أكد الأستاذ الجامعي لحسن زغيدي أن جريدة “الشعب" ليست كبقية اليوميات المكتوبة، بل تحمل رموزا ودلالات عميقة ومتجذرة في النضال الجزائري، باعتبارها أول جريدة لحزب الشعب الجزائري الذي كان مدرسة للمبادئ الموروثة عن نجم شمال افريقيا. كما أن الجريدة هي الأب الشرعي والوعاء الحصيل الذي نشأ فيه نوفمبر المجيد، على حد قوله. وأضاف في حديث ل“الشعب" أنه بعد الاستقلال رأت الدولة ضرورة ارجاع العنوان ليعبر عن شعب مناضل مكافح منتصر، لذلك فعنوان »الشعب« يحمل عدة دلالات ويحمل شعب جاهد وانتصر، شعب يحمل استمرارية أجيال لم تنقطع في ثوابتها ومبادئها وفيما تحمله من رسائل حضارية، ومبادئ تربوية في اطار روح نوفمبر. واعتبر لحسن زغيدي اليومية بأنها أم الصحافة المكتوبة عبر التراب الوطني، لأنه تخرج منها كمدرسة اعلامية العديد من أرباب القلم ممن أتيت لم فرص فبرهنوا على أنهم ينتسبون الى مدرسة عريقة علمتهم أبجديات الصحافة ومنهجية قراءة واستقراء الخبر. مبرزا في هذا السياق، أن “الشعب" لم تكن جريدة خبرية فقط، بل كانت مدرسة شاملة لكل من يتلهف للاطلاع عليها، ولهذا فقد حملت في طياتها وعبر صفحاتها أفكار أدباء، مفكرين، سياسيين وابداعيين. وفي نفس الوقت، كانت منبر تألق فيها ومن خلالها أدباء شباب في الستينات والسبعينات أصبح لهم في الألفية الثانية وقبيلها شأن واسم على الصعيد الوطني والدولي بمقالاتهم التي خدمت الوطن والانسان، وبما كانت تتحمل من عبء لوحدها رغم وجود أختيها في الشرق (النصر) والغرب (الجمهورية) باللغة العربية، وأختها المجاهد اليومي بالفرنسية والجزائر الاحداث وغيرها من الجرائد. وعلى حد تعبيره، فإن يومية “الشعب" كانت لسان الشعب الجزائري والنظام والترجمان الذي يخفي هموم وطن كامل، وكانت الأم الحاضنة والمدرسة الملقنة بل كانت وزارة الاعلام الشاملة فتخرج منها الوزراء، المدراء والسفراء وغيرهم ممن تلقوا المناصب في الأمة وبرهنوا على الكفاءات والمقدرة في ادارة الكلمة. وقال أيضا أن أصعب ما يدار هي الكلمة وجريدة “الشعب" حولت هذا العنوان النبيل ذو الدلالات الكبيرة الى كلمة مفيدة مؤثرة، ولهذا فاليومية كتب عليها أنها تتجدد في كل عصر ومع الاجيال الى يوم الدين. ووصف زغيدي جريدة “الشعب" بأم الخمسين وصانعة مسار هذه الخمسينية مفيدا بأنها تعد المصدر الاول لكتابة تاريخ الجزائر المستقلة، كونها أحصت يوميات هذا الاستقلال خلال خمسين عاما يوما بيوم وإن لم نقل ساعة بساعة أو لحظة بأخرى. مضيفا بأنها دونت خلال صفحاتها كل مجد هذه الامة وأفراحها وأحزانها، وانتصاراتها. كما دونت كل تلك اللحظات لتكون المرآة العاكسة الحقيقية، والتي تمكننا مستقبلا ومن سيأتي من بعدنا من الباحثين في التاريخ ليجدوا مصدر استلهام للوصول الى ما يصبو إليه في أي مجال من البحوث الاجتماعية، التاريخية، الاقتصادية، والسياسية لمسار الأمة الجزائرية. واغتنم محدثنا مناسبة الاحتفال بخمسينية جريدة “الشعب" ليوجه تحية إكبار وتقدير الى كل من رافق هذه المؤسسة في مسارها الاعلامي، والمهني من صحفيين، إداريين، معاونين وعمال قائلا: “ لأنه بفضل هذا الطاقم جميعا كانت ومازالت وستبقى اليومية هي جريدة الشعب، بها تعلمنا وكبرنا وأصبحت بذلك عنوانا للدولة الجزائرية".