ما يزال معرض «زوم على مزغنة»، المقام في رحاب مؤسسة احمد ورابح عسلة، لفنانة التصوير الفوتوغرافي فاطمة الزهراء حاج احمد، يستقطب عشاق عبق الماضي من محبي توثيق أجمل وأبهى لحظات هاربة من الزمن، بعدسة آلة تصوير صغيرة، نابت عن ألف كلمة في تلخيص قصة كبيرة عظيمة لتاريخ القصبة ومعالمها، وتحدثت بلسان الفن الراقي عن موروث سيظل يسكن فينا ونسكن فيه. استطاعت عدسة العصامية المبدعة فنانة التصوير الفوتوغرافي فاطمة الزهراء حاج أحمد، أن تستنطق أماكن شتى من قلب القصبة و»الدزاير» القديمة، وأن تؤرشف بطريقتها الخاصة ذلك الزخم المعماري والتراثي والحضاري والتاريخي لجوهرة المحروسة، من خلال معرض تفردت في هندسة تصاميم أجمل وأقدم واجهة مازالت تنبض أصالة ودفئا وحبا لا مشروط وسط العاصمة، وما أبت إلا أن تحيي الزوار بتحية «قصباوية» ممزوجة بعبق التراث والأصالة وتصل فحواها إلى كل محافظ على هذه الكنوز الجزائرية بامتياز. 35 صورة تحاكي أصالة الجزائر صرّحت صاحبة المعرض الذي واكب مناسبة اليوم الوطني للقصبة في حديثها ل»الشعب» أن مؤسسة احمد ورابح عسلة احتضنت مجموعة أعمالها المعنونة ب»زوم على مزغنة» الذي يمثل الاسم التراثي لمدينة المحروسة أو البهجة أو الجزائر البيضاء، وقدمت لها الفضاء لتبرز على جدرانه 35 صورة حملت 35 عنوانا، من بينها على سبيل الذكر أقرب صورة لقلب الفنانة والموسومة ب»الحايك»، مشيرة إلى أن هذه الصورة تحمل قصة وعبرة، فهي دلالة على رمز حشمة وجمال وأناقة المرأة الجزائرية، إلى جانب صورة أيقونة الفن الشعبي عمر الزاهي وهو يتوسط راية نادي «مولودية الجزائر»، والتي قالت بشأنها صاحبتها «بأنها أجمل صورة تعبر عن تنمية المجتمع، فهي جمعت بين الفن والرياضة، وهما عاملان مهمان لبناء الأجيال ورقيها»، ثم صورة المكان المعروف ب»لابيشري» أو «الأميرالية»، حصن23 ، سوق الجمعة، القصبة العليا.. حي بوشلاغم، مسجد سيدي عبدالله، وأخرى ذات العلاقة بالموروث القصباوي المحض. كما استعرضت الفنانة، فواصل ثمينة من عادات وتقاليد الجزائريين، لازالت رغم تغوّل التكنولوجيا تكتسح مساحة كبيرة من أجواء تفردت ولازالت تنفرد بها العائلة الجزائرية وفقط، من لمة الأسرة، فرحة الأعياد، المواسم الدينية، وحفلات الأعراس الشعبية فوق أسطح المنازل التي تشد بعضها البعض، وكأنها بنيان مرصرص أو عبر ما يسمى بالطحطاحة، الأرض المستوية والواسعة، وهي عادة ما تكون مدخل كل مجمع سكاني الممتدة إلى رأس الحي. وفي سياق متصل، أكدت المتحدثة بأن الأطفال المنخرطين في ورشات الرسم بمؤسسة أحمد ورابح عسلة، كان لهم نصيب كبير في زيارة المعرض، حيث سمحت المناسبة بطرح أسئلتهم المتنوعة حول محتوى كل صورة، حيث وجدت الأخيرة الفرصة لتجيب عن تساؤلاتهم من خلال طوافهم بأرجاء المكان، وكأنهم في جولة سياحية عبر أزقة القصبة الكثيرة والمتقطعة، المنتهية بأبواب المنازل، المحاطة بعيون بناها في الأصل أبناء مزغنة بشكل بدائي، ومع مجيء أهل الأندلس إلى الجزائر تمّ تصميمها وتزيينها بشكل متطوّر جميل جذاب. رسالة إلى أبناء المحروسة كانت رسالة الفنانة الفوتوغرافية من خلال المعرض، هي حثّ الشباب وتشجيعهم للمحافظة على التراث الثقافي المادي واللامادي والعمراني، موضحة بقولها «أيها الشباب تراثنا وأمجادنا تاريخنا هو كنز لا نستطيع أن نستغني عنه، وبالنسبة للقصبة هي ليست تراث فقط، فهي جديرة بالاكتشاف والبحث، توغلوا في أزقتها وشوارعها وفي كل تفاصيلها العريقة لتسمعوا صفحات تاريخها، وهي تترصد أسئلتكم بكل شغف ومحبة، ولكل العالم أقول القصبة جوهرة المحروسة أدامها الله فضاء شامخا للأصالة والتراث والعراقة». للإشارة، فاطمة الزهراء حاج أحمد مصورة هاوية، بدايتها كانت في 2012 وبواسطة هاتف ذكي، ثم تطورت بتشجيع من أصدقائها المصورين الفوتوغرافيين، قامت بتكوين حول فنيات المجال، ويعتبر معرض «زوم على مزغنة»، هو ثالث معرض لها، وأول معرض لها كان تحت عنوان «السقيفة»، وذلك في نوفمبر 2022، بينما ثاني معرض لها الموسوم ب»السقيفة والدروج والزنقة»، ومن خلال مشروعها المرتقب سترحل بنا في فسحة أخرى من فسحات القصبة ولكن خارج العاصمة، وحسب ما جاء في تصريحها لنا يمكن أن يكون مشروعها القادم حول قصبة قسنطينة «السويقة».