انتعشت مؤخرا سوق التوابل كثيرا، بفضل الوفرة والتنوع وكذا جودة هذه التوابل المخصّصة لعدة أطباق، مثل توابل الدجاج وأخرى للبيتزا والمثوم والحوت، وما إلى غير ذلك، ولم تعد تعرض التوابل التقليدية منفردة، في ظل احتراف العديد من التجار لهذه التجارة الرائجة، أمام حاجة المطبخ الجزائري إليها، وفي العاصمة كما العديد من الولايات نجد عدة محلات داخل وخارج الأسواق، تعرض التوابل القديمة والجديدة وما يطلق عليها المركبة، لأن التاجر المختص بعد أن ورثها أبا عن جد، يقوم بمزج عدة توابل أساسية من أجل الوصول إلى مذاق ذي نكهة رائعة..فكيف وجد المستهلك هذا المنتوج والأسعار؟ اكتظاظ كبير لدى محلات بيع التوابل والأعشاب العطرية، تبدأ تقريبا من شهر شعبان إلى غاية نهاية شهر رمضان، ولا تستغني أي عائلة جزائرية عن التوابل لتحضير الأطباق الرمضانية التقليدية، ويؤكد بعض الباعة المختصين في هذه التجارة المتوارثة أبا عن جد، أن التوابل الجزائرية تعد من النوعية الجيدة خاصة تلك المنتجة محليا، ويضاف إليها منتجات أخرى تستورد من عدة بلدان من بينها الهند وباكستان والصين وتركيا. ويتم تحضير راس الحانوت من طرف هؤلاء الباعة، لأن عدة أطباق تقليدية مثل الحريرة والشوربة تحضّر من هذا التابل المطلوب بقوة، لكن بعض العائلات العاصمية، مثلما أكدت السيدة زهور رافعي الستينية، بعد أن التقيناها في إحدى محلات العطارة ببلدية براقي في العاصمة، تقتني التوابل غير مطحونة وتحضّر رأس الحانوت المكون من 7 أو 9 توابل ممزوجة مع بعضها البعض في المنزل لأنّ هذا التابل المهم والرئيسي ضروري في المطبخ الجزائري، ويتشكّل من الكمون والفلفل الأسود والقصبر وما إلى ذلك، من أجل تفادي أي عملية غش قد تتعرض إليها. وقالت إنّها ورثت هذه التقنية عن جدتها. وأشارت إلى أنّه خلال السنوات الأخيرة تحسّنت هذه التجارة، لأنه صار يعرض منتجات ذات نوعية جيدة بالعاصمة، بعد أن كانت تفضل اقتناءها من مدينتي سطيف ومغنية. سيدة أخرى تدعى زينب برادعي، ترى أن اختيار العطار الجيد سر تحضير الأطباق المنكهة وذات مذاق رائع، ويكفي فقط العثور على هذا التاجر النزيه، ليكون مصدر التوابل المتميزة. وتعتقد أنه بالنسبة للأسعار فإن التوابل المنتجة محليا يكون سعرها منخفضا مقارنة بنظيرتها المستوردة، لكنها ترى أن البائع يمكنه أن يمنح المشتري الكمية التي يرغب فيها بداية من سعر 50 دج. يقع محله التجاري في بلدية باش جراح، ويزاول هذه التجارة باهتمام ولديه زبائنه الأوفياء، إنه «أحمد - ش»، يقول بأن هذه التجارة لا تقل أهمية عن تجارة الخضر والفواكه وكذا اللحوم لأنها محسنة لمذاق الأطباق، ويرى أن الأسعار ترتفع في التوابل المستوردة، مثل الكاري والكركم والهيل والريحان، لذا يحرص في محله على عرض كل ما يتوفر بالسوق، وبأثمان مختلفة ومتباينة حتى يتمكن أصحاب القدرة الشرائية المنخفضة من اقتنائها، وقال إنه يتوفر من المنتجات المحلية العشرات من التوابل قد تصل إلى 50 أو 60 أو أكثر بقليل، والبقية تستورد من الخارج على غرار الهند والصين. وتحدّث عن إقبال بعض الزبائن على اقتناء التوابل غير المطحونة وأسعارها تكون أعلى نوعا ما مقارنة بالمطحونة، حرصا منهم على الحفاظ على رائحتها القوية وخوفا من الغش، لكنّه أكّد أن لديه زبائنه، ولديه طلبيات تسبق شهر رمضان وكذلك قبل عيد الأضحى بأسابيع، ويحرص على تلبيتها ولذلك يضطر للتنقل من ولاية لأخرى من أجل توفيرها لزبوناته على وجه الخصوص لأن عددهن أكبر. وفي الأخير، ذكر أنّ سوق التوابل في الجزائر يتّسع شيئا فشيئا والطلب عليه يزداد، وفي كل ذلك الزبونات تبحثن دوما عن الأجود، فلا فرق بين ميسورة ومحدودة الدخل في مادة التوابل.