مراجعة قانون الصفقات العمومية بغرض التكامل تكتسي عملية تنصيب لجنة خبراء من قبل وزير الداخلية والجماعات المحلية لمراجعة ودراسة قانوني البلدية والولاية أهمية كبيرة من أجل إعادة تفعيل الدور الأساسي لهذه الخلية، التي تعتبر النواة الأولى في الهرم الإداري المؤسساتي للدولة، والعمل على تحضيرها وترقيتها لمستوى تطلعات المواطنين والتحديات الاقتصادية والاجتماعية خصوصا ما تعلق بمهمة تحرير المبادرة والمساهمة في إنتاج الثروة وتثمين المرفق العام بما يعزز من مصادر التمويل والخزينة المحلية. شكل مطلب مراجعة وتحيين قانوني البلدية والولاية أحد المطالب الأساسية للمنتخبين باختلاف توجهاتهم السياسية والحزبية وعلى تنوع وتعدد العهدات الانتخابية التي عرفتها الجزائر منذ بداية التعددية، نظرا لما يمثله هذا الإطار القانوني والتشريعي من مساعدة ومرافقة لرؤساء المجالس الشعبية البلدية في أداء مهامهم في أحسن الظروف وبأكثر عزيمة وحماية، بما يضمن تحرير المبادرة والتحكم في منظومة الصفقات العمومية وتجسيد المشاريع المسجلة وتفعيل قطاع الاستثمار المحلي لتنويع مصادر الدخل. كما كان القانون رقم 11/ 10 المؤرخ في 22 جوان 2011 المتضمن قانون البلدية محل نقاش مستفيض وتقييم من قبل الخبراء والمختصين في الدراسات القانونية الذين طالبو خلال اللقاءات والملتقيات العديدة التي احتضنتها الجامعة بضرورة إعادة النظر في النصوص ومواد القانون حتى تستجيب للتحولات الراهنة وتعطي أكثر صلاحيات للمنتخبين من أجل التحرك وعدم تبرير الفشل في الميدان بمعوقات هذا القانون الذي قلص من هامش المناورة وأعطى مزايا للإداري على حساب المنتخب المحلي، وبالتالي يشكل تعديل ومراجعة القانون فرصة لتدارك كل الاختلالات ومنح صلاحيات جديدة لرئيس البلدية. في هذا الإطار، وعن أهم المقترحات المحتملة على مشروع قانون البلدية قيد التعديل، أكد الخبير القانوني والمحامي فاروق قسيور، متحدثا ل»الشعب»، أن الشق الاقتصادي وإدارة الصفقات العمومية والاستثمار المحلي، يمكن أن تأخذ حصة الأسد في النقاش والإثراء، وحتى التعديل من قبل الخبراء المشاركين في لجنة مراجعة قانوني البلدية والولاية، بالنظر الى أهمية هذا الجانب، بسبب الصلاحيات المحدودة للمنتخبين، ورئيس المجلس الشعبي البلدي بالخصوص الخاضع لرقابة الوصاية سواء الدائرة أو الولاية، وهذا مقارنة مع مجال التسيير الإداري حيث يملك الرئيس الصلاحيات المطلقة تقريبا في إدارة الشأن العام». وكشف الخبير القانوني، بهذه المناسبة، أن «جل النزاعات داخل البلدية وبين الأعضاء المنتخبين ولجان التسيير تدور حول مشكل الصفقات العمومية وطريقة إدارة منح المشاريع العمومية ومراقبتها، وبالتالي نقترح أيضا مراجعة قانون الصفقات العمومية لسنة 2018 من أجل التجانس وتحقيق التكامل مع قانون البلدية والولاية المقترح للمراجعة، وإعطاء حرية أكبر للمجالس المنتخبة ورئيس البلدية للتحرك واقتراح المشاريع التي تهم المواطن ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المحلية المقيدة حاليا بهيئات ولائية بديلة في الغالب تكون بعيدة عن اهتمامات البلدية وخصوصياتها الاقتصادية».كما طالب المحامي والقانوني فاروق قسيور، بضرورة إعادة الصلاحيات التي فقدها رئيس المجلس الشعبي البلدي منذ سنة 1990 في الجانب الاقتصادي والاستثماري كصلاحية منح العقار الصناعي للمستثمرين لتشجيعهم على انجاز مشاريع على تراب البلدية لتحريك الديناميكية الاقتصادية وتوفير مناصب الشغل ودعم الجباية المحلية، وهي الصلاحيات التي عادت الى اللجنة الولائية للمساعدة على تحديد الموقع وترقية الاستثمار «كالبيراف» سابقا ووكالة التسيير والتنظيم العقاري، مع أهمية تقليص هيمنة الإدارة أو الوصاية الممثلة في الولاية والدائرة على مداولات المجلس والمصادقة على مختلف المشاريع، وأيضا النقطة المتعلقة بالتوقيف الإداري للمنتخبين المحليين من قبل والي الولاية التي تتعارض مع نص وروح القانون وكذا قوة التمثيل التي يحظى بها المنتخب.