كشف اليوم الدراسي المنظم بالمجلس الدستوري حول (الديمقراطية عن طريق القانون)، الكثير من التلاعبات في استعمال المفاهيم السياسية المتعلقة بهذه المسألة، فالدول والأنظمة المستبدة، يمكن أن يطلق عليها دولة القانون بالنظر لكونها تسير بقوانين وتطبق تشريعات معينة، كما تحدث الخبراء والمختصون عن تراجع الممارسة الديمقراطية وفشل الأممالمتحدة في ضمان حقوق الشعوب ووضع حد للأزمات التي باتت مطيّة للتدخل في شؤون الدول الداخلية وفرض الديمقراطية بالقوة. أكد، أمس، محمد بوسلطان أستاذ القانون الدولي بجامعة وهران أن التحولات الكبيرة للعلاقات الدولية قد أثرت كثيرا على واقع الديمقراطية خاصة في دول العالم الثالث التي باتت مخبرا لفرض الديمقراطية القسرية من خلال استعمال القوة، مثلما حدث في ليبيا وسيراليون وهايتي، حيث تم اللجوء لمجلس الأمن لاستصدار ترخيص خاص لفرض الديمقراطية بالقوة أو إعادة تنصيب رؤساء مخلوعين مع التلاعب بتأويل المادة 7 من ميثاق الأممالمتحدة حسب مصالح الدول الكبرى لتبرير سلوكات معينة. وقال بوسلطان، بأن اللجوء للقوة والتدخل العسكري حسب الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة يتم عند تهديد الأمن وخرق السلم والعدوان، وهي الأمور التي لم تحدث وتم استعمال القوة. وانتقد بوسلطان محاضر «الديمقراطية عبر القانون الدولي.. هل يصلح التطبيق القصري» التي ألقاها في اليوم الدراسي سياسة مجلس الأمن المستبدة والتي تسعى لفرض ونشر الديمقراطية في تناقض صارخ. وقال بوسلطان بأن أحسن وسيلة لتطبيق وإنجاح الديمقراطية هي تلك التغييرات التي تأتي من الداخل وبالطرق الحديثة والسلمية بعيدا عن أي تدخل أجنبي مثمنا التجربة الجزائرية التي استفادت كثيرا من دروس الماضي وعرفت كيف تضع أسسا متينة وتحقق نموا معتبرا في مختلف المجالات. واعتبر في سياق متصل، تكوين الشعوب عن طريق جمعيات المجتمع المدني والأحزاب في سياق التنشئة السياسية التي تسهل إنجاح الديمقراطية في دول العالم الثالث. وأشار أندري كنابيس أستاذ بجامعة تولوز إلى أن التوتر والصراعات لا تشجع على إرساء الديمقراطية التي تتراجع بصفة رهيبة حتى على مستوى الديمقراطيات التقليدية التي كثرت فيها التعيينات دون المرور على انتخابات، وثمن كنابيس الإصلاحات التي باشرتها الجزائر منذ نهاية الثمانينات، وقال أن الدستور حرر الكثير من السلطات على غرار السلطة القضائية التي اعترف بها كسلطة مستقلة بعد أن كانت عبارة عن وظيف عمومي وفي خدمة الاشتراكية. وأكد كنابيس بأن إسناد ترأس لجان ومجالس القضاء العليا لشخصيات قانونية يعكس مدى رغبة السلطات التنفيذية في تشجيع الديمقراطية من خلال منح القضاء صلاحيات أوسع وهو الذي يطالب دائما بالمزيد من الاستقلالية. وختم كنابيس حديثه بالتأكيد على أن احترام القوانين والدساتير وعدم الدوس عليها هو أحسن طريق لحماية وتجسيد الديمقراطية التي «أؤكد أنها تتراجع بصفة موسعة... حتى في فرنسا».