب المتحدث. وهنا أكد المتحدث أن كل هذه المراحل العلاجية في سرطان الثدي تحديدا، يتكفل بها مركز مكافحة السرطان بورقلة، تبعا لكل حالة، وبالنسبة للعتاد الطبي المتخصص فإن مركز ورقلة يقدم كل ما هو متاح في إطار الإمكانيات التي وفرتها الدولة، مشيرا إلى أن السياسة الصحية للدولة في تطور دائم، حيث تم مؤخرا تدعيم المركز بجهاز جديد مسرع لعلاج السرطانات والذي سيكون في الخدمة شهر نوفمبر القادم. وقال محدثنا إنّ «كل الحالات التي يستقبلها المركز، يتم التكفل بها وتخضع لمراحل العلاج خطوة بخطوة، وإذا تطلب الأمر، يتم توجيه الحالة نحو مراكز المستشفيات الجامعية، لكن غالبية المرضى والذين هم بنسبة 95 في المائة من البالغين، كل العلاجات يتلقونها على مستوى مركز ورقلة بنسبة 95 في المائة، تبقى فقط بعض العمليات الجراحية المتخصصة أو المعقدة التي في حاجة إلى إطار طبي متخصص في ميدانها والتي يقوم المركز من خلالها بمرافقة المريض وتوجيهه نحو المركز الذي يجب أن يتنقل إليه لإجراء العملية». ثقافة صحية سليمة.. ضرورة ملحّة.. أما فيما يخصّ الجانب التوعوي الوقائي الذي يأخذ جانبا مهما، اعتبر الدكتور دبة أن هناك خطوات ثابتة نحو تغيير الثقافة الصحية ولكنها تحتاج إلى مزيد من التنظيم، إذ تستدعي هذه الثقافة منا كمجتمع أو منظومة كاملة تغيير الأساليب، من خلال إدخال المفاهيم الصحية للطفل خاصة، بنسب معينة حسب سنه وقدرته على الاستيعاب، بما يساعد الفرد على اكتساب قابلية لإدراك هذه الثقافة الصحية والإيمان بها. وعرّج محدثنا على ضرورة تنظيم حملات توعوية تحسيسية وحملات للكشف المبكر موجهة خاصة للمناطق النائية، مشيرا إلى أن استراتيجية قطاع الصحة بالولاية تأخذ بعين الاعتبار هذه الحملات، خاصة في المناسبات المتعلقة مثلا بشهر أكتوبر الوردي، حيث يتم التحرك بطريقة سريعة للوصول إلى هذه المناطق، وهي حملات على العموم يجب أن تكون مستمرة ومتواصلة لتعزيز هذه الثقافة لدى مختلف فئات المجتمع. هذا، بالإضافة إلى أن الأطباء العامين أيضا يمكنهم تلقي دورات تدريبية في مراكز مكافحة السرطان، ضمن استراتيجية أطلقتها وزارة الصحة، من أجل تحيين المعلومات الخاصة بالسرطان لدى الأطباء العامين، حيث يستقبل حسبه مركز مكافحة السرطان بورقلة الأطباء العامين من 6 ولايات من الجنوب الشرقي للتكوين والرسكلة لمدة 10 أيام لتعزيز مساهمة الطبيب العام الذي يمكن أن يكون في كثير من الأحيان طبيب العائلة لتوعية النساء بضرورة الفحص، كذلك الأمر بالنسبة لأطباء العمل يمكنهم توعية النساء العاملات كل في ميدانه، حتى تصبّ هذه المساعي في اتجاه واحد وهو الكشف المبكر عن سرطان الثدي. مصلحة للطب النووي لتعزيز التكفل الصحي في إطار دعم سبل التكفل بالمرضى عبر ولايات الجنوب كذلك، تعززت ولاية ورقلة بأول مصلحة للطب النووي في الجنوب والتي دخلت حيز الخدمة فعليا في ديسمبر 2019، تعتبر أول مصلحة في الجنوب ورابع مصلحة في الطب النووي عبر الوطن، وهي مطلوبة كداعم أساسي للعديد من التخصصات الطبية حسب رئيسة مصلحة الطب النووي راضية بن يوسف. توفر هذه المصلحة العديد من الخدمات بالنسبة للمرضى وخاصة مرضى السرطان الذين أصبح بإمكانهم بعد استحداث هذه المصلحة، إجراء فحص العظام أو تصوير العظام النووي، الذي يعد أول خطوة ضرورية بالنسبة لمريض السرطان المقدم على عملية جراحية أو العلاج الكيميائي. وبالنظر لأهمية الخدمات التي تقدمها للمرضى في الولايات الجنوبية، فإن هذه المصلحة ساهمت كثيرا بتواجدها عبر المؤسسة العمومية الاستشفائية محمد بوضياف بورقلة في تخفيف عناء التنقل نحو ولايات بعيدة، من أجل إجراء هذه الفحوصات التي أصبحت توفرها هذه المصلحة. تقدم هذه المصلحة كل الخدمات المطلوبة لفائدة المرضى وكافة الإمكانات البشرية والمادية متوفرة عبر مصلحة الطب النووي، التي تستقبل العديد من المرضى من ولايات الجنوب المجاورة لولاية ورقلة وحتى من ولايات أخرى عبر الوطن. هذه المنشأة الصحية التي تعتبر إضافة فعلية كما أكدت رئيسة المصلحة تقدم كافة الخدمات بما هو متاح لها من إمكانيات، حيث يمكن للمريض من خلالها إجراء الفحوصات المطلوبة، كما أن التقرير الطبي للتصوير النووي يصدر في نفس اليوم لتخفيف العبء على المرضى. وينتظر - حسب المتحدثة - أن تدعم هذه المصلحة بالعلاج باليود الذي من شأنه المساهمة في تخفيف معاناة المرضى في الجنوب، وكذا تخفيف الضغط على المراكز الاستشفائية الأخرى المتواجدة عبر الوطن.