على السّفوح أشجارٌ تصرخ وفوق التّلال صخورٌ تصرخ وفوق البحار أمواجٌ تصرخ وفي حوض الدّار زهورٌ تصرخ وفي الأفُق أملٌ يَلُوح يا قمّةَ فلسطين.. هذا الشّعب قدّيس عانقوه.. هُتافه زئير.. وعُرسُه غارٌ وعبير عانقوه.. وارفعوا للمجد صروحًا لا نريد قلبًا طيّبًا.. ووجهًا سموحًا نريد قلبًا يليق بالشّعب الطّموح نريد عقلًا يتقن فنَّ الشّموخ فلقد تساوى العشق للحياة وللموت يعشقون الحياة والجروح تَنوح! يعشقون الموت كرامةً للرّوح! يا قمّةَ فلسطين.. هناك مَشاهِد لتسريع المَشهد! أمٌ، تنتظر ابنها على الرّصيف، لا تذكر إلّا شهيدَ قلبِها، سقط منها العَظمُ والصّوت والضّلوع! أهل الحيّ، يقتربون منها بحذر! يحاولون اختبار قدراتهم على الإقناع «روحُ ابنك يا خالة.. صعدت للسّماء.. والله سيحيّيه بأبهى صورة.. وما أخذوا سوى الوهم» أهل الحيِّ حرابٌ ودروع! صحفيٌّ يسأل: صِف لنا ابنك الشّهيد؟ الأب يبتسم ويقول: ابني الصّنوبر.. والخروب والزّعتر، ابني كلّ شيءٍ أخضر ينمو بين الفروع والجذوع! أختٌ، تتساءل: أخي لم يكن الجبانَ الخَنوع! لكن مَن الخادع، ومَن المخدوع؟ مقاومٌ فتيّ، لا يتجاوز العاشرة بعد، يمشي في جِنازةٍ بدون صاحب الجِنازة! ويغنّي للشّهيد الغائب: أنت الفجرُ القادم، ذهبت لتعيدَ البسمةَ لتلك الرّبوع! الجثمان يَصرخ: امسحوا دموعكم، جروحي ليست سوى باقةً من شموع! تنير زُقاق الظّلمِ أمام صغارٍ رضعوا الأصالة من ثدي الصّمود، فتدفّقت البطولة من نفوسهم كتدفّق الينبوع! يا قمّةَ فلسطين.. لقد تساوى العشق للحياة وللموت يعشقون الحياة والجروح تَنوح! يعشقون الموت كرامةً للرّوح!